~الفصْلُ الرَّابعْ: قُربانٌ مرفوض؟~

626 145 69
                                    

~الخامسُ و العشرونَ من تموز سنة2019~

لم أذهب إلى مكانٍ آمنتُ بأنَّه سيريحني سابقًا...المسجد

و لم أذهب إلى مكانٍ آخر أخشى أن يوقعني في مكيدته...الكنيسة

بل ناجيتُ في رحلتي للبحثِ عن الحقيقةِ كوخًا مهترئًا

وجدتُ بداخلِ ذلكَ المكانِ عجوزًا طاعنةً في السنِّ تؤدِّي صلاتها و سكينةٌ أصابتْني بالغبطةِ باديةٌ على محيَّاها

انتظرتها في صمتٍ و عندما أنهتْ صلاتها دعتني للجلوسِ على مقعدٍ متألِّفٍ من جلودٍ متلاصقة

لم أظنَّ الأمر سيجري بسلاسةٍ هكذا...أكانتْ تتوقَّعُ قدومي؟

«ما تفكِّرينَ بهِ صحيح! علمتُ أنَّني سأستقبلُكِ اليوْمَ في كوخي المتواضع»

أمالتْ رأسها قليلًا جهةَ اليسارِ و هي تتفحَّصني بعينيها الشهلاء و أنا لم يختلف حالي

شكلها غريب حقًّا!

رداءٌ أبيضٌ يغطِّي كاملَ جسدها ما عدا وجهها الذي غلَّفته التجاعيد العميقة، لكنَّ ذلكَ القسم الصغيرَ من جسدها كشف لي عن شدَّة بياض بشرتها... و كأنَّ نورًا ينبعثُ منهُ فأطفأهُ فركي لعينيَّ بتوتُّر

أنا فقط أحتاج إلى النَّوم!

«تبدينَ مرتبكَة و ضائعَة...ضائعةٌ بين طيَّات عقلك»

مدَّت لي يدها تدعوني إلى إمساكها و دونَ تردُّدٍ فعلت...و صُدِمت

كانتْ شديدةَ البرودة...برودةٌ تغلغلتْ إلى جوفي و سبَّبت  لي شعورًا غريبًا

عندها طرحتُ عليها سؤالًا مألوفًا لكلِّ من حاولَ لمسي

« أتملكينَ يدًا أو مصيدة؟ هذا فخ؟»

تركتْ يدي فشهقْتُ تلقائيًّا لفظاعةِ الشعور عندما انسحبتْ تلك البرودةُ من جسدي

«هذهِ هي طريقتي في معاينةِ الزائر، و أنت ظننتِ أنَّني طلبتُ منكِ السلام و التحيَّة لذلكَ لننعتَ يدي بالفخ...فعلا هي كذلك!

و هي تقولُ أنَّ روحكِ و جسدكِ في الحضيض»

كدتُ أن أجيبها فقاطعتني بأمرٍ... لا اقتراحٍ أو طلب

« ضعي قربانًا للَّهِ في جرَّة و عودي إلى هنا إن تلقَّيتِ منهُ جوابًا...عمَّتُكِ تقتربُ من هنا فيبدو أنَّها تخلَّصت من جُبنها أخيرًا»

ابتسمتْ بسخريةٍ تعمَّدت بها استفزازي ثمَّ حملت سجَّادتها مجدَّدًا و عادت إلى الصلاة

تتجاهلني لأداء عبادة؟ أوليست المعاملات الحسنة بين البشر بحدِّ ذاتها عبادة؟

    •

~إلْحادٌ إلَّا رُبْع~حيث تعيش القصص. اكتشف الآن