لا أذكر متى بدأت قصتيّ ومتى بَدأتُ أرويها بداخل عقلي وكأنها قد سُجلت من قبل لإحدى الأفلام الوثائقية، أشعُر دائمًا أني لست أنا مَن كتبها ولست مسؤولاً عن أحداثها إنما من يجلس على الكراسي المرصعة بالذهب و أيديهم مليئةٌ بالمجوهرات المزينة بدمائنا هم من جعل مؤثرات الأفلام تبدو واقعيةً في قصتي.
ما أذكره جيدا أول مرة سمعت فيها صوت دويّ البراميل المتفجرة وهي تسقط من الطائرات على عمارةٍ قريبة من منزلي، شعرت حينها أن دمائي قد تجمّعت في أقدامي ولم أستطع الحراك لمدة عشر دقائق رغم فضولي برؤية مالذي حدث، عندما عادت الدماء لمجراها الطبيعيّ نظرتُ خلفي لأرى أبي الذي يبلغ من العمر ما يقارب الستينَ عامًا وهو يضعُ يديّه على صدرهِ ويردد الدعاء الذي أصبح مألوفا لي مع مضيّ السنوات: " اللهم لا أسألك رد القضاء وإنما أسألك اللطف فيه."
ما أسعفني حينها أن والدتي و أختي الصغرى كانتا في زيارةٍ لبيت عمتي الذي يقع بعيدًا عن موقع سقوط البرميل ولكنها كانت دقائق حتى صَفعنا أنا وأبي صوت الهاتف وهو يرن واذ بها امي، جلس أبي لعدة دقائق وهو يناظر رنين الهاتف وكأنه يريد التأكد انه مازال حيًا.
رفع أبي الهاتف و أجاب: "نعم" بصوته المعتاد وكأنه قد جمّع كل أرادته لكي يقولها بتلك النبرة، وبدأت أمي بالبكاء وصوتها علا لدرجة إني قد سمعت نحيبها وهي تقول: " رجاءً اخبرني أن قيس لم يصبه أيُّ أذى"، لوهلة قلت بقلبي من هو قيس؟! قد نسيت إسم إبنهم الأكبر، نعم أمي تكنى بأمِ قيس و قيس التي كانت تبكي عليه قبيل اي أحد هو أنا، اجاب أبي بنبرة عصبية ولكنها تدعو للهدوء:" كفاكي تخريفًا، انا وقيس بخير ولا شيء يدعو للبكاء يا ايتها الطفلة."
منذ قال تلك العبارة والبكاء و الخوف لم يرحل عنّا أو عن اي شخصٍ آخر في مدينتنا.
أنت تقرأ
عشرة أعوامٍ في سن العشرين
Short Storyأما بعد، أيها العالم المظلم و أيتها الشموس المضيئة ويا أيها الحنينُ الكبير، أنا هنا اواجه جُلّ ما واجهته وبيدي حنيني وحبي و قلمي، لا اخشى كوني لا أحد وإني لا أخشى أحد. براسي المليء بالحذر أنا اليوم اكتب قلبي على قلب هذه الحياة وإني ما عُدت كما أنا...