أومن دائمًا بأن من رحم المعاناة يولد العظماء"

43 1 0
                                    

لم أحظي بطفولة عادية،كيف لفتاة مثلي أن تحظي بطفولية عادية وهي لم يكن مرحبًا بها منذ البداية،لم يكن مخطط لمجيئي لهذه الحياة،كما يقال جئت علي غفلة،حسنًا سنبدأ من البداية،أبي وأمي لم يتزواجا لأنها عشقا بعضهما،بالأحري لا أحد منهم يطيق الأخر ولكنه القدر،كبرت أمي وتجاوزت سن الأربعين ولم يقبل أحد علي الزواج منها وأبي أيضًا لم يكن بأحسن منها حظًا هو أيضًا لم يرضي أحدهم به كزوج لابنته فتخطي حاجز الخمسين ولازال أعزب ،فقرر جدي رحمة الله عليه أن يلم شملهما ويزوجهما ويتخلص من عنوسة أمي وعزوبية أبي ويطمئن عليهما بحجة أنهما سيعيشان سويًا وهكذا ضرب عصفورين بحجر واحد،سهي علي جدي أمر خطيرًا للغاية وربما هو السبب الأساسي لفشل زواج والديا وتعاستي،لم يدرك جدي بأن أمي وأبي عكس بعضهما،أبي مناقض لأمي في كل شيء،وأيضًا أمي لا تشبه أبي في أي شيء،كانا الشيء ونقضيه،أمي امرأة شغوفة بالعلم والتعلم والبحث والقراءة ،أفنت عمرها كله في العلم والتنقل من دولة إلي آخري لتحصيل العلم وإلقاء المحاضرات علي الطلبة،تري أن الحياة علم فقط ولا يجوز لنا فعل أي شيء سوا التعلم وتحصيل العلم بأية طريقة وبينما هي منغمسة هكذا بين الكتب ومدفونة في الابحاث نسيت نفسها ولم تهتم بها وتقدم بها العمر ولم تتزوج وهذه كارثة كبري في مجتمعي،أصبحت عانس ولا أحد يقبل للزواج بها،علي النقيض الآخر يوجد أبي،يكره العلم ويري أنه مضيعة للوقت واهدار للجهد والمال،ويري أن الحياة تتلخص في الأكل والترويح عن النفس،معظم وقت أبي كان استجمامًا ،يعمل في النهار ويعود بعد الظهر ومنذ تلك الفترة إلي اليوم التاني وهو مستجم،يري الحياة ببساطة وليست معقدة كما تراها أمي،لك أن تتخيل كيف يمكن لهذين الاثنين أن يجتمعا تحت سقف واحد،أبي ابن عم لأمي لذلك كان لهما الجد مشترك وأجبرهما علي الزواج، فلم يرفضا ولم يكن بإيديهم أية حيلة وخاصة أن الأمر قد صدر واتفق عليه العائلتين معًا وبررا ذلك بأن أمي ستتغير بعد الزواج وتستقر في بيتها لتراعي زوجها وتنجب الأطفال وعاطفة الأمومة وحدها كفيلة لتغير كيان أمي وقلب شخصيتها الجامدة، القويةو العندية رأسًا علي عقب ونفس الحال مع أبي،سيعلمه الزواج المسؤلية والتفكير في غيره ومراعاة زوجته وأطفاله مهما كان مترفًا ومُنعم في حياته سيتعلم بعد الزواج،ولكن الحياة أرادت شيئًا آخر،لم تتغير أمي ولم تستقر في بيتها،وأبي لم يتحمل المسؤلية وضاق ذرعًا بأمي ولم يتحملها وضجر من خروجها المكترر من البيت وإهمالها له،وقررا الانفصال واتفقا عليه،وفي صباح يوم الطلاق شعرت أمي بمغص شديد في بطنها ودوران أفقدها وعيها فحملها أبي لأقرب مستشفي وهنا كانت الطامة الكبري،أمي حامل،مصيبة وحلت عليهما،وكأنها صاعقة من السماء ،ساق أبي الخبر لجدي وللعائلتين وكما هو متعارف فرح الجميع إلا والدي،تذمرا للغاية ،وأصبحت أنا العائق الوحيد في حياتهم ،كرهني أبي قبل مجيئي ولعنتني أمي وزاد الأمر سوء عندما رفض جدي طلاق أبي وأمي وأمرهما بالاستمرار والاعتناء بي وأنا جنين ولعلي سأكون السبب لتغير الحياة واستقرارها كما رآي جدي،ولكن ما حدث كان العكس تمامًا،وللمرة الثانية حدث عكس ما هو متوقع،لعنتني أمي لأني كنت عائقًا لها في سفرها،أضعت عليها عشرات المحاضرات واللقاءات  ،فرقت بينها وبين شغفها وحياتها،كرهني أبي لأنه بسببي أجبر علي رؤية أمي يوميًا ومشاهداتها وهي تخرج كثيرًا من البيت حتي دون الحاجة،وبمجرد ما أن ولدت وجئت لهذه الدنيا ،فرحت أمي تخلصت من بطنها الكبير وبمقدورها السفر ومواصلة مسيرتها التعليمية،وسعد أبي لأنه بإمكانه الآن الانفصال عن أمي فالرابط الوحيد قد أزيل وبإمكانه أن يطلقها، وذهب لجدي فاقترح عليهما أن أكبر قليلًا وأصبح مدركة وواعية لنفسي وبإمكانهما الطلاق،وهذا ما حدث،بمجرد وصولي لسن العاشرة تطلقا،أخيرًا تخلصا من بعضهما،عمت الفرحة علي وجه والديا ولا كأنهما فاز باليانصيب،ومن هنا بدأت تعاستي،رجعت أمي إلي بيت أبيها ورجع أبي إلي بيت أبيه وتركا بيتهما حتي لا تذكر أحدهم بالآخر ،عادت الحياة الي طبيعتها الآن ،عادت أمي الي محاضراتها وعاد أبي الي استجمامه،ولكن أين أنا من هذا كله، أين بيتي ،أين مسكني وطمأنيتي وملاذي وملجأي،أين سأنام،أين سأكل،أين سأكمل حياتي،إلي متي سأظل غربية في بيت جدي،أذهب إلي بيت جدي لأمي وأنتظر موعد ذهابي لبيت جدي لأبي لعلي أخد راحتي وسكينتي ولكن لا يحدث هذا،أشعر نفسي غريبة في كلا البيتين،لا أحد يراعيني ويهتم بي،أذكر أمي بأبي وأذكر أبي بأمي ولكن هذا لا يعتبر سببًا مقنعًا لتركي هكذا ،لم لم يعلم أحد أن نتيجة الانفصال لن يدفعها أحد سوي الطفل ،الطفل وحده هو من سيعاني،الضرر الأكبر يقع علي عاتق الطفل،لكل شيء ضريبة وضريبة الانفصال يدفعها الطفل وحده،الأب والأم يستطيعا استكمال حياتهما بعد الانفصال والرجوع الي حياتهم السابقة ويباشراها،أما أنا لم تكن لي حياة سابقة كي أباشرها،مرت ثمان سنوات من عمري وأنا هكذا،ممزقة،مبعثرة ومشتتة بين هذا وذاك، الشهر الذي أقضيه مع أمي أدرس بجد مثلها ،أصبح من أوائل مدرستي،وبعدها أذهب لأبي يضجر مني إن رأي الكتب بحوزتي ويصرخ عليّ ويطلب مني خدمته وترك العلم التافه يكفي أنه أفسد عقل أمي وهو لا يريدني مثلها،ويدعني أرسب في الامتحان ،احتار مدير المدرسة مني ،كيف اتغير كل شهر هكذا، وطلب مني استدعاء ولي الأمر ،خجلت أن أخبره بأني لا أملك ولي أمر،خجلت أن أخبره بأني أشبه اليتيم ،أمي لا تملك الوقت للذهاب لمدرستي وأبي طبعًا يستحيل أن أطلب منه شيئًا كهذا،أطلب روحه ولا أطلب ذهابه للمدرسة،ولكن رغم هذا السواد المخيم علي حياتي هناك شعاع من النور تخلل إلي حياتي ،رغم كم البؤس الذي أقبع فيه هناك أمل أحيا لأجله ،الجزء اللطيف من تناقض شخصية أمي وأبي،هو أني ورثت الجزء الحلو من شخصيتهما،كنت مزيجًا جيد من صفاتهما،أخذت من  أمي قوتها ،عصاميتها وذكائها وأخذت من أبي تدليلي لذاتي وعشقها وراحتها فوق الجميع،جمعت كل هذه الصفات وخلقت بداخلي حب الكتابة والتدوين،خلقت لنفسي جوًا بعيدًا عن أنظار العالم أخلو  فيه وحدي لأكتب كل ما بداخلي،كتابة تقرير مفصل عن يومي ،أفرغ ما بداخلي قبل أن يحرقني ويقتلني حية،شعاع الأمل هذا له فضل كبير عليّ،أعتقد لولا شغف أمي بعملها وتقديس أبي لذاته ما كنت أنا ورثت شغف الكتابة عملي والخلو بنفسي لفترة طويلة دون ملل ،وشاء القدر أن شعاع الأمل هذا يغير حياتي ،صدفة واحدة انتشلتني من ظلامي إلي عالم مليء بالأنوار، وكأن القدر أراد  أن يثبت لي أنه قد يأتينا الفرج رغمًا عن أنف ظروفنا وتعقيدات حياتنا،لولا الضد ما وضح المعني جيدًا، لولا انفصال أمي وأبي ما وضحت حلاوة المشاركة، لولا فشل زواج والديا ما أستطعت تأليف كتابي الأول ولولا ما ألفت كتابي الأول ما كنت ألتقيت به،قابلته صدفة وأنا ذاهبة من بيت جدي لأبي لبيت جدي لأمي ،أراد القدر أن يسقط كتابي بين يدي صاحب دار نشر وطباعة ويصر عليّ ليطبع كتابي حتي يكون مرجعًا للأزواج ولتربية الأطفال ،سقط الكتاب دون علمي وأيضًا قرأه دون علمي حتي قابلته مرة آخري في نفس الطريق وأنا عائدة للبحث عن مذكرتي الضائعة ،فلم أكن أعلم أن تلك المذكرة وكلامها سيصبح كتابًا ناجحًا ويكون بداية تغير حياتي،ولكنه القدر ولا أحد يتوقع ماذا يخبأ قدره
-بالمناسبة ياا فتاة أنتِ لستِ الأسوء حظًا علي الأطلاق
=ماذا؟؟!
-تبحثين عن مزكرتك ،أليس كذلك؟!
-نعم،أين وجدتها؟!
-سقطت منكِ وكنت أعلم بأنكِ ستعودي للمكان ذاته لتبحثي عنها،ها هي مذكرتك
-شكرًا ولكن ألم يخبرك أحد أنه من قلة الذوق قراءة مذكرات الآخرين والتفتيش في أغراضهم
=لا،أي شيء أمامي أقراه ،أهوي القراءة مثلما تهوين الكتابة !
-احمق!!
-سمعتك،صحيح كم عمرك ؟!
=عشرة أعوام من المعاناة وثمانية أعوام من الوحدة!
-صغيرة،كيف لكِ أن تكتبي كل هذه النصائح وبهذه الاحاسيس والمشاعر رغم صغر سنك؟!
-نحن نتعلم من ما نمر به من تجارب ولا نتعلم كلما كبرنا سنًا!
=مررتِ بالكثير أعلم،ولكن لستِ وحدك،أنا ايضًا عانيت مثلك!
-لا طبعًا ،لم يمر أحد بما مررت ولم يعاني أحد مثلي
=الحياة لا تقف عندك يا فتاة،الجميع لدي مشاكله الخاصة
-كيف؟!
=أنا مثلًا عمري ثلاتة وعشرون عامًا من الإجبار وثمانية أعوام من الوحدة مثلك!
-ألا تمتلك أب وأم وبيت ؟!
-بلي أمتلك؟!
=أين الوحدة إذًا؟!
-أردت أن أدير عملي الخاص وأراد أبي أن يقحمني معه في مجال الهندسة ولهذا أجبرني علي دخول كلية الهندسة رغمًا عني!
=ماذا تريد أنت؟!
-أخبرتك أن أدير عملي الخاص،طباعة الكتب وتوزيعها علي المكتبات
=أحمق،تترك الهندسة وتطبع كتب؟!،ما الفائدة!
