الفصل الحادي عشر

178 17 10
                                    

كنت أنظر إلى الأشخاص و أشيح نظري إلى الداخل تقابلت نظراتنا ,أصابتني عينيكِ بالجمود و هدمت كياني , نظراتك قيدتني شردت في جمال وجهك , جميلة أنتِ كجمال القمر المشع بنوره , بريئة كإنسان لم يخط القلم الأسود في عقله و روحه كورقة بيضاء لم يكتب فيها إلاّ بقلم الصدق و المحبة ...كأنك شمس و الملوك كواكب كلما طلعت لم يبد منهن كوكب...

وددت حينها لو توقف الزمن لأتمكن من الإحتفاظ بأدق تفاصيلك و من لمس وجهك الملائكي ذو البشرة البيضاء , تبادلنا النظرات لبرهة من الزمن لا أنكر أنني أعجبت بشرودك في تفاصيلي كما فعلت أنا ...استرجعت نفسي الضائعة فيك , أدركت أن طريقنا معا قد انتهى و أنك ستنزلين , إستأذنتني بكل لباقة و ودعتني و ذهبت تاركة ورائك طفلا في قالب رجل يغرق بين أمواج الحنين و الشوق لك. دائما ما نرى الحياة في أعيننا حسب الحالة التي بها قلوبنا , بدأت أرى الحياة جميلة و مشرقة بعدما كانت بلا قيمة و باهتة , آنستي وحدتي القاتلة و تمكنت من إدخال الضوء لحجراتي المظلمة أظنني أحلم بحلم بطلته "عهد " هذه التي جعلتني أصدق أن هناك حب في هاته الحياة و جعلتني في حالة غريبة لم أعرف إسمها بعد...

بعد محطتين نزلت و ذهبت لزيارة قبر والدي تحدثت معهما و كأنهما لم يغادرا الحياة , جلست أمام قبريهما أسرح للحظات أتأمل فيها الماضي و أبكي , أتذكر يوم كنتما تدخلان علي و أنتما تبتسمان , إشتقت لأصواتكما و حروبكما معا , اشتقت لرائحتكِ أمي و لحنانكَ أبي بقيت بمفردي في المنزل الموحش , إشتقت لسماع عبارات التشجيع التي كنتما تواسونني بها ...ليشهد الله علي أنني لن أنساكما سأتذكركما مهما حييت ...مسحت دموعي و بدأت أحكي لهما عن صغيرتي "عهد " و كيف سحبتني من دائرة الظلام و الضياع التي عشتها بعد ذهابهما , تعلقت بخصن الحياة من جديد هي حاضري و مستقبلي هي حبيبتي الغالية ...

ودﱠعتُ والدي و عدت أدراجي نحو البيت أدركت أنه من الجيد أني ذهبت فقد شعرت بحال أفضل لأنني شاركت سرﱢي مع أقرب الناس إلي , غيرت ملابسي توضأت و صليت , إنتابتني الرغبة في تلاوة القرآن , شرعت أرتل بدأ صوتي منخفضا ثم دون وعي يرتفع شيئا فشيئا مع كل آية شعرت أن كل هموم الدنيا تختفي حتى المكان الذي تجلس به يختفي , تشعر و كأن روحك تسمو ...تعلو تتذكر أن جسدك يفنى و روحك ترجع لربها تبقى فقط أعمالك و سمعتك , تتذكر وجود إله معك يحميك و يرعاك و يحبك بالرغم من وحدتك , شعرت كأن تلك الآيات نظفتني من الداخل لم أرد التوقف عن ذلك النعيم فرتلت حتى غفوت و لم أحس , كانت هذه المرة الأولى التي أنام فيها بكل هاته الراحة و الطمأنينة ...

ذهبت للعمل صباحا و في وقت الظهيرة كنت أقوم بإغلاق المكتبة لتناول الغذاء عندما إتصل بي والد "عهد" فألقى التحية علي قائلا:

- صباح الخير يا ابني كيف حالك؟.

- صباح الخير عمي بخير و أنت؟

- دائما نحمد الله

و إسترسل قائلا :

- سأكلفك بمهمة إقتناء اللوازم المتبقية للمكتبة خذ مبلغا من الخزنة و سجل اللوازم .

سجلت الحاجيات التي يجب أن أشتريها توجد قائمة طويلة بإنتظاري ...كنت أتجه نحو المتجر و أفكر بك طول الطريق , إشتقت لك كثيرا فأنا ما إن أبتعد عنك أختنق وما إن أقترب منك أحترق و ما بين الإختناق و الإحتراق توجد أنت , صغيرتي انت الهواء الذي أتنفسه لا يمكنني العيش بدونك ... رن هاتفي مجددا لكنه رقم غريب ظننته عبد الرحمان لكن تخيلوا من كانت , نعم ...حبيبة قلبي إتصلت بي فقالت :

- مرحبا سيد إياد , أنا عهد لقد طلب مني أبي أن أرافقك لمساعدتك في إختيار الأدوات , أين أنت ؟

شعرت كأنني سأطير من الفرح تمنيت لو بإمكاني معانقتها من الهاتف لكن لن أستطيع , هدأت نفسي و أجبتها :

- مرحبا آنسة عهد , خرجت من المكتبة و أنا في طريقي إلى المتجر الذي يبعد شارعين من هنا , نلتقي هناك هل يناسبك ذلك ؟

فأجابت بصوت هادئ و دافئ :

- حسنا سأكون هناك بعد عشر دقائق ...

دخلنا المكتبة معا ,كانت جميلة كعادتها تتجول في المتجر و تختارالأدوات بكل عناية بعد مدة من الزمن أتممنا عملنا واتجهنا للمشي على الشاطئ كانت تتأمل البحر وكنت أتأملها كأنها لوحة فنية نادرة الوجود , قاومت رغبتي المندفعة إليها و كلما قاومت انهرت أمام عينيها استجمعت جرأتي و عزمتها على كوب من القهوة عند كافتيريا قريبة من مكاننا فقبلت فرحت لذلك تجاذبنا أطراف الحديث عند احتسائنا لأكواب القهوة كل الأشياء تنجذب نحو قرينها و كذلك الأشخاص و كانت عهد قرينتي التي انجذبت لها و أحببتها كانت بدايتنا مبهجة للحد الذي لم أقوى فيه على تخيل لحظة الفراق ...

مع مرور الأيام توالت الرسائل بيننا على الواتساب و بدأت أعتاد أحاديثنا معا فقد صرنا نروي لبعضنا تفاصيل أيامنا و المواقف الغريبة التي تباغتنا أو أنني كنت أفعل ذلك , كانت حكايات العمل تطفوا على سطح أحاديثك لكنني كنت أستمتع بسماعها فصغيرتي تشاركني تفاصيل يومها ... أرسلت لها رسالة بها " إشتقت لك مع قلب أحمر " فردت " أنا أيضا اشتقت لك بوجه خجول " 

كانت هاته أول كلمة حب بيننا ...لا أعرف كيف أحببتك و لا متى أحببتك ! 

يصعب علي معرفة أي شيء متعلق بنا , لكنني أقرُّ لك بأنك إمرأة فيها شيء من السحر , لا أدري هل يكمن السر في في عينيك أو في اندفاعك الكبير إتجاه طموحاتك و أحلامك و حبك للحياة , أو في تلك النظرة الدافئة التي تمنع جسدي من الحركة و تضطرب أحاسيسي حين تستحوذ علي يصعب الآن تحديد من منا وقع في قلب الآخر أولا ! 

حبيبتي لو حاولت أن أصف لكِ ما بقلبي من حب لنفذت جميع أوراق العالم أنتِ بالنسبة لي كل شيء في حياتي ، أنتِ عمري ومستقبلي وحاضري وأحلامي ، فأنا وأنتِ يا صغيرتي جسدان في روح واحدة ، وثقي ثقة تامة أنّني لا أستطيع مخاصمتك أو الابتعاد عنك أتعلمين لماذا ؟ لأنّكِ نفسي ، ومن يستطيع أن يستغني عن نفسه ... 


¤أتمنى أن ينال اعجابكم الفصل الحادي عشر لا تنسوا التصويت و مشاركتي آرائكم لتشجيعي ¤على تقديم الأفضل

¤ دمتم سالمين نلتقي قريبا في فصل جديد ¤

و شاءت الأقدارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن