الفصل الثاني

4.3K 210 7
                                    

الفصل الثاني

دخلت سيلين إلى جناح ولَدَيها بالقصر الّذي خصّصه لهما كايدين بمدخلين ومخرجين ، واحد متصل بالقصر من الداخل والآخر منفصل ، كي يضمن لهما الخصوصية التي يحتاجانها بسنهما هذا.

وجدت آرُن خلف مكتبه منكباً على الدراسة ، إبنها المجتهد الذي يريد أن يصبح طبيباً جرّاحاً،
رفع أرُن نظره عن كتابه يستقبل والدته بإبتسامة مرحبة «ليليا ، كيف حالك ؟
إحتضنته بشدة تقبل وجنتيه بحنان مفرط تتمسك به حين حاول التملص منها، ولدها الحبيب لا يحب الأحضان والقبلات ولكنّها تصر على منحه ايّاهم رغم أنفه.
«كيف حالك حبيبي ، لم أركما اليوم على الفطور ، أين كايل ؟»
سألته تجلس على الأريكة تتوقع قدوم كايل لتحيتها بأيّة لحظة.
«لقد خرج البارحة ولم يعد إلى الآن »
قبضت على صدرها مذعورة « ماذا؟ إلى أين ؟ هل أخبرك إلى أين ؟»
جاورها آرُن يقدم لها كوب عصير « ليليا !! إنه بخير ، لا تقلقي»
حاول طمأنتها دون جدوى يلحظ القلق يحتل ملامحها بقوّة، والدته الحبيبة ومثاله الأعلى، يجدها راقية وحنونة بكل أفعالها، ملكة متوجة على عرش عائلتها وقومها، استحقت لقبها بجدارة
« لا أدري، لا أعتقد بأني سأتمكن من تقبل مغادرتكما هذا القصر أبداً ولو بعد مئات السنين، لا أستطيع »
راحت تهذي يغلي قلبها على كايل، خائفة من غيابه الذي امتد من الليلة الماضية
جثى أرن قبالتها يمنحها نظرة مباشرة لعينيه، يريدها أن تصدق كلامه وتنزع هذا الخوف من قلبها يخاطبها برفق
«لا تخافي ليليا ، أنا أبداً لن أتركك » ابتسامة ماكرة زينت وسامته الطاغية يردف بخبث «وأنت تعلمين ،أين ما يكون آرُن ، يكون كايل ، إبنك ذاك جبان ، ومن المستحيل أن يرحل ويتركني ، سيبقى دائماً كاتماً على أنفاسي »
إبتسمت له هي الأخرى بعينين تلمعان حباً خالصاً لهما تتلمس وجنته بحنو « أنا أسفة جداً لوضعكما ، أقسم لك ، حاولت الإتصال بمرشدتي كي أعرف سبيلاً لتحريركما من رباطكما ولكنها أخبرتني بأنها لا تستطيع فعل شيئ ، إنه قدركما ، طبيعتكما التي لا مفر منها»
هبّ آرُن من مكانه يوليها ظهره ، يجاهد لإحتواء طاقته المشتعلة بعروقه، طاقة رهيبة يشعر بها تنغل بجسده دون كلل تحاول إيجاد منفذ لها، سابقاً وقبل أن يستنتجوا طبيعة الرابط الذي يجمعه بكايل كان يفقد نفسه لغضبه، غضب هائج ومتفجر حين يثور يُحدث دماراً شامل يطول كل من يجرؤ أو يحاول الوقوف بدربه، بحيث ذهب ضحية هذا الغضب عدداً لابأس به من حرس والده الملكي المدرب والشجاع الذين كانوا يحاولون السيطرة عليه دون جدوى إلى أن وجدوا الحل، حلٌّ أسر حرية أخيه التوأم وقيّدها واقعاً على كاهله حماية الجميع منه، إكتشفوا وبالصدفة أن إتحاد نظرات كايل وآرُن يمتص طاقة آرُن الهادرة بعروقه وتخمد بركانه الهائج، تهدئ من روعه وتطفئ نزعة الغضب والشر التي حين تسيطر عليه تغيب عقله ووعيه كليّاً.
كايل تقبل قدره بطيبة خاطر أمّا آرُن ما يزال حتى اللحظة لا يتقبل حاجته الماسة لأخيه وهذا الرابط المشين بالنسبة إليه .
تركت سيلين الأريكة تقترب منه مندفعة خلف حاجتها لمواساته، لا تطيق رؤيته على هذه الحالة، انّها تتفهم صراعه ولكنها بذات الوقت تحتاجه لأن يعتنق طبيعته تلك كما هي فعلت« يا قرَّة عين أمك وأباك ، أنتما هدية السماء إلينا ، هدية ثمينة لا تقدر بثمن ، وكما أنا وجدت طريق نجاتي، أنا واثقة بأنكما ستفعلان أنت وشقيقك كايل
قبضت على كتفه برفق تنصدم من الحرارة المرتفعة التي انتقلت منه اليها، كأنّها لمست سطح فرن مشتعل إنتفضت بذعر تواجهه « الرحمة ، آرُن ، حرارتك مرتفعة جداً ، كيف تشعر ؟؟ لقد كنت بخير منذ لحظات»
تمايل أرن يشعر بجسده يشتعل دفعة واحدة، تتسارع نبضات قلبه وتشتعل أنفاسه بنيران منصهرة
«ليليا! »
ناداها يهوي أرضاً ، فتلقّفته بين ذراعيها تهوي معه، ضمته الى صدرها تنادي علّ أحدهم يهب لنجدتها
« كااااايل ، كااااايل ، كاااايدين »

قلب التنين ، الجزء الثالث من سلسلة دماء الشمس حيث تعيش القصص. اكتشف الآن