-بناء عقول،وهذا هو الفرق بيني وبين أبي ،أراد أبي أن يبني المنشآت وأنا أردت بناء العقول،وبناء العقول يأتي من قراءة الكتب والتثقيف،نبني إنسانًا أولًا وبعدها نبحث عن مسكن له
=لا أتفق معك! ،ندعه يتشرد مثلًا وهو يقرأ في الشارع
=لكل منا وجهة نظر خاصة،المهم ما رأيك أن تعملي معي؟!
-لا،انا وانت غير متفقين وأنا شخصية...
=يا حمقاء،أنا أعرض عليكِ العمل وليس الزواج
-كيف سنعمل فأنا لا أجيد شيء !
=يكفي أن تكتبي وأنا أطبع لكِ،فقط هكذا،كل ما عليكِ هو الكتابة
-كتابة ماذا؟! هذه سخافاتي ومعاناتي ونصائح لا تجدي نفعًا من سيقرأ هذه التفاهة؟!
=أنا من أقرر إن كانت تفاهة أم لا وليس أنتِ، لا أحد يعلم قيمة ما يكتبه حتي يقرأه الآخرين،دعيني أطبع ليكِ وبعدها قرري!
-وإن خسرنا؟!
=نكتب آخر ونطبع، المهم ألا نكف عن المحاولة
أخذت منه المزكرة لأراجع ما كتبته وأعدله حتي يصبح قابلًا للنشر وللقراءة ،حذفت مشاهد وأضفت مشاهد ،كرست الكتاب كله للزواج وتربية الأطفال ،فتاة لم تبلغ عقدها الثاني تتحدث عن أمر هكذا أمر غريب ولم يتقلبه أحد،فطلبت منه أن يطبعه تحت هوية مجهولة، حتي يصدقه البشر ،أخترت اسمًا مستعار لي ،كلقب لي ،سواء نجح الكتاب أم لا ،لن يعلم أحد ،أعطيته الكتاب وبعدها أختفي هو وأنا لم أسأل ،لا أريد أن أثقل عليه بأسئلتي الكثيرة،سأتركه حتي يتصل هو ،وبالفعل اتصل من تلقاء نفسه بعد شهر كامل
-كيف الحال؟!
="مقومات الزواج الفاشل"،"كيف يصبح زواجك فاشلًا"
-ما هذا ؟!
=اسم كتابك الأول!
-ولم تجد اسم أغبي من هذا للكتاب؟!
=لا لم أجد يا ظريفة، مبارك نجاح كتابك،طبعت أكثر من عشر نسخ الي الآن
=أتمزح أليس كذلك؟!
-الاسم هو من يلفت القاريء وخاصةً إن كان جديدًا مثلك !
=أنت أدري المهم أنه نجح
-هيا استعدي لكتابة كتاب آخر لكِ
=ليس بهذه السرعة،أمهلني بعض الوقت،الأمر سيستغرق سنة كاملة علي الأقل
-ثلاثة أشهر،أمامك ثلاثة أشهر ويكون الكتاب جاهز
-سنة!
=ثلاثة أشهر!
بعد شهران ونصف بالتحديد أصبح كتابي الثاني جاهز للطباعة والنشر والتوزيع، أظن أن لا أحد منا يستطيع أن يحدد الوقت الذي يحتاجه لإنجاز أمر ما،حتي في الكتابة!!
-الكتاب جاهز!
=فتاة مطيعة!
-لم أسمع كلامك ، أنا فقط كتبت في أوقات فراغي وحزني وأنجزت
-تقضين أغلب أوقاتك حزنًا وبمفردتك إذًا!
=ليس من شأنك!
-ألا ترغبين في مسامحة والديكِ،ربما لهما الفضل في حياتك الجديدة تلك!
صمت لبرهة، لم يجرأ أحد من قبل علي استجوابي هكذا،لم يسألني أحد عن أي شيء، حتي أنا لم أسأل نفسي من قبل هذا السؤال
-يقال أن الصمت علامة الرضا!،تسامحي إذًا
=لا،ربما أمر مسامحتي لهم أمر  متوقف عليهم ،ماذا كانت ستفقد أمي إن عانقتي وربت علي كتفي وتخلت قليلًا عن جبروتها وتعاملت بعاطفة الأمومة وحنانها،ماذا سيخسر أبي لو مسح علي رأسي وتخلي عن كرهه لأمي وحكم عاطفة الأبوة وطيبة قلبها،لا أحد سيخسر شيئًا ،أليس كذلك،كان بإمكانهم بتر الجحود من قلبهم ومن قلبي ولكن لا،الكبرياء منعهم وحرمني من طفولة عادية كطفولة باقي البشر!
سقطت مني دمعة وأحمر وجهي من الغيظ ،وللحظة واحدة عبرت أمامي حياتي كلها وكأنها شريط فُرِد أمامي وأنا أنظر إليه بحسرة وندم علي ما فات من عمري نتيجة زواج فاشل،نحن الضحية وليس هم
-حسنًا،استجمعي نفسك،أتعلمين أكثر نصيحة عجبتني في كتابك هي مسألة أن تُقام وزارة عندنا خاصة بالزواج ومن خلالها يتقدم المقبلين علي الزواج بطلب ووحدها الوزارة من تقرر إن كان يصلحا أم لا!
=نعم! تقام إجراءات لهم واختبارات تشبه الاختبارات النفسية هكذا ومنها نحكم علي الشخص إن كان أهلًا علي الزواج أم لا،الزواج منظومة وإنجاب الأطفال منظومة آخري وكلاهم يحتاج أسوياء
كبرت طباعته وبات يطبع لكُتاب غيري وأنا ألفت ثلاثة كتب علي كتابي الأول ،نجح هو في بناء العقول كما يريد وذاع صيته في البلد كلها ،ونجحت أنا في خلق حياة جديدة لي مع أشخاص جدد ،ربما استمرارنا في الحزن والمعاناة والالم هو قرارنا واختيارنا وليس اجبار علينا،بإمكاننا التغيير وفعل ما نحب حتي لو تحت اسم مستعار وهوية مجهولة فيومًا ما سيعلم الجميع كما حدث معي ،علمت أمي وعلم أبي خجلا قليلًا من فعلتهم معي،ولكن هذا لا يعني إنهما قررا التنازل والعيش سويًا لأجلي ،لا بأس فنظرة حنان وعطف منهما كافية لي،علي الاقل سأشعر بأني لست وحيدة في معارك الحياة هذه
-شكرًا لك،فلولاك ما تصلحت علاقتي بأهلي
=وشكرًا لكِ فلولاكِ ما أفتتحت أكثر من مطبعة وحققت حلمي!
-وبنيت عقول؟!
-نعم! وضحك باستهزاء
=أدامها الله عليك!
-حسنًا سأستغل الفرصة واعرض عليكِ شيء!
=لا،لن أكتب كتابًا جديدًا،أريد أن أستجم كما يفعل أبي
-ليس كتابًا،ما رأيك أن نتزوج؟!
=لا، أنا اتفقت مع مطبعة كتب أخري خارج البلدة وسأطبع عندها كتابي الجديد بعد فترة استجمامي طبعًا
-يا لحماقتك،أنا أطلب منكِ الزواج وليس العمل يا حمقاء!
ابنتي الآن في حضني ووالدها يمسح علي رأسها بينما  أقص عليها كيف جمعنا القدر أنا ووالدها،أُملي عليها عدة نصائح أولهما وأخرهما بأن لا تفقد الأمل يومًا ولا تسمح لأي ظروف أن تقتل طموحها وتؤمن دائمًا بأن الصدف لم تُوجد عبثًا وإنما وُجدت لتغير حياتنا رأسًا علي عقب ،لا شيء هنا يا ابنتي يستحق منكِ اليأس،إياكِ واليأس فإنه مهلك للروح ومحطم للقلوب ،لا تسمحي لبضعة أشخاص سيئين  يملؤا رأسك بأن الحياة بشعة وواقعنا مرير،أنيري الطريق دائمًا ولو بشمعة صغيرة وانشري النور لنفسك أولًا ثم للعالم أجمع
"أومن دائمًا بأن من رحم المعاناة يولد العظماء"

قصص قصيرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن