الفصل الأول

88 5 2
                                    

٢٢يناير،٢٠١٩/٨:٣٠،لندن

السماء ملبدة بالغيوم ،و المطر على وشك الهطول. إن فصل الشتاء يحمل لنا رسالة جميلة جدا ، رسالة أمل و تفاؤل ، لطالما تعلمت حب جميع الفصول و عدم التعلق بفصل واحد ، لأن الحياة تشمل أربع فصول ، فلا بد أن أكون عادلة مع الحياة كي تكون معي كذلك.

لا زلت أنتظر المترو كي ألتحق بعيادتي. مرت بجانبي قطة ووضعت مخالبها على سروالي ، شعرت بالألم لقد خدشت جلدي الضعيف، إني أصلا مصابة بحساسية من القطط . لقد تشنجت في مكاني لم أستطع التحرك، ساقي تنزف بشدة.

ركبت المترو فور وصوله ، كنت أحمل في حقيبتي ضمادة و معقم ، استعملتهما كي يخف الألم  و توجهت إلى العيادة ، استقبلت مرضايا كعادتي،مرت الحصة بخير، كنت أراقب ساقي كل ساعة كي أتجنب النزيف ، إنها خدشة قطة صغيرة لن تصيبني بشيء سيذهب التورم بعد أيام، هذا ما خاطبت به نفسي بالضبط .

١٧:٢٩،لندن

العودة للمنزل بعد يوم طويل من العمل و خاصة كطبيبة نفسية يثير في النفس الحرية.

أخذت حماما ساخنا ، بعض القهوى ، و حبتا بسكويت ، إنه أمر رائع ...

غيرت الضمادة و استبدلتها بأخرى ثم توجهت للنوم.

لم أستطع النوم براحة ، ساقي تؤلمني كثيرا.

٢٣:٥٤،لندن

شعرت بألم في أنفي حين لمسته عن غير قصد ، نهضت مