البارت الثاني

5 0 0
                                    

صبيحة اليوم التالي : الساعة الخامسة والنصف فجرا
توجهت نحو سريرها بخطوات مرهقة وبطيئة بعد ان اكملت صلاتها وهي تسبح بسبحة قديمة تحملها معها دائما ..وتدعو الله في سرها ان يحفظ لها اولادها وأحفادها من كل شر...
(صباح الخير ..أمي نانا)...
رفعت انظارها نحو ذاك الدخيل الذي قاطع خلوتها فرأته وهو يرتدي ثوبا ابيض اللون مع طاقيه بنفس اللون ويبتسم لها تلك الإبتسامة التي تأخذ كل تعب السنين من على ظهرها ...
حيته بحب وهي تقول : هلا بسيد الناس .. .هلا بصباحي وعيدي ..تعال تعال  ..صليتو خلاص!!؟
ضحك بحب لهذه المرأة فهي الوحيدة القادرة على انتشاله من اوجاعه وهمومه..ثم تقدم نحوها  و جلس بجانبها بعد ان قبلها على جبينها ....وأجابها : ايوة الحمدلله . ..ربنا يتقبل ....
قالت بهدوء وهي تمسك إحدى يديه : اميييين ..... جدك دخل الصالون مش!؟
أومأ برأسه ايجابا ثم قال : وطالب القهوة والشاي .... خليني امشي أكلم ريتا(المساعدة المنزلية)...
وقبل ان يقف ضغطت عليه كي لا يتحرك فنظر اليها يإستفهام حائر....
قالت وبنفس هدؤها مع بعض الحذر الغريب : جدك اتكلم معاك !!؟
أحست يإنقباض جسده من خلال يدها التى مازالت فوق يده فعرفت الإجابة دون ان يرد .....
لم تنتظر منه ان يتحدث فقالت وهي تنظر اليه :جدك الليل كلو مانام  .. بتقلب ساي..ولو غفا شوية كدا كنت بسمع انينو وبعديها فجاءة يقوم مخلوع ... .الحالة دي كان جاتو ايام وفاة عمك لانو كان حزنان جدا عليهو ...
الكلام العايزة اقولو وعايزاك تفهم اخوانك انو اي حاجة يطلبها منكم جدكم الليلة لازم تنفذو من غير مناقشة .. تمام ياسياف !!....
و قبل ان يجيبها  دخل عليهم زياد وهو يقول : خيااانة  ..خيانة ..تحب فيها براك وقاعد ..  
جحظت الجدة عينيها لدخوله المفاجئ والقوي عليهم دون استئذان ثم قالت وهي تضربه برفق على رأسه بعد أن قبلها : الله يخزي شيطانك ..انت عمرك ماحتعقل !!
ضحك زياد ثم جلس على جانبها الآخر : يرضيكي يا أمي نانا جدي يرسل الحمار الجنبك دا (أراد سياف ان يضربه ولكن جدته امسكت بيده ) ويقول ليهو امشي جيب لي الشاي والقهوة ومايجيب ويجي يقعد معاكي بكل مزاج والهرشة كلها تجي فوق رأسي أنا ..يرضيكي !!
اجابته بقوة وهي تضحك : تستاهل !! ولو ضربك حلال عليهو ....
وضع يده على قلبه بطريقة درامية وقال وهو ينحني قليلا : أخ ياقلبي !! ليه كدا يانانا !؟ ليه تجرحي مشاعري قدام الأعداء.......
ابتسمت الجدة لهذا المشاكس بحب  ...ثم وقف سياف و جذبه نحوه ليقف بجانبه وهو يقول لجدته : يلا يا أمي نانا ... نحنا نخليكي هسي ... لانو ورانا اشغال كتيرة ونشوفك بعدين ان شاءالله......
ردت عليه بهدوء متجاهلة اعتراضات زياد : استودعكم الله..
                                   *********
(صباح الخير !!)
اردت عليها والدتها دون ان ترفع نظرها نحوها : صباح النور ... ابوكي وعمرو في الصالة ..جهزي ليهم فطورهم  على السريع كدا مع الشاي .....وماتحسبي حسابي ..انا ماشة ل ابوى ح اشرب معاهو هناك
تحركت فورا للتنفيذ دون اي اعتراض فهذا عملها اليومي منذ ان عرفت طريق المطبخ .....
(ماما جنان ....جنة انا عايز حليب)
صوبت  عينيها الواسعتين نحوه بعد ان كانت منشغلة بما في يديها ...فأبتسمت بحب لهذا الملاك الصغير ..ثم قالت وهي تجلس على ركبتيها لتصل الى طوله وتضع كفيها على وجهه لتقبله بقوة ازعجته : ياعمري انا ..بس مش المفروض أول ماتدخل علىّ تقول السلام عليكم او صباح الخير ..
ضرب مقدمة رأسه بيده وكأنه تذكر للتو ثم قال : يووه نثيت ..الثلام عليكم ...
إنهالت عليه جنان بالقُبل في جميع انحاء وجهه وهي تقول : ياناااس بحبببو بحبببو  ....
(نحنا ميتين من الجوع وراجيين حضرت سيادتك وانتي ولاشغالة بينا تلعبي لينا مع دا (و هو  يشير الى مروان) وقاعدة )..
رمشت جنان بعينيها لتستوعب هذا الهجوم المفاجئ وعندما أرادت ان تدافع عن نفسها ...
نهرها قائلا : يلا اتحركي من غير كلام ..وجيبي الاكل وياويلك لو اتأخرتي ثانية .....
ثم خرج دون ان ينتظر منها ردا ......
أخذت نفسا عميقا وقالت بأسى : ياااااارب ...
                                  *************
في مجلس الراضي :
صرخت فيه بعنف :(انت عايز شنو يا راضي )
نظر اليها بقسوة ثم وجه انظاره الى ابيه الذي يشاهد هذا الجدال دون تدخل منه : ياحاج الجماعة ديل حيجو الليلة بعد صلاة العصر ولااازم ناخد قرار ...ماممكن نتهرب من الاتفاق دا مهما حصل ...وانا اديتكم رأي وعليك بس انك تقرر القرار النهائي ونحنا موافقين عليهو ...ولاشنو يا مشاعر ...
خافت تلك من نظراته فوجهت حديثها الي ابيها قائلة : انتو عارفيني اني مابطلع من شوركم ... بس لازم ناخد رأي عبدالرحمن كمان ..
هدر فيها راضي مجددا :  مشااااعر نحنا خلاص قررنا وانتهينا بس فاضل ابوى يدينا رأيو النهائي ......
دارت مناقشة اخيرة بينهم وانتهى النقاش على قرار اتفقوا عليه هم الثلاثة!!
                              ***********
الساعة الخامسة عصرا
مجلس عائلة الراضي ....
المجلس ممتلئ بجميع افراد العائلتين ...فالجد نور الدين يجلس بجانبه راضي وعلى يساره هشام وهمام بقربهم عمرو يليه عبدالرحمن ومن بعده خالد .....
وبالجهة المقابلة يجلس الجد صلاح على يمينه ويساره سياف ورفعت ...بجانب سياف يجلس زياد وراشد وبجانب رفعت محمود ومحمد ...اما كمال فهو لم يحضر لسفره المفاجئ...وياسر ايضا لم يحضر وذلك لعدم اهتمامه بهذه المواضيع  .....
تحدث صلاح بصوت قوي وثابت : كلنا عارفين اجتماعنا دا بسبب شنو !؟ بس ح نقولوا تاني لانو في بند كدا اولادنا الصغار(الأحفاد) لسة ماعرفوا عنو حاجة ....
ثم وجه انظاره نحو نور الدين وسأله بإحترام قائلا : تحب تتكلم انت ولا  اواصل .......
هز نور رأسه بالموافقة على ان يواصل الحديث دون ان يفتح فمه .....فقال صلاح وهو يوزع انظاره على الجميع :  زي ماكلنا عارفين كمال وفتحي كانو أصحاب ويمكن علاقتهم كانت أقرب للأخوة من الصداقة بس للأسف جانا خبر وفاتهم في يوم واحد ...واللي عرفناهو انو فتحي كان بنظف سلاح لانهم كانو مقررين يمشو الصيد سوا وفجاءة طلعت رصاصة واخترقت صدر كمال...(توقف ذاك عن الحديث ليأخذ نفسا قويا حتى يستطيع اكمال المهمة بثبات) وللأسف لحقو فتحي بعدما قتل نفسو ...كل دا كان ممكن يعدي من غير جوطة وبلبلة لانو العيلتين فقدت واحد من اولادها ...بس اهلنا الكبار وشيخ كل قبيلة اتفقو على شئ لانهم خافو انو يلف الزمن ويدور ويجي موضوع الدم تاني ويبقى حاجز بين القبائل ومايبقى في تواصل بيناتهم بسبب الدم اللي اتهدر دا وعشان يصفوا النفوس قررو انو لازم شاب من عائلة السمان يتزوج ببنت من عائلة الراضي ...
تسمرت عيون بعض الاشخاص نحوه بإستغراب ودهشة وكأن آذانهم ترفض تصديق ذلك ...شعر بهم وبما يجول في خاطرهم فاسطرد قائلا بهدوء غريب : وافقنا مجبورين ..بس عائلة الراضي رفضت انو تدخل بنتها على واحد متزوج ...ولأني ماكان عندي ولد أعزب ... قررو مرة تانية انو العهد دا لازم يتكتب ويتمضي بشهود واللي بيرفض بكون عقابو رادع ....ويتنفذ في اول يوم من شهر ابريل (سنة **٢٠ ) واللي هو اليوم دا ......
كانت ردود الفعل متفاوتة فيما بينهم ..فراضي ورفعت وعبدالرحمن وخالد ومحمود ومحمد كان الهدوء يسيطرعليهم .. 
لم يظهر على سياف اي رد فعل واضح ولكن بداخله يتقد نارا ..فقد آثر ان يبقى على هدوئه حتى يرى ما نهاية هذه المهذلة ...
اما زياد وراشد وهمام فقد صرخا في نفس اللحظة بإستنكار ودهشة  : نعم !!
هشام ظل ينظر الى أبيه حتى يرى رد فعله فيفعل مثله وبما  ان ذاك ظل هادئا ...فقد تبعه دون تردد ....
اما عمرو فقد اندهش في بادى الامر ولكنه عاد الى هدوئه  فما دام الامر بعيدا عنه الى الان فلا يهمه ماسيحدث ...
تحدث نورالدين قائلا بعد ان رأى همام يسأل أبيه وزياد وراشد لايتوقفون عن الهمهمة : الموضوع منتهي والكلام الجانبي دا ما ح يغير من الوضع اللي احنا فيهو حاجة ...بنتنا جاهزة ووقت ماتقررو تجو تاخدوها نحن ماعندنا مانع  ....
مرة اخرى تسمرت أعين بعض الاشخاص على نور وهم لا يستوعبون مايحصل ... فمن هي الفتاة وكيف وافقت على هذه المهزلة ..ومن سيكون الشاب ... كل هذه الأسئلة واكثر دارت في عقول الشباب ....
فجاءة وقف زياد بكل غضب وعنفوان وهدر قائلا : لعبة نحنا في ايديكم عشان تقررو عننا ... ياخي شئ انتهي وكلنا نسينا وحياتنا مشت ...ليه تجو وتعيدو الفات وكمان عايزين تدخلونا في حروبكم .... عمي الله يرحمو خلاص مات ... وجدودنا الزمان حكمو بزمنهم هما ..فليه دايرين تنفذو الحكم فينا انحنا ... ذنبنا شنو .. ولا ذنب البنت الاخترتوها دي شنو ......انا آسف ياجدي ..انا مامعاكم في الكلام دا كلو ..ولا ح اشيل ذنب بنت بريئة في رقبتي.... اعفيني ..
ثم خرج فورا ...بعد ان وضع الجد في حيرة فقد كان هو الخيار المناسب له .. فهو لا يستطيع فرض رأيه على سياف وراشد متزوج ...وكمال سيرفض والده ذلك بقوة فمهما كان هذا وحيده .  وياسر لاينفع البتة لأي شئ ...
أحنى رأسه بحيرة واستسلام فماذا يفعل !؟ لقد اوقعه ذياد في موقع لايحسد عليه ..يجب أن يختار احد سريعا قبل ان يعرفوا مابه من تشتت ....ثم فجاءة سمع سياف يقول بهدوء وثبات: تمام ..وانا جاهز ل أي طلب تطلبوا مني بصفتي العريس ...
رفع صلاح رأسه متفاجئا من كلام سياف ولكن لما سيتفاجئ فأكثر شخص يعرفه ويعرف مايدور في خلده دون كلام هو سياف ... ويتساءلون لما احب هذا الولد كثيرا وأفضله عن باقي احفادي !!
أتسعت عينا همام وهو يدير رأسه ناظرا الى الكل بتعجب وحيرة ثم قال هادرا : دقيقة دقيقة بنت منو الح تاخدوها وليه نحنا آخر من يعلم .....
رد عليه والده بغضب : هماااام دا ماوقتو ..بعدين بفهمك ...
إنعقد حاجبي همام بشدة وهز رأسه وهو يصرخ فيهم بعدم فهم : لا ياابوى مادام جبتونا هنا ودخلتونا في الموضوع يبقى لااازم افهم ..... اولا مين البنت اللي حتكون كبش فداء لمهزلتكم دي اكيد ما خديجة لاني عارف امي كان زمااان قومت الدنيا وقعدتها لو كان هي ...واكيد ما من بنات عمي خالد وإلا ما كنا شفناهو بالبرود دا (فالمعروف عن خالد انه رجل شديد وقوي ولايسمح بأي ضرر يصيب اولاده)...يبقى مافضل غير ....    
قاطعه جده بعد ان نفذ صبره من هذا العنيد ..ثائرا فيه بقوة : هماااام ...لو ماعندك احترام لينا على الاقل احترم الضيوف الداسو بساط بيتنا ..واقعد بأدبك وإلا والله العظيم اطردك من المجلس دا ولا اسفا عليك !!
وعلى الرغم من نبرة الجد القاسيه وتهديده القوي الا أنه لم يعبأ به ...بل سلط انظاره على والده بحيرة وألم ثم قال : كم مرة جيتك ياابوى وطلبتك عشان تخطبها لي ..وانت بتقول لي اصبر أنا بمهد الطريق اول وأعرف رأيها وبعداك اطلبها ليك .. ... ثم ضرب مقدمة رأسه بباطن كفه واضاف بحرقة : وانا الغبي صدقتك وكنت فاكر انو اجتماعاتكم السرية طول الفترة اللي فاتت دي فعلا  عشاني أنا وطلع كلو كذب وانت كنت بتماطل فيني بس عشان تصل لهدف معين ..... .
تدخل صلاح فجاءة عندما أحس ببعض من التوتر والارتباك بدأ يصيب نور وابنه بسبب ذاك الغاضب : نور الدين ممكن تفهمونا الحاصل شنو... ...وليه الولد دا (وهو يشير الى همام )هايج كدا ..مايكون بحب البنت او في بيناتم حاجة وانتو غصبتو البنت على ولدنا .... شوف اذا الحكاية فيها غصب وضغط وكلام من دا ... انا من هسي  بقول ليك البنت دي مابتلزمنا مادخلونا في مشاكل و ......
