أنا أسراء عمري واحد وعشرون خريفاً ، لدي مجموعه من الأحلام والطموحات وأسعى لأحققها هنا في مجتمعات متشددة ، متشددة تجاه اي شىء لا يتماشى مع أرائهم وأفكارهم القبيحة .
هنا حيثما العنصرية والغباء والجهل تحت مسمى الدين والرب ، وإن الرب برىء منهم .
تلك الصفات لا تجتمع إلا في مكان واحد وهو المجتمع العربي .
على كُل بدأت أحقق بعضًا من تلك الأحلام وقررت أن أبدأ بتعلم المكياج، وتعلمت بمفردي حقاً .
بدأت بوضعه للكثير من الفتيات وكنت أجملهن وأجعلهن سعداء ، ومع مرور الوقت شهرتي زادت وبالطبع وضعته لقريباتى اللواتي ظننت أنني على ودًّ معهن .
ولكن ذلك الود ما كان إلا أنعكاسًا لودي في أعينهن لذا خدعت ، ربما لأن قلبى نقىٌ فلم أرى حينئذ كرههم بوضوحٍ شديد ، وكنت أتجاهل وجههم الثاني .
وعلمت أن شخصٌ ما صنع لي سحراً ولكننى تناسيت الأمر بعد أن تقدم لخطبتي شخصٌ ما وحالما نظرت له أيقنت أنه سيكون شريك حياتي وسندٌ لقلبي الهش في الحياة .
وبدأت أخوات خطيبي بالتردد لمنزلي وبعد عدة زيارات قررنا نجتمع في مكان بالخارج .
وبعد أن أعلمت أمي و ودعتها .
خرجت معهم والتقطت صورة لتخليد الذكرى وشاركتها مع الناس .لقد نشرت الصورة تلك لأنها ليس بها خطأ ما أو حركات سيئة ، أينشر أحد خطأه على الملىء؟
ولكن تلك الصورة كانت بمثابة فتيل مشتعل في وسط حقل مَروى ببنزين ، حالما وصلت تلك الصورة لأعين أبنة عمى التي دَعيتُها في يومٍ ما "صديقة" بدأت مخيلتها الخصبة في حبك أسوأ قصة لها ووضعت سيناريو ممتاز وحفظته عن ظهر قلب .
ولأن المواهب غالباً ما تظهر للٱخرون ،أظهرت ابنة عمى موهبتها في التأليف وروت قصتها تلك لأبي الذي يكون عمها وأخبرته عن مدى كوني سيئة للغاية .
ولأن ذلك خطأ أرسلت لها رسالة صوتية لعل أن يكون ذلك سوء فهم منها .
"مستحيل أطلع معه لحالنا ، مستحيل. وريهام أنا قلبي أبيض عشانك ،
ريهام أنا أحبكوا وأثق فيكوا بس مش تزودي فالحكي الزيادة ريهام ليش تحكي عني إني مشلفة وإذا أنا بدي أشلف هشلف مستحيش بس أنا بنت محترمة ومؤدبة وبعرف أبوي وأبوي مربيني صح معملش شىء من ورا أبوي أنا ، أبوي بيعرف كل شىء "أرسلت لها تلك الرسائل ، وكان أغلب كلامى عن أبي . لم أريد أي شىء عدا أن يفتخر بي أبي ولا يخجل بسببي .
وكان صوتي به رجفة تلك هي رجفة الصدق ، ومن ثم أرسلت لها رسائل أخرى ."وأمي بتعرف أنهم اللي وصلوني وأمي هلا قدامي وبتعرف . صح يما؟ اه هي هلا بتقول اه اه هي بتعرف أنه هو وأخته اللي وصلوني "
وبعد أرسالي لتلك الرسائل أستقبلت رد بنت عمي وصوتها كان كله كره وحقد.
"مش انا اللي وصلت الخبر لابوكي شوفي انتي مين ضايفة ، الواتقة فيها اسالي حالك هادا شىء يرجعلك اسالي حالك احدفيني ومين انتي؟ ومشان الله احدفيني من السناب وريحي راسك ."
هل يوجد أحد ما يحب أحد ويخبره مين أنت؟
"بناشدك بالله هو في أحد بيلبس هيك لبس ولا يتمكيج هيك مكياج ولا بيطلع فهيك لبس ولا عما يتصرف هيك تصرف ولا هما ولا أهاليهم"
بعد تلك الرسالة أيقنت مقدار كرهها لي وعلمت أن القلب الأبيض في تلك الحياة يجب أن يختبىء في صدور من يحملونه . ولكن ٱخر رسالة كانت الأسوأ .
"قولي لابوكي يختصر ، أختصر بدل ما يحكي مع عمك ،احكي لابوكي هيك خليه يختصرنا ويختصر اخوه الكبير مسلمش عليه فعزا ابن عمه ،واتقوا الله في يوم ترجعون فيه كل واحد منا يموت .
ولا ساكتلك يعني لانك عم تعطيهم مصاري لأيهاب و لبهاء ولأبوهم سكتتيهم بالمصاري خلاص ، خلاص فري"
فجأةٌ بدأت تسترجع مواقف عفا عليها الزمن ، هل لتلك الدرجة تمقتني؟
وهل أذنبت لأنني لم أكن أنانيه وقررت مساعدة اهلى بالمال ؟هل أعطي حقاً أهلى مالاً ليتركوني أفعل ما اشاء؟
إن علمت وقتها فقط أنك تحسديني بسبب تحقيقي لأحلامي وجني للمال ما كُنت لأفعل ذلك ،لم أكن سأقدم على ذلك وأقصف حياتي .إن علمت أن تلك النزهه ستجعل شفرات الموت الحادة تجرحني ما كنت لأخرج وقتها.
لا أعلم حقاً ولكنني أعتقد أن تلقيت الموت بشكلٍ طبيعي لكان أفضل ، وأن كان مقدر لي الموت قتلاً فلم أكن لأختار أن أموت على يد أهلى.
لقد متُ بالبطىء لقد رأيت الموت يتمشى بوهنٍ ليأتي لي .
أولىٰ خطواته كانت عندما كسر أبي وإخواني الأثنين عظامي ،لقد كُسر عمودي الفقري بالمعنى الحرفي .
وبعد ذلك ذهبت للمشفى وتلقيت الضرب هناك أيضاً وأخذت اصرخ بكل ما في من قوة لعل أحدهم سيساعد ولكنِ لم اتلقىٰ المساعدة قط ،لقد ظنوا أن بي جنٌ ما .
لقد طلبت الشرطة ولكنهم لم يأتوا لي ،وبعد ذلك عدت للمنزل قبل أن يكتمل علاجي وقرر الموت أن يخطو خطوته الأخيرة تجاهي بعد أن ضربني أخي على رأسي وأصبت بسكتة دماغية.
حينئذ قد وافتني المنية وصعدت روحي للخالِق الذي سيجلب حقي يوماً ما .
حلّت رحمة الله على أسراء غريب الفلسطينية في الثاني والعشرون من شهر أغسطس عام ألفين وتسعة عشر بتهمة لم تفعلها وذنبٌ لم تقترفه.