الفصل الثامن

67 12 13
                                    

أتانا أبي وكانت الساعة تقارب الثانية عشر ظهرا , أخبرنا أنه إتصل به شخص البارحة في وقت متأخر من الليل و سأله إن كان العمل ساريا لحد الساعة فتفاجئنا لأنه منذ ما يقارب الشهر لم يتصل أو يسأل أحد عنه لقلة الأجر كما تعلمون... إلتقيا صباحا و سلمه أبي مفاتيح المكتبة ليتولى ترتيب الكتب في الرفوف و التحضير للإفتتاح الذي سيكون يوم الأحد المقبل .

- عهد , لن تصدقي من هو الشاب الذي وظفته اليوم ؟

سألني أبي و قد مالت تعابير وجهه للذهول و عدم التصديق , فأجبته قائلة:

- من هو ؟

فأردف قائلا :

- هل تذكرين الشاب "إياد" الذي صدمناه بالخطأ عندما كنا في السيارة قبل شهرين هو نفسه الذي اتصل بي .


اندهشت من الصدفة التي حدثت كنت أظن أن هذه الأشياء تحدث في الأفلام فقط . حكى لي أبي عن ما جرى له أحسست بوخز في قلبي لأنني أتألم لسماع مثل هاته الأخبار , دعونا لوالديه بالرحمة و المغفرة . فرشت مائدة الغذاء و بدأنا نتناول و نتجاذب أطراف الحديث حول ما سنفعله في الإفتتاح و كيف ستكون الأجواء ...

بعد مرور أسبوع ...

نهضت في الصباح الباكر قبل الجميع في الواقع لم استطيع النوم ليلا بسبب حماسي , كنت انتظر حلول الصباح بفارغ الصبر " لقد جاء اليوم الذي تنتظرينه يا عهد انهضي تنتظرك اعمال طويلة " رددت في نفسي .

قفزت من سريري و اتجهت للخزانة لأختار ماذا سأرتدي للإفتتاح أخرجت منها فستانا أزرق سماوي طويل عليه فراشات بيضاء لطيفة و من وراءه ينسدل منه ذيل ليس بطويل لكنه جعل من الفستان لطيفا و ليس مبالغا فيه فأنا أكره الأشياء الخارقة للعادة و افضل العادية منها لأنها تبدوا لي مريحة ...

إرتديته مع حذاء أبيض ذو كعب متوسط , بينما أنا أمشط شعري أمام المرأة دخلت أمي لغرفتي فإستدرت نحوها و سألتها :

- أمي , كيف أبدو ؟ هل أصبحت جميلة أم أغيره و أرتدي فستانا آخر ؟

- لم تعر سؤالي اهتماما و أمسكت يدي و قامت بتدويري ثم نظرت إلي و قالت :

- ابنتي الجميلة تبدين فاتنة , ستغيضين الكثير من البنات اليوم و انفجرت ضحكا و أنا كذلك . إنها الأم يا سادة تشعرك دائما بأنك مميزة عن الباقين و تعزز ثقتك بنفسك بمجاملاتها اللطيفة , الأم جوهرة ثمينة لا تقدر بثمن و لا تعوض ...

إتهجنا و أبي للمكتبة وعند وصولنا ,نزلت من السيارة و قمت بفتح باب المكتبة أنا الأولى و الدخول اليها , تجولت بين الرفوف راقني ترتيب الكتب وخاصة رائحتها فهي تخدر روح القارئ وتنشط فضوله تجاهها فتدفعه ليقرأ المزيد و المزيد منها . القراءة إدمان لا يمكن التعافي منه كما يقال اقرأ لترتقي للأعلى فالأسفل أصبح مكتظا...

رأيت إياد يقف في الخارج مع أبي , يبدوان كأصدقاء قديمين بحواراتهما وعفويتهما تجاه بعض , كان يرتدي قميصا أبيض دون اكمام طويلة مطوية في اتجاه المرافق مع سروال أسود واسع قليلا و نظارات سوداء التي زادته وسامة ...دخلا معا فألقيت التحية عليه :

- مرحبا كيف حالك ؟

- بخير و انتما كيف حالكما ؟ رد علي بصوت لا يكاد يسمع فأجبناه أنا و أمي في وقت واحد :

- الحمد لله , شكرا لك .

وجه لي سؤالا عن رأيي في ترتيب كتبها :

- ما رأيك آنسة عهد , هل أبليت بلاءا حسنا في التنظيم و الترتيب أهو مناسب لك ؟

أجبته بحماس و امتنان :

- نعم رائع لقد أبليت بلاءا حسنا , شكرا لك .

استرسل قائلا :

- لا شكر على واجب .

استقبلنا أول الحضور تبعهم وفد آخر من الناس , شعرت بسعادة ممزوجة بالاختناق , فأنا رغم فرحتي بوجود عدد كبير من الزوار و الأصدقاء و المعارف أكره الزحام و الضوضاء , خرجت لإستنشاق بعض الهواء النقي فالداخل أصبح كغرفة عديمة الأكسجين أغمضت عيني لأستمتع و أشعربالنسيم فهو حنان يداعب الوجوه و يلاعب الشعور و يفتح القلوب للإبتهاج بالحياة و يملئ الخلايا و الحنايا بهواء الطلق النقي الزكي الرائحة في حفلة رائعة تفتح النفس للحياة , تأملت في طريقي لتحقيق حلمي الثاني بعد الطب وهو تحرير روايتي التي لم أجد لها حكاية ... سأحققه فأنا لا أترك أي عمل غير مكتمل , فتحت عيني و إسترقت نظرة لإياد كم يبدوا هادئا كهدوء الليل , غامض كمرض مستعصي لم يعثر له عن حل يفكه ...أظنك ستكون حكايتي ...


/ أتمنى أن ينال إعجابكم هذا الفصل لا تنسوا أن تشاركوني بآرائكم و تصويتكم   /

                                                                            -     نلتقي في الفصل القادم - 

و شاءت الأقدارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن