الجُنُّون

66 10 2
                                    

هل الحُب جريمةً إن أخفاهُ صاحبُه؟ أم انهُ جريمةً أن باحَ بِه ؟ لا أرى الراحةَ بالأمرين فَفي أي حالٍ يكون بِها الحُب نجدُ جنودًا مُجهزه لِتشُنَ حربًا طاحِنةٍ ضِده، وقد يكونُ إحدا الحروبِ تِلك منبعُها مِن مَن نُحِب، فعجبًا للحُب في كُلِ احوالِه تسيلُ الدماءَ في طُرُقاتِه، وويلاً لِحامِلهِ مِن أعتابِه، فعليهِ أن يكونَ مُلِمًا بِصُعوباتِه.
فأن كُنتَ تَظُنَ أنهُ يختلفُ في السرِ، والعلن، فدعني أُخبِركَ أنهُ لا فِرارَ من ألامِهِ، والمِحن، و هذا كلامٌ شُجاع من عاشقٍ جبان.
......

يسيرُ في الطُرُقات دون وجهةٍ يَهتدي لها غارقُ الفِكرٍ مُبحِرًا في الأُفُق. كلامُ صاحِبهُ يدورُ في عقلهِ مُنذُ يومان لا يفكُ عن التفكيرِ بِه.
إن لم يعترف لها عليه أن يمحيها من قلبِهِ إلى الأبد وكيفَ يمحي مَن أصبحت قلبه وكيانهُ كاملًا كيفَ يقتلعُ قلبه، ويرميه، وكيفَ ينطلق لسانه فَ يفضيَ مافيه؟ مافيه من حُبٍ كاد يُدميه، فهو حين يحاولَ نُطقَ أسمها في وحدتهِ عيناهُ تدمع وصوتُهُ يتقطع خوفًا منها أن تسمع فترفُضهُ، وتجزع، وإذ بعدها قلبهُ يتصدع، وينهار كيانُهُ فَيُقمع.

خيرتُ نفسي دومًا بين الأعترافِ، والسكون فكانَ السكونُ حليفي في كُلِ الأمور، فأن أُخيرَ بينَ الصمتِ، وحُبِها، وبين الاعترافِ، وصدِها فأولها اختار فلا خيرًا في دُنياي دونها وإن كان بيني وبينها بُعد أميال.

في خوضِ تفكيرِه انتشلهُ صوتًا يندهُ بأسمِه من بعيدٍ فالتفتَ، وإذ بهِ صاحِبه، فتوقف ينتظرهُ أن يصِلَ إليه صافحهُ، وقال له:
كيفَ حال العاشِقَ اليوم؟
أبتسم لهُ موشِحًا نظرهُ عنه، وقال :
كما عَهِدتهُ مُنذُ خمسِ سنين.
تنهد صاحبه وتكلم بصوت ٍ جهور :
تعلمُ أنك اعزُ صديقا لي، وأني بذاتِ الوقتَ قائدُك، وأني لم اعهد هذا الجُبنَ فيك مِن قبل، فكُنتَ، ولازلتَ اعظمَ المحاربينَ، وأذكى المُفكرينَ بالأزمات، وان القيادةَ لكَ مِن بعدي بلا شك، فما بالكَ في الحُب؟
توقفَ عن المسير وألتفت لصاحِبه ورد:
انتَ لا تعرِفُها لم احكي لكَ عنها يومًا كُل ماقُلتُ لكَ هوَ انني قد احببت، وكُلُ مابدى لكَ بعدها هو ويلاتُ عشقي لها لذا لا تَلُمني بما لا علمَ لكَ بهَ. إني وربي حمِلتُ كُلَ العُسرَ وحدي، ولا أُريدُ أن أُشركَ فيهِ احد.
هز رأسهُ وقال:
اُحدثكَ لانَ بِصفتي قائِدُك اخبرني مابجُعبَتك وإلا لن تكُن حاضرًا في مُهِمةِ الغد.
نظرَ إليه غيرُ مصدق بما تفوهَ به قائدُه فتلكَ المهمه عمل عليها طوالَ الشهورِ الماضيه كيف لهُ ان يُنحيهِ منها؟ فرد عليه وقال:
لا حق لك بذلك .
عبس وقالَ له :
اتعصوَ امري؟
استجمعَ نفسهُ ورد عليه بهدوء:
حشا وكلا امرُكَ مطاعٌ ولا نقاشَ فيه.
ربتَ بِخِفه على كَتفهِ وقال:
إذًا أشركني بما حملت.
صمت صمتًا غيرِ بِقصير وأستنشقَ ماستطاعَ من الهواءِ واطلقَ ماكتمَ مُنذُ سنين:
إنها الحسناء ابنةَ كبيرِ الفُرسان.
إلتفت عليه صاحِبُه وعيناهُ اشتدَ جحوضها وعلا صوتُهُ صارخًا :
أجُنِنت؟

أنا العاشِقُ الجبان.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن