"على الفنّ أن يواسي من كسرتهم الحياة "..
جملة كانت تعتنقها إيڤا وتؤمن بها، تؤمن بأن الغناء والموسيقا هي متنفسها، هي مواساتها الوحيدة في هذا العالم..
فلم تكن تتردد من الغناء كلما اجتاحتها الرغبة بإخراج ما بداخلها من مشاعر.. سواء كانت مشاعر حزن أو فرح او تعب..صعدت أدراج الشركة رويداً رويداً لتصعد لسطح مبنى الشركة..
تفحّصت المكان بنظرة واسعة لتراه يحوي بعض المقاعد المحاطة ببعض النبات..
"مكان مثالي للغناء واطلاق العنان " لمعت الفكرة برأسها..
كانت تعتريها سعادة طفولية بعض الشيء.. فلقد فازت في معركة صغيرة وبقوّة..
لاسببَ منطقيّ لشعورها بتلك الطاقة والسعادة.. لكنها غمرتها ورغبت بالغناء بشدة..
تخلت عن كل جمودها وعبوسها وبرودها الذين تحتويهم في الاسفل وصعدت لتظهر حقيقتها مع نفسها..
لكنها لم تكن حذرةً جداً.. فلم تلحظ وجود أحدهم خلفها..
وقفت على أحد الحواف وأخذت تغني أغنية إيطالية تحبها.. فهي مليئة بالحيوية، وهذا تحديدا هو الشعور الذي يتملك إيڤا..
أطلقت العنان لنفسها بقوة..
لا أحد بإمكانه تفهّم كم أنّ هذا الحدث الصغير هو إنجاز ضخم لصغيرتنا إيڤا..
كحال آرثر الذي لم يفهم سبب حيوية غنائها على غير ما يسمعه عادة.. في النادي اغاني صاخبة، في الحديقة كانت أغنيّة متشبّعةً بغصّة شديدة والآن .. كأنها ليست هي أبداً..
من غير المحبذ أن نعيد ذكر كمّ الاسئلة المتطاير حول دماغ آرثر والذي لتوه زاد أضعافاً مضاعفة..
لٱنه تجاهل كل هذا الكمّ ليستمتع معها بصوتها، ويسعد لسعادتها التي يجهل مصدرها.
كانت أغنيتها حيوية وسعيدة لدرجة أن آرثر شعر برغبة شديدة في الرقص..
دقائق قليلة حتى انتهت اغنيتها.. وبذات اللحظة قرر آرثر دخول المكان.. بداخله رغبة شديدة لفتح حديث خاص ٍ معها، وليس هناك أفضل من هكذا سؤال استفتاحي.." أكان ذلك الصوت صوتك؟, إنه جميلٌ جداً"
دخل بخطوات ثابتة وقد رسم الصليب على صدره علّه يستجمع حظه أجمع في هذا الموقف الصعب.
"أكان ذلك صوتك؟! " قالها وهو يتقدم رويداً بخطوات هادئةٍ جداً ليقف بجانبها وعندما أصبح بقربها أحس بأنها أصبحت جامدة فقرر أن يترك لنفسه منفذاً صغيراً ليردف " أم أنني كنت أتخيل سماع صوت غناء!! "
" آرثر كن أكثر قوّة.. فلتهدّأ نفسك.. نهايةً هي لن تأكلك" تكلم الى نفسه وقد أدار وجهه ليناظر وجهها..
شاهد شبح ابتسامة صغير يرتسم على وجهها الذي لايكاد يكون ظاهراً بسبب شعرها المنسدل بكثافة.