أدركت منذ زمن انني أمتلك روح رجل عجوز، لا تجاري أفراد جيلي وأن المرحَ و اللهو و الطيش لا يشعرني بأني افضل حالا بل كان دائما ما يزيد شعوري بالتعب و ثقل الروح، أنا أشبهُ ساعةٍ قديمة قد تململت عقاربها من الدوران حول مركزٍ واحد بلا هدف واضح أو سببٍ مقنع، فانا منذ خُلقت وأنا أدور ولا أدرك ما معنى الوقت وكيف يمضي.
بدأ صوت الساعةِ يزداد كلما مر الوقت، مثلما بدأت روحي تتآكل، وينتابني السؤال هل عقارب الساعة تشعر بالوحدة؟ هل وجود الثلاث عقارب سويةً لمدة طويلة أصبح موحشًا؟
كيف لنا أن نعرف ما الذي يخفيه هذا العالم لنا ومتى سياتي غيث المطر، فإننا كعقاربِ الساعة ندور وننتظر الوقت لكي يُغير شيئًا ما.
..
هل من الحكمة أن نبقى نَنظر الى السماء؟ هل سياتي الغيث تحت أنظارنا؟ أم أنه خَجلٌ من وقع الانتظار.
رغم زَعمي بإمتلاكي روح عجوز حكيم لم أدرك أن الغيث لا ياتي بالانتظار، عليك أن تحرثَ الأرض و تغض الطرف عن السماء لكي يحضرَ الزائر ُ الخجول.
وأنا قد مللت التساؤلات و جفت دموعي قبل أن تهطل، واذ بالغيومِ تتراكم و السماء تلوّنت و بدأ شعاعٌ الشمسٍ يُحجَب شيئًا فشيئًا إلا القليلُ من الأشعة فقد نفذت من بين شقوقِ الغيوم وكأنها محاولاتٌ أخيرة منها لكي تبقى، وبدا المنظر مبهجا جدا لقلبي.
كان منظر شعاع الشمس يخترق طبقات الغيوم يذكرني بالأحداث الجميلة، فمنذ طفولتي إعتادت عائلتي الذهاب الى الينابيع المنخفضة في بداية شهر الربيع، فتلك المناطق تمتاز بتجمع مياه الامطار وتدفقها من الأرض وبسبب انخفاضها كانت تمتاز بدفء اجوائها، فكان في بداية الربيع تنظر الى السماء فتراها متزينة بين الغيوم و شعاع الشمس الذهبي و صوتُ خرير الماءِ يجري و أصوات الأطفال تلهو و الكبار يَعدوّن الطعام ورائحة الشواء تفوح بالمكان، أليس من الممتع أن تحظى بتلك الذكريات؟ ما الذي تغيّر في نفسي وجعلني ما أنا عليه؟
أنت تقرأ
عشرة أعوامٍ في سن العشرين
Short Storyأما بعد، أيها العالم المظلم و أيتها الشموس المضيئة ويا أيها الحنينُ الكبير، أنا هنا اواجه جُلّ ما واجهته وبيدي حنيني وحبي و قلمي، لا اخشى كوني لا أحد وإني لا أخشى أحد. براسي المليء بالحذر أنا اليوم اكتب قلبي على قلب هذه الحياة وإني ما عُدت كما أنا...