الجزء 2

212 10 0
                                    

2

(وقعت أحداث هذا الفصل قبل يومين)


في إحدى قاعات جامع عمر مكرم، أُقيم سرادق العزاء للسيدة مديحة الشناوي، ووقف في مقدمة من تقبَّل العزاء ثلاثة أفراد هم، مهند ابن القتيلة، والمهندس زكي والده، والأستاذ سالم الشناوي ابن عم القتيلة.

امتلأ سرادق العزاء عن آخره؛ نظرًا لعراقة عائلة القتيلة إلى جانب نشاطها الاجتماعي الواسع والذي عمل على توسيع دائرة معارفها.

عندما انتهت مراسم العزاء، وبعد مغادرة آخر الحاضرين، تأبط المهندس زكي ذراع ابنه، وهمس في أذنه قائلًا:

- هل جلست مع المحامي بخصوص تركة المرحومة والدتك؟

اندهش مهند من سؤال أبيه، ونظر له مستغربًا، وردَّ:

- لقد حضرت إلى مصر اليوم عصرا، والوفاة لم يمضِ عليها سوى خمسة أيام، وأنا ما زلت لا أصدق أن أمي قُتلت، فهل تتصور أن فكرة التركة قد خطرت على بالي؟!

- اعذرني يا مهند، فقد تخيلت أن إقامتك الطويلة في كندا أكسبتك الفكر الغربي، والذي يتسم بالجدية والبعد عن العواطف الجياشة، التي نتسم بها نحن الشرقيين.

- يا أبي، مشاعري نحو والدتي، لا تغيرها بلد أو يعبث بها فكر مهما يكن، وأنا مهما أتغرب فمشاعري ستبقى شرقية، فأنا سعيد بها ولن أغيرها أبدًا.

- كلامك هذا يسعدني جدًّا يا مهند، ولا تتخيل مدى سعادتي به؛ لأنه كما يعكس مشاعرك تجاه المرحومة والدتك، فبالتأكيد ستكون نفس المشاعر نحو والدك.

- بالتأكيد يا أبي.

- إذًا دعنا نذهب من هنا؛ لأني أريد أن أحدثك في أمر مهم.

- هل ترغب في الذهاب معي إلى ڤيلا والدتي؛ لنكمل الحديث هناك؟

فوجئ مهند بردّ فعل أبيه، عندما ردَّ في عصبية وانفعال قائلًا: 

- لا، لا، أنا لا أستطيع دخول ڤيلا تمت فيها جريمة قتل بشعة مثل التي حدثت.

- إذًا أين تريد أن نذهب؟ واعذرني يا أبي؛ فلن أذهب إلى منزلك؛ لأنك تعلم جيدًا عدم ارتياحي لزوجتك.

- دعنا نذهب إلى أحد الفنادق القريبة ونتناول العشاء هناك، فأنا على يقين أنك لم تأكل منذ قدومك اليوم إلى مصر.

وبالفعل ذهبا معًا إلى أحد الفنادق المطلة على النيل، وفي أثناء تناول العشاء، بدأ الأب حديثه قائلًا: 

- حقيقة لا أعرف من أين أبدأ الكلام، ولكن أنت ابني البكري وسندي الوحيد في هذه الدنيا. ثم توقف لحظات قليلة يستجمع أفكاره وواصل يقول: 

- أنا يا مهند أمُرُّ الآن بظروف مادية عصيبة تهدد حياتي بالانهيار، ولا أريد أن أصدمك، ولكن الحقيقة أني مُعرَّض للسجن.

الجريمة الكاملة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن