بذرة الذئب {ⴰⵄⴽⴽⴰ ⵏ ⵡⵛⵛⵏ} |مكتملة|

الفصل الثالث

في عالم البشر..
قبل الغروب..

     عثرت تلك المجموعة الصغيرة التي تكافح فوق أرضية الصحراء على كهف صغير، يحتويهم لتلك الليلة، عرجوا للداخل،أخذ كل واحد منهم مجلسًا، التعب نال منهم، فهم لم يأكلوا شيئا منذ البارحة، لا المؤون تكفيهم ولا كمية المياه إذ أن كلاهما أضأل من أن يتم تقسيمهما عليهم جميعًا. خرج ثلاثة من الرجال للبحث عن بعض الحطب لإشعال النار ومصدر ماء للارتواء، كان عليهم الإسراع فالغروب بعد ساعتين، وقد حذرهم  مرشدهم العجوز من التأخر..

     ريثما يعودون، راح ذاك العجوز يحصن المكان، أخرج كيسًا صغيرًا من حقيبته ونثر ما يحتويه على المدخل فسألته إحدى النساء…

- ما هذا سيدي؟ لم رميت ذاك المسحوق هناك؟

- لحماية المدخل، سيمنع تلك الشياطين من مهاجمتنا إن وجدت مكاننا بعد الغروب

- شياطين؟؟

     سأل أغلبهم والذعر يعتريهم، هم الآن علموا أن المهاجم أقوى من أن يكونوا ندًا له، فهو أقرب ما يكون للمجهول، مخلوقات غير مرئية لا يعرفون عنها شيئًا سوى أنها منبع كل الشر منذ الأزل، أتبعت امسيهار والارتجاف بادٍ في نبرتها..

- أهذا يعني.. أن.. البارحة.. ليلة البارحة…

- أجل، لقد تمت مهاجمتكم من قبل الشياطين.

     موجة هلع انتشرت في أنفس الجميع، لأن الأمر لا يحتمل التصديق، فبعد كل تلك المشاهد المرعبة التي عاشوها اتضح لهم الآن أن كُتّابها كانوا من الشياطين، دموع استقرت على جفون أمسيهار لأن مخيلتها انتقلت لبعد آخر، فهل هذا يعني.. أن أمها..

     بكى الطفل الذي بين أحضانها ما جعل عقلها يعود لأرض الواقع فأعطته انتباهها متحملة ذلك الثقل في عمق صدرها..

- لا بد أنه جائع!

     حدثتها جارتها، أفوان، تلك المرأة في أواخر أربعيناتها، مسحت على رأس الطفل لتهدأ بكائه لكن بلا جدوى، أجابتها أمسيهار…

- لا.. بل مشتاق لحضن أمه، أكثر من جوعه.

     أخذت الدموع مجراها على وجنتي أمسيهار، دموع حارة ساخنة، دموع حزن لا قعر لعمقه.. حضنتها أفوان بقوة وسط شهقاتها، عسى أن يكون هذا الحضن بلسمًا على جراح روحها، ويهدأ آلامها لفترة فتتمكن بعدها من المواصلة رغم الآلام التي تثقل كاهلها.

      

    حل الليل، وبدأت جولة الرعب خارجًا، عاد الرجال ببعض الحطب وأشعلوا نارًا تقيهم برد الليل، كما جلبوا ما يكفي من المياه الصالحة للشرب ليرتوي الجميع.. حصلت أمسيهار على بعض الأكل من الآخرين لإسكات جوعها وجوع شقيقها أيضا، لكنها فضلت تخبئة حصتها لوقت لاحق لشقيقها فقط تحسبا لأي حالات طارئة..