البارت الرابع

4 0 0
                                    

مرت ساعة كاملة وانا مازلت جالسة على طرف السرير فمنذ ان انتهت مراسم العُرس واحضرني سياف الى هنا وأنا لم أره ..فقد كان طوال اليوم صامتا حتى عندما أمر خديجة بالخروج عنوة من الغرفة لم يتفوه بكلمة واحدة بل ظل يدور حول نفسه لمدة دقيقة كاملة وبعدها تحركنا نحو الصالة في صمت ....
لا اعلم هل ستكون حياتي هكذا ام انها بداية النهاية التي كنت اتوقعها منذ ان عرفت سبب زواجي ..فأنا اعلم تماما انني لن اظل معه الى الأبد وخاصة مع شخص ك سياف يجعلك تتمنى ان تبتعد عنه الاف الاميال ولايشجعك ابدا على الاقتراب منه .. لن اكافح من اجل أن أنال رضاه سأقوم بواجبي ك زوجة على أكمل وجه لكى لا اؤثم ... وبعد فترة سأطلب منه ان يحررني ..فلا هو بالشخص الذي تمنيته ولا انا بالفتاة التي تزوجها برغبته واختارها بمحض إرادته...
عند هذه النقطة وبعد هذا التصريح المهم احست جنان بالارتياح مما جعلها ترمي برأسها على السرير باحثة عن الدفء لكي تنام وهي تحلم بمن ودعوها وعيونهم تحكي عن حزنهم وقلقهم ....
                             ****************
        ......  : صورتيها لي !!
سحبتها الى غرفتها بكل قوة لكي لايسمعهم (راشد)فيصبحون في خبر كان ونهرتها بغضب : مجنونة انتي !! شكلك ناوية تموتي على يد اخوكي !!؟ ..
ردت عليها تلك بلامبالاة فليس هذا همها وكررت سؤالها مرة اخرى :  خلينا في المهم !!صورتيها ولا لا !! ...
تحركت فرح وجلست على الكرسي الوحيد الموجود في غرفتها واجابت بملل : اخوكي ياستي منعني ..وغير كدا العريس كمان منع التصوير  .. يعني ماكان في طريقة  خالص ..
هدرت تلك بغضب وغيرة واضحة : لا يعني من جمالها عشان يمنعوا التصوير  .... واشمعنا في عرسي ماعمل كدا ومامنع زول ...
ثم هدأت قليلا وقالت بترجي وصوت متوسل : فروحة هي احلى مني ..يعني حتقدر تخليهو ينساني وينسى حبي !!؟
هزت فرح رأسها يمنة ويسرى دلالة على يأسها من هذه الفتاة واجابتها بصدق : لو دايرة الصراحة هي مااحلى منك بالعكس يمكن انتي تغلبيها في الحتة دي ....
عندها صرخت تلك بفرحة واضحة وعودة بعض الأمل الي قلبها :  الله يطمن قلبك زي ماطمنتيني ...يبقى مافي داعي اقلق ..كلها شهر شهرين واعتقد انو سياف ح يمل منها ويطلقها ....
بهذه الثقة انهت تلك حديثها اما فرح فقد ظلت تنظر اليها بشفقة وعطف على حالها ودعت الله ان لا يمتحنها الله في احبابها وان يجعلهم دوما بقربها وفي حضنها ..!!!
                           **************
استيقظت جنان على صوت هاتفها ..وعندما نظرت الي ساعة الحائط ...قامت مفزوعة وهي تؤنب نفسها على كل هذا النوم فقد اوشكت ان تفوتها صلاة الظهر....
اسرعت بخطاها نحو الحمام (اكرمكم الله ) لتستحم وتتوضأ ....وبعد نصف ساعة كانت قد انتهت من صلاتها ...وبدأت في التساؤل عن ذلك العريس المفقود ..(لما لاتراه في الخارج ) ...
وفعلا حملت خطاها وخرجت بكل هدوء الى الصالة( فقد كان جناحهم الذي إستأجروه مكون من صالة وغرفة وحمام ومطبخ) ... نظرت نحو الكراسي فرأت بدلته وقميصة وربطة عنقه متروك بإهمال على طرف الكرسي ...فعلمت انه نام هنا على الاقل ولكن اين ذهب الان وكيف صلى الصلوات والحمام واحد وموجود بداخل الغرفة ....كانت تفكر في كل هذا عندما اتاها صوته من خلفها خشنا وقويا مما افزعها : ح تقيفي كدا كتير !؟ انا عايز أعدي!!
وعندما نظرت الى نفسها وجدت انها فعلا تقف في طريقة ..فهي تقف بين كنبتين مما يسد الطريق الوحيد الذي يؤدي الي مكانه المقصود لضيق المساحة ....
ابتعدت سريعا وجلست على اقرب كرسي ...وتحرك هو نحو الكرسي الاخر دون ان ينظر اليها وشكرت الله انه لم يرفع نظره نحوها فقد كانت متفاجئة من شكله الفوضوي وصدره العاري وبين هذا وذاك يحمل كوبا  يبدو انه ملئ بالقهوة لرائحتها النفاذة والجميلة ... آثرت الهروب الى غرفتها لتداري خجلها وقبل ان تصل الى الغرفة سمعت صوته وهو يأمرها كعادته : اجهزي سريع ..شوية كدا وح نمشي البيت لانهم عاملين لينا غداء ...وكرر مؤكدا : ماعايز اي تأخير والا..........!!  وترك الحوار ناقصا قاصدا ذلك ..لتتخيل هي ماسيكون عقابه لو تأخرت فعلا وهذا اسوأ ما في الأمر!!.
بعد خمس دقائق بالضبط كانت جنان تجلس على الكرسي تنتظر ذاك الذي توعدها بعقاب رادع لو تأخرت ..وهاهو يفعل مانهاها عنه ... خرج بعد خمس دقائق اضافية وهو
بكامل اناقته المُلفتة ولو لم تكن في هذا الوضع لوقعت في حبه من اول نظرة ....
دتفاجئ من وجودها في انتظاره ..فقد اعتقد أنها ككل النساء لابد وان تجعله يصرخ ويهدد لكي تخرج ولكن هذه خالفت كل توقعاته ....سألها وكأنه لم يقتنع بأنها تنتظره فعلا : جاهزة ...نمشي ....
اومأت برأسها ايجابا وحملت حقيبتها السوداء التي تماثل سواد عباءتها الواسعة والمغلقة بأحكام مع حذاء رمادي ذو رباط ومفتوح من الامام ......
أعجب سياف بلباسها ولكنه لم يظهره لها او يخبرها لكي لاتغتر عليه وآثر الصمت والخروج دون اي حرف
                                    ***********
(اعزائنا المسافرين مرحبا بكم في مطار(الخرطوم ) بمدينة (الخرطوم ) حيث التوقيت المحلي هو الساعة (٤ ) والدقيقة ( ١٠)مساء  ودرجة الحرارة الخارجية ( ٣٧) درجة مئوية.)
(اعزائنا المسافرين , المرجو ابقاء احزمة مقاعدكم مربوطة حتى تطفأ اشارة ربط احزمة المقاعد.
اعزائنا المغادرين في هذه المحطة نرجوا التأكد من اصطحاب جميع امتعتكم الشخصية معكم قبيل مغادرة الطائرة .
نتمنى لكم طيب الاقامة ويسعدنا ان نراكم قريبا على احدى رحلاتنا) ....
........

من أجلها😊حيث تعيش القصص. اكتشف الآن