أريد أن ابدأ قصتيّ من بدايتها، منذ أول قطرة دم و أول برميلٍ متفجر و أول شهيدٍ قد زفته الأمهات تحت وقع أناشيد الثورة، ولكنني حائرٌ بالذين قد استشهدوا و حُبسوا و عذّبوا من قُبيل تلك الثورة المعروفة؟ هل كانت عشر سنين؟ ام انها بدأت منذ أربعين عامًا ولربما أكثر ؟
الأمور العظيمة لا تبدأ بهتاف أطفال بريء ولا حتى الإدعاء أن المسيرات كانت ممولة من جهات إرهابية، كيف لشعبٍ كاملٍ ان ينتفضَ من تمويل ارهابي؟!! لنقُل إن أبطال بداية القصة الآن اصبحوا بعُمر والدي -حفظه الله- الذي قد سُلب منه عُمره وهو في السجون يتنقل من قسمٍ لقسم، كيف له أن يغفر؟! ومن يعيد له السنين إن غَفر؟ أذكر كلمات أبي حين سمعنا أن الشعب خرج احتجاجًا في إحدى المدن، قال لي: " يا بُني إن حق الوالد ينتزعه إبنهُ ولو بعد حين، والدم الذي يسفك لا يتبعه إلا الدم، والظلم دوائر تدور و حبل الكراهية لا ينتهي و اللعنة واقعةٌ على من بدأ الفتنة."
لقد كنت حينها غلامًا لم أبلغ سن الرشد بعد، وكانت أكبر طموحاتي أن أشتريَّ ملابس للعيد و أنتظر بفارغ الصبر هدية والدي التي يقدمها لي بعد قيامنا بصلاة العيد.
قد صُدمت حقا كيف لعشرة سنوات أن تنزع مني كل شيء، أجدُ نفسي مكسور القلبِ في سن العشرين لا يحزنني تقيمي الجامعي كما باقي شباب عمري، ولا أشتكي ضيقًا من والدي الذي يسعى لتربيتي وإبعادي عن العادات المجتمعية السيئة مثل أصدقائي الذين هاجروا الى دولٍ أوروبا، أنا هنا، باقي في بلدي أشتكي الذل والجوع وعلى كاهلي أعباء جعلت مني عجوزًا في سن العشرين.
أنت تقرأ
عشرة أعوامٍ في سن العشرين
Historia Cortaأما بعد، أيها العالم المظلم و أيتها الشموس المضيئة ويا أيها الحنينُ الكبير، أنا هنا اواجه جُلّ ما واجهته وبيدي حنيني وحبي و قلمي، لا اخشى كوني لا أحد وإني لا أخشى أحد. براسي المليء بالحذر أنا اليوم اكتب قلبي على قلب هذه الحياة وإني ما عُدت كما أنا...