البارت الثالث

5 0 0
                                    

تتوالى الايام ويمضي يوم ملئ بالبحث بين الاسواق ليأتي بعده اليوم الذي يليه وتتكرر فيه نفس الاحداث ...وانا أقتاد كجثة ليس لها روح ولا حياة ...دون اي اعتراض مني او مقاومة فقد استسلمت بعد ان حاولت مرارا وتكرار التحدث مع امي وأبى لينقذوني من هذا الزواج ولكن ذهبت محاولاتي أدراج الرياح فقد رفضو توسلاتي ودموعي واخبروني انني مجبرة على الموافقة والا ستُهدر دماء اناس أبرياء بسببي وهكذا اصمتوني !! ...

(مالك قاعد هنا مامشيت الصالة ...)....
(انا ح امشي مع جنان الفندق اللي حاجزين فيهو غرفة عشان تتجهز فيها )...
صرخ فيه همام بغضب فهو اليوم لايطيق احدا (وانت مالك ومال شغل النسوان ..البنات حيمشوا معاها وانت من هنا للصالة طوالي .. اكيد محتاجين ليك هناك )....
تجاهله حسام كليا وعاد بأنظاره الى جواله ...مما جعل ذاك يستشيط غضبا على غضبه .. فتقدم نحوه وامسكه من قميصه ليجذبه نحوه و يوقفه على قدميه بعد ان كان جالسا بكل اريحية ثم هدر في وجهه مهددا : اظن انا بتكلم معاك !!
حاول حسام ان يبعد يد اخيه عن قميصه ..ثم قال : وانا اظن قلت ليك انا ح اعمل شنو ..ومافي قوة في الدنيا حتمنعني الليلة عن جنان ..مادام كللكم اتخليتو عنها انا ح ابقى جنبها ووراها خطوة بخطوة ....
ابتعد همام عنه وهو يتساءل في حيرة : كيف اتخلينا عنها ... مش هي وافقت براها واختارت طريقها  ...يبقى اصلا الموضوع منتهي ومافي زول اتخلى عنها.....
إبتسم حسام بسخرية وهو يعدل قميصه بعد ان افسده له اخيه ثم قال ببرود : وافقت  واختارت .... ياااريت لو هي الاختارت بنفسها ... ياريت .. صحيح هي ماقالت لي حاجة بس انا عارف ومتأكد انو جنان مغصوبة على الزواج دا ...
ارتفع حاجبي همام  وبرقت عيناه بغضب وهو يقول : حساااام .. انا ماناقص.. ماتوجع لى رأسي وتجي تقول لي كلام تخاريف ساي ... البنت وافقت برضاها ..امها قالت كدا ..اكيد ماح تعرفها اكتر منها ...
تقدم حسام نحوه بثبات وقال بتأكيد زعزع ذاك العاشق : والله مش لو امها قالت ..لو جبت لي تسجيل صوتي بصوتها يثبت موافقتها انا ما ح اصدق عارف ليه !!؟  عشان مافي زول بعرف جنان اكتر مني حتى امها اللي ببتكلم عنها دي مابتعرف شئ عن بنتها ...(وضرب صدره بقوة ) انا بس البقدر افهمها في كل حالاتها ..متين بتفرح وتحزن ومتين بتمثل علينا ..حتى التفاصيل الصغيرة الحصلت في حياتها انا عارفو ....ثم بدأ يلكزه بالسبابة على صدره وهو يضيف بنفس الثقة : وانا بقولا ليك اهو  جنان مغصووووووبة !
هل يريد هذا الحسام  ان يفقده صوابه اذا كان هذا هدفه فقد نجح وبإمتياز... لأن بالأمس القريب تم عقد قران جنان ...واذا صح كلام هذا المجنون فهو حرفيا سيكون قد مات الف مرة بأبشع طريقة .  ..
                              ************
(سياف)!!
رفع راسه بعد ان كان مندمجا مع ربطة عنقه فوقعت عيناه عليها ....... اخذ نفسا عميقا واخرجه بقوة ..فربما بهذه الطريقة سيجد الراحة التي يبحث عنها....
تقدمت نحوه بحذر ثم قالت بصوت هادئ يخالطه بعض الالم :  جيت ابارك ليك .... امس ماقابلتك . استنيتك للصباح وماظهرت.....
رد عليها ببرود وبإختصار كعادته معها وهو يتهرب من نظراتها  :  كنت نايم برا  جيت قبل شوية ....
ارتمت بين احضانه وهي تضمه اليها بشوق جارف وتشم رائحته لتحبسه بداخلها لعله يصبح زادها في الايام القادمة ويصبرها على جفائه وبروده وهي تردد بخفوت : الف الف مبروك ياعمري .. وان شاءالله بقدومها في حياتك تجلب ليك السعادة والسكينة وتبقى ليك الدواء لكل جروحك   ......
اما ذاك فلم يتفاعل معها بل ظل ثابتا كالحجر ....ولكن مايحدث بداخله من صراع لايعلم به الا الله ..وعندما اراد ان يبعدها عنه ....دخل عليهم زياد وهو يصرخ بحماس : ياعريس وين انت !؟ هربت ولا ...........
جحظ عينيه بذهول عندما رأى سياف ووالدته بذلك المنظر ...فهو مشهد نادر جدا الحدوث بين هذا الثنائي ...
ابتعدت ماجدة عن ابنها مرغمة وهي تمسح دموعها التي ذرفتها دون ان تشعر ثم قالت بصوت خانق : انا ح اسبقكم على الصالة ....وانت يا زياد ماتنسى  تكلم ياسر يجي يسوق البنات ...
أومأ زياد ايجابا وهو يقول : حاضر ياخالة ...
وفور ان سمعت بموافقته خرجت دون ان تضيف اي كلمة اخرى او ان تنظر الى ذاك الصامت بالرغم من رغبتها الشديدة في فعل ذلك ...
بدأ زياد بالحديث قائلا لكي يزيل هذا الجو المشحون بالتوتر ( ها  مستعد !!؟ )....
نظر اليه سياف بحدة وقال : مبسوط مش !!؟
حينها انفجر زياد في الضحك ثم قال من بين ضحكاته : تصدق وتآمن بالله .....انا اتخيلت جدي ح يضحي بأي واحد فينا لكن اصلو ونهائيا مااتوقعت تكون انت ....عشان كدا مبسوط ..وفي حاجة تانية باسطاني !!!؟
سأل سياف وهو يأخذ هاتفه ومفتاح سيارته ليستعد للخروج : اللي هو !!؟
ابتسم زياد وربت على كتف سياف وهو يقول : كنت عارف انك يوم حلفت لى بإنك ماحتتزوج تاني ابدا  ..ح تِبر بحليفتك  ..... عشان كدا لامن عرفت انو انت صاحب النصيب ..فرحت فرح ماطبيعي لانك ب كدا حتكسر قسمك اللي كان واجعني شديد .  وح تشوف حياتك مع شكل جديد حتى لو ماكانت من اختيارك ....
ابتسم سياف وهو يهز راسه دلالة على استسلامه من هذا الشخص ثم ربت على ظهره وهو يدفعه للخروج ويقول :  المهم انو في واحد فينا مبسوط ...... وانا بِقا علىّ عرس وصيام .....   
ثم غادرا المكان وصوت ضحكات  زياد يملأ الأرجاء....
                              ************
(كلكم امرقوا وخلوني مع جنان دقيقتين )....
صرخ فيهم بأمر ودون أن ينظر الى وجوههم حتى .....
فأغتاظت منه شقيقته وقالت بعناد : نحنا مامارقين ولو عايز تقول ل جنان حاجة قولو ونحنا قاعدين ..مااظن في بيناتكم سر يخلينا نمرق ...
حينها نظر اليها همام بغضب فالصراع الذي يحدث بداخله بسبب ماسمعه من حسام يكاد يذهب بعقله... 
وقبل ان يتحدث سحبتها رهف نحوها وهي تحاول تهدئة الاجواء : يلا ياخديجة .مافي داعي للمناقرة في يوم زي دا ... خلينا نديهو الدقيقتين ديل ونجي راجعين ...
وفعلا خرجت رهف وهي تسحبها خلفها ومعها البقية  .......
عم الهدوء أنحاء الغرفة ..وبحث عنها بنظراته الى ان رآها تجلس على كرسي ورأسها منحني لأسفل وبين يديها مصحفا بلون عكس بياض فستانها بشكل ملفت ..كان يدقق في كل تفاصيلها بوجع وشوق الى أن رفعت رأسها عندما احست بنظراته ..وياليتها لم تفعل ..فقد اصابت قلب ذاك العاشق بسهم مسموم لن يشفى منه أبدا.....
ارتبكت من تحديقه المتواصل فيها وأرادت ان تنبهه.. فنادته بهدوء كاذب : همااام ...
ليفيق من شروده على ندائها ويقول بعد ان استجمع نفسه وشتات روحه المبعثرة في مئة إتجاه : جنان ..انا جاييك الليلة وعايز اسمع منك حاجة واحدة بس ياريت تصدقيني فيهو من غير لف ودوران  لاني صراحة تعبت من الكذب والتأليف اللي بيحصل حواليني اليومين ديل ..
انعقد حاجبيها بقلق من هذا الحوار الغريب والمحير في آن واحد ..ولكنها ردت عليه بكل هدوء:  ماعمري كذبت على زول ...ومع ذلك اتفضل اتكلم وانا اوعدك اني ح اجاوب على اي سؤال بكل صدق ....لو بعرف الاجابة طبعا!!
سحب كرسيا وقربه منها ثم جلس به امامها وسألها فورا دون تردد  : انتي وافقتي على الزواج دا بإرادتك ولا فعلا غصبوك !!؟
نظرت اليه بصدمه وسألته بدورها : انت مين القاليك الكلام دا !!؟
رد عليها بأمر وحسم : ردي ياجنان على سؤالي اولا !! انتي داخلة الزواج دا برضاكي ولا جبروكي!!؟
انتفضت من صوته الغاضب ولكن ما افزعها حقا هو سؤاله المفاجئ ...فكيف ستخبره بأنها خيرت بين حريتها وموتها .... كيف ستكشف له مايحدث في حياتها من ضغط وهم ووجع .....وبينما هي في صراع مع زاتها ...
دخلت عليهم خديجة بكل قوة وهي تصرخ بحماس : يلا ياهمام كفاية كدا العريس جاء وحيدخل في اي لحظة ....
اغمض عينيه بقوة وجمع قبضة يده وكان على وشك ضربها ولكنه تراجع في آخر لحظة عندما أدرك فداحة ماكان على وشك القيام به ... وعوضا عن ذلك.. هدر فيها بقوة حتى ظهرت عروق وجهه من شدة غضبه مما اخاف شقيقته وجعلها على اهبة الاستعداد للهروب : اقسم بالله لو ما عشان خاطر جنان وماعايز أخرب ليلتها  انا كان قطعتك حتت حتت ... مجنونة انتي ....
.....    .... : (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته )
كان صوته قويا وثابتا وذلك لأنه أحس بأن هناك مشاجرة على وشك الحدوث وهو ليس على استعداد لمشاهدتها فجُل مايريده ويتمناه ان ينتهي هذا اليوم بسرعة لكي ينااااام دون ان يزعجه أحد....
نظر نحو همام فرأى في نظراته بعض من القوة والحِدة و.................. ماذا!؟ هل تلك غيرة ام يهئ له ...ولكنه بارع في قراء الناس وتفسير نظراتهم لهذا ثبت له بأن الذي يقف امامه يشعر بالغيرة منه.... اذا لما لم يتزوجها ويريحني من هذا العذااب !! ...
ثم نظر الى التي تقف امامه ويبدو انها شقيقته لتقارب الشبه بينهما .... فرآى في عينيها نظرات الاعجاب والانبهار به فلم يضع لها بالا فقد تعود على ذلك ومازال يعاني من معشر النساء !!!
ثم وجه نظراته نحو تلك التي تقف خلف همام بكل هدوء ، شعر بشئ غريب يحدث بداخله وهو يراها بهذا المنظر فقد كانت ترتدي زفافا ابيضا بأكمام طويلة ضيقا عند الخصر وفضفاضا من تحت ،بشكل يظهر تفاصيل  جسدها الفاتن ...ومااعجبه اكثر هو حجابها الكامل فهو لم يرى اي فتاة من اسرته ترتدي الحجاب في زواجها بحجة انها ليلة واحدة في العمر حتى زوجته السابقة رفضت ارتداء الحجاب بالرغم من رغبته الشديدة في إرتدائها له آن ذاك ...بيد ان ما جعل قلبه يطرق بقوة هو تللك العينان الجاحظتان اللتان كانتا تنظران اليه بصدمة وهلع ..يبدو ان دخوله المفاجئ عليهم أربكها وافزعها.... ونسى هو نفسه في تأملها دون ان يدرك !!
اخرجه همام من عالمه قائلا بخيبة : وعليكم السلام ..اهلا وسهلا.....
عاد بنظراته اليه واجابه بهدوء : ياهلا بيك ....خلاص جاهزين ...
وزع همام نظراته بين أخته وجنان وكأنه أراد ان يؤخر الوقت بقدر الإمكان....ولكن سبقته شقيقته قائلة بتأكيد : جاهزين من بدري ....
فقطعت عليه آخر أمل كان يتشبث به ..هز رأسه دلالة على استسلامه وقال بصوت حاول بقدر الامكان ان يجعله قويا وثابتا : مبروك ياجنان وربنا يسعدك في حياتك الجاية ان شاءالله ....بس عايزك تعرفي حاجة واااحدة وختيها حلقة في اضانك ....انا سندك وضهرك وقت ماتميلي ح اكون ب وراك بعدِل فيكي ولو احتجتي لى في اي زمن حتلقيني جنبك في اقل من ثانية .... بغض النظر عن طريقة زواجك بس اوعك تسمحي ل زول يقلل من قيمتك او يستهون مكانتك بيناتنا ..يعلم الله انك غالية عندي (وصمت قليلا ثم اضاف :  زي غلاة خديجة ...
أومأت له برأسها ايجابا دون ان تتحدث ...ولكن عيناها تكلمت نيابة عنها فقد إمتلأت بالدموع التي أوشكت على ذرفها ....
ثم استدار بعد ان ودع الجميع ولسان حاله يقول :

من أجلها😊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن