الفصل الرابع

62 9 2
                                    

     بداخل الهرم أين يتواجد الأشخاص الناجون، كانت أفوان تسير ذهابا وإيابا والقلق بادٍ على ملامحها، تسأل نفسها هل تتحرك بمفردها؟ هل تذهب تخبر العجوز لومان الذي قطع بهم الصحراء إلى هنا؟ أم تنتظر قليلا بعد، ولكن إلى متى ستظل تنتظر، هي لم تعد منذ الصباح إلى الآن، وقد مر موعد الظهيرة بالفعل، لا بد أن مكروها قد حدث، لا بد أنها ضاعت بالخارج، أو أسوء.. ربما.. ربما..حسنا،  حسمت أمرها وقررت إخبار لومان

- أفوان… أين أمسيهار؟

     بلا عناء، لومان -العجوز الذي أنقذهم بآخر لحظة من الموت و قطع بهم الصحراء لبر الأمان- بنفسه أتى إليها، طرح سؤاله فارتجفت، ترددت وارتبكت.. لكن ما بيدها حيلة، عليها إخباره في نهاية المطاف..

- في الحقيقة.. خرجت هذا الصباح لتجلب بعض المياه.. لكن..

-لكن ماذا؟

     سأل لومان بفارغ الصبر، فأجابته وهي تتحاشى النظر إلى عينيه وتُشابك أصابعها لصعوبة الموقف الذي وجدت نفسها به..

- لكنها لم تعد بعد.

     وهنا تم إعلان حالة الطوارئ في أعماق لومان، كما لو أن نهايته قد اقتربت، بل أسوء، كما لو لم يعد يفصل بين وجودهم هنا وبين نهاية العالم سوى بضع لحظات، انفجر بوجه أفوان صارخا..

- كيف تركتها تخرج من هنا أفوان؟ ألا تعلمين من تكون؟ أين ذهب عقلك لحظتها؟

     ذاك الهجوم الصارخ، شد انتباه الجميع، وأبكى تسوكي وبقية الأطفال بشدة، توقف لومان عن الصراخ وهدأ نفسه ثم خرج للبحث عنها، أما أفوان فقد حملت تسوكي لتهدئ بكاءه وهي ترجو السماء أن يكون كل شيء على ما يرام، وفي الجهة المقابلة، تمتمات انتشرت بين الجميع تتساءل عما قصده لومان بكلامه ذاك..

بداخل غرفة تمثال أبي الهول، كانت أمسيهار شاردة، متصنمة مكانها بمركز النجمة الخماسية، فروحها كانت بمكان غير الذي هو فيه جسمها، …..."ملعون!"

طريقة تحرك التمثال الصخري الذي كانت تنظر نحوه، وتلك الحمم التي ظهرت بين تشققاته، وصوته المختنق الصادر كفحيح الأفعى، جعلها تنتفض وتهتز من أعماق جوفها،  كردة فعل عادية، وفي محاولة دفاع في لحظة ارتعابها، أمسكت بخنجرها ورمته ناحيته، خرجت من حلم يقظتها ذاك وعادت للمكان الذي كانت به من البداية -غرفة تمثال أبو الهول- لأن خنجرها حطم المرآة التي تواجدت قبالتها ما أفسد تتابع الحلقة وأدى لاختفاء النجمة، فعادت الغرفة لتكون شبه مظلمة.

     وسط أنفاسها المتقطعة حاولت تمالك نفسها، تقدمت للأمام لتسترجع خنجرها، وبمجرد أن التقطته التفتت خلفها وهي تلوح به في الهواء، فالهمسات عادت لتكسر ذلك الصمت المرعب برعب أكثر تركيزًا، وما يثير هذا الرعب بدواخلها أكثر كان حقيقة خلو المكان من أي كائن غيرها… هي بمفردها تماما في الأرجاء.. لكن ما تسمعه يبدو صادرًا من جيش بنفس المكان الذي تقف فيه.

بذرة الذئب {ⴰⵄⴽⴽⴰ ⵏ ⵡⵛⵛⵏ} |مكتملة|حيث تعيش القصص. اكتشف الآن