قاطعه راضي فورا وبتأكيد جازم : لا ياعم صلاح .. إستهدى بالله ..دا شنو الكلام البتقول فيهو دا ..   نحنا ما بنجبر بناتنا على الزواج ..ولو هي ماوافقت ماكنا اجتمعنا الاجتماع دا من الاساس .... .. ثم نظر الى ابنه واضاف قائلا بحزم : هي اصلا كان رفضت همام (وهذه كانت حيلة منه فقط لكي يبعد إبنه عن هذه الفتاة .) ... .
وضع همام يده على قلبه وكأنه بهذه الطريقة سيسكت تلك النبضات عن الصراخ والألم ... وحمل نفسه بالقوة لكي يخرج من هذا المجلس فقد اصبح كل هذا الوسع ضيقا عليه وبدأ يكتم على انفاسه .... 
بينما عاد البقية الى أماكنهم لكي يكملوا اتفاقهم ويتم تحديد زمن مناسب للعرس   !! ...  
                           *****************
(إنتي مجنونة والله راشد كان جاء ولقاكي بالمنظر دا ما ح يخليكي ويلا ارح غرفتك نتفاهم هناك براحتنا )....
كانت ترتجف من شدة البكاء بلا صوت ..فقد انكمشت في زاوية الاريكة التي في الصالة ورفعت ساقيها الى صدرها وهي تضع رأسها بينهما ..فمنذ أن علمت بخبر خطبته وهى على هذا الحال  لاتتوقف عن البكاء ابدا ....
تحدثت معها فرح مرة أخرى عندما لم تجد اي رد فعل على طلبها : رؤى ..الله يخليكي يلا جوا...   ناس راشد في السكة وانا عارفاهو لو شافك بالمنظر دا ح يعصب عليكي ومابعيدة يضربك !
حينها رفعت رأسها وصرخت بجنون افزع فرح مما جعلها تبتعد عنها قليلا : خليهو يجي يضربني ...ويموتني كمان ... اصلا ماعايزة اعيش بعد سياف ...ليه يتزوج غيري ...ليه تبقى واحدة تانية عندها حقوق عليهو اكتر مني ...وتشوفوا وتنوم في حضنوا  .... عندها فتحت عينيها على اتساع بعد ان استوعبت معنى ماتفوهت به واضافت بجنون اكثر : مامن حقها تلمسو وتحضنو ..داحقي انا براي ومكاني انا براي ..... كيف ..كيف انا ح اتحمل دا كلوا ...
ومرة اخرى اجهشت في البكاء بعد ان اكتملت لها الصورة ...
غريب طبع هذا الانسان لايشعر بقيمة مايملك الا بعد ان يفقده ..هل علينا ان نعيش كل هذه الالام والاوجاع لكي نعرف قيمة مانملك من نِعم ..لما لا نتمسك بكل مابين أيدينا بكل قوة حتى ولو كانت تافهة في نظر البعض ف لربما لها تأثير قوي عليك !!!
(في شنو !!؟ مالها رؤى !؟) وحدث ماكانت تخشاه فرح ...فقد دخل عليهم راشد ورأى المنظر ........
ارادت فرح ان تغطي على رؤى لكي لا يحدث مالا تحمد عقباه  فقالت : مافي حاجة ...بس صحبة رؤى ابوها اتوفى ...وهي إتأثرت شديد ...
ويبدو ان راشد قد صدقها فقد اقترب من شقيقته وبدأ بمواساتها وطلب منها ان تتجهز لكي يوصلها الى صديقتها ولكن يبدو أن رؤى لا تريد ان تمرر هذا اليوم على خير فقد سألته من بين دموعها : جد مشيتو خطبتو لسياف !!؟
احتار راشد من هذا السؤال الذي لم يكن في وقته تماما ورفع انظاره نحو زوجته ليستشف منها شيئا ولكنها هربت بأنظارها بعيدا عنه وعندما أعادت عليه رؤى السؤال مرة اخرى لما أطال الصمت .أجاب عليها بهدوء مخيف وهو يبحث في ملامحها عن الحقيقة فهذا هو عمله : ايوا ...وحددنا العرس بعد اسبوعين !!.
حينها قفزت من مكانها برعب وهي تنهض على قدميها وتقول بصراخ افزع كل من حولها : شنوووو !  اسبوعين !  بالسرعة دي !!
نهض راشد من مكانه ووقف لكي يواجهها ثم قال وهو ينظر الى عينيها ليفهم مايدور في رأسها : اذا كلهم جاهزين ...ما اظن في داعي للتأخير ....  انتي الدخلك شنو ...وهل فعلا ابو صاحبتك اتوفى ولا.....(ثم نظر الى فرح التي كانت ترتجف كورقة تعاند الرياح )....
همست رؤى دون وعي بصوت يملأه الوجع: وأنا !!
سمعها راشد ثم ثار فيها قائلا بعد أن يأس من هذه الفتاة ودلعها الزائد : إنتي !!  انتي مالك ....كنت في يوم زوجتو وادلعتي عليهو واصريتي انو يطلقك وفعلا طلقك بعدما مشيت وطلبت منو كدا ...وبكيتي عشان يرجعك وللمرة تانية دخلت انا في الموضوع بعدما اخدت منك وعد انك حتبقي احسن وح تصلحي علاقتك معاهو اكتر واكتر ...لكن الغيرة عمِتك وبقيتي تفكري اي واحدة تتصل عليهو معناها عامل معاها علاقة ...ولو مرقتو مكان عام واتلاقت انظارو مع واحدة بالصدفة يبقى بعرفها او عجبتو او في بيناتم حاجة ...ياخي اذا انا اخوكي زهجت منك فما بالك ب سياف اللي بعد دا كلو وحفاظا على العلاقة البينا ماكان داير يطلقك ..وجيتي انتي وبكل غرور مرة تانية تطلبي الطلاق ..وللمرة الثالثة مشيت ليهو وقلت ليهو طلقها ولو جيت قلت ليك رجعها اضربني ب مسدسي دا وانا مسامحك ..... جاية هسي تبكي وتقولي أنا...والله والله يارؤى لو يوم سمعتك بتتكلمي عن سياف او بتتكلمي معاهو ااو حتى بتلقطي اخبارو ..ح اقتلك ....سااامعة ....
لم ترد عليه فقد كانت ترتجف من البكاء ....فأمسكها من ذراعها وصرخ فيها مرة اخرى بقوة وصرامة : ساااامعة !!
هزت برأسها ايجابا دون ان تنظر اليه ....فأبعدها عنه بقسوة ثم قال لها : يلا امشي على غرفتك ومااشوفك الليلة قدام عيوني نهائي !!
نظرت اليه متوسلة للحظة ...ولكنها في نهاية الامر اجبرت نفسها على التحرك بترنح  ... حتى خرجت جريا نحو السلالم ...
اخذت فرح نفسا عميقا بعد ان عدا هذا الموقف على خير ...فقد كاد ان يغمى عليها من الخوف ...الا انها تبعته بنفس آخر عندما استدارت ورأت راشد يقترب منها ببطء ثم قال بهدوء : اختاري عقابك بنفسك ..لأني ناوي اعاقبك على كذبك!!
جحظت عينيها بذهول يعتريه بعض الخوف فهي تعرف ان هدوءه أسوأ من عصبيته لهذا قالت بإرتباك وإرتياع : انا كنت ...... اصلو انت ...يعني خفت عليها .....ثم صمتت عندما رأت ان لسانها لايساعدها على الكلام .....
كاد ان يبتسم على شكلها فهو يعلم تماما انها أرادت مساعدة رؤى ولكنها تعلم ايضا انه يكره الكذب !
أمسك بطرف ذقنها ورفع وجهها لتواجه نظراته نظراتها ثم قال بلهجة غريبة : تعرفي عقابك ح يكون شنو !!؟
هزت رأسها نافية وهي مازالت معلقة انظارها عليه مع اختفاء الخوف بداخلهما وبروز الحيرة والخجل ...
اقترب اكثر منها حتى بات يسمع دقات قلبها التي باتت أسرع من المعتاد : عارفة ليه انا حبيتك !!
فغرت فرح فمها وهي ترى هذا التحول السريع في الكلام فأين كنا وأين وصلنا .....
ضحك راشد بخفوت وهو يرى مدى حيرتها وذهولها ...وفجاءة ودون سابق انذار لثم شفتيها بقبلة طويلة غرقو في بحور عسلها ......
(يع يع الله يقرفكم عندكم غرفة ..امشو قلّو ادبكم فيها )...
وفي لمح البصر كانت فرح في خبر كان فقد ركضت بكل قوتها واختفت عن الانظار بعد سماعها لكلام روعة ..... اما راشد فقد انفجر ضاحكا دون خجل ! ......
                             ************
دخلت عليها فوجدتها كالعادة تقرأ كتابا لاتعرف من اين تأتي به ...
رفعت جنان انظارها بحيرة نحو والدتها فليس من المعتاد ان تدخل عليها غرفتها وربما طوال عمرها لم تدخله الا للضرورى القصوى فقط....
اقتربت منها وجلست بجانبها على السرير وهي تبحث عن طريقة لفتح الموضوع الذي أتت من أجله ....
سألت جنان لتقطع حبل أفكارها: في حاجة ياماما.!!؟
أخذت تلك نفسا عميقا وتوجهت انظارها نحو ابنتها وهي تقول في دفعة واحدة  : الليلة جاكي عريس وطلع انسان كويس ومناسب ليكي وانا وابوكي وجدك موافقين عليهو عشان كدا قررنا نعمل العرس بعد اسبوعين . .
حل صمت غريب فقد دخلت جنان في حالة من الصدمة وهي فاغرة شفتيها قليلا وتنظر الى والدتها بعينين متسعتين وقد شحب لونها .....
هزتها والدتها من كتفها : بسم الله .... جنان سامعاني !!
قالت جنان بإنفعال غاضب بعد ان عااد اللون الى وجهها واستطاعت ان تتماسك قليلا : كيف جاني عريس ... ومتين سألتو عنو لامن عرفتو كويس ومناسب...
طيب كل دا خلوه كيف توافقوا عليهو من غير ماتاخدو رأي ...وكمان حددتو العرس وانتهيتوا .... اعتقد انو جيتك دي مامنها فائدة امشو تمو باقي جميلكم واعملوا العرس وبعدما العرس يخلص تعالو كلموني ... او اقول ليكم حاجة ولا تكلموني زاتو ...بس قولوا للعريس العروس جوا في غرفتها امشي سوقها وماتخاف هي ح تمشي معاك من غير أي اعتراض لأنها زيها وزي الكرسي واحد. .لو كنت  ...
فوجئت جنان بصفعة قوية على خدها مما جعلها تصمت الما وقهرا ......
نهضت والدتها وهي تقول لها بقسوة وبرود : انا جيت عشان اوريكي الحاصل ماجيت آخد رأيك .... ومن بكرة ح تمشي مع بنت خالك عشان تجهزي نفسك !! ....
وتحركت مبتعدة تنوي الخروج فأتآها صوتها راجفا وهي تسألها بكل حزن وألم: هل حصل يوم حبيتيني !!؟
   

من أجلها😊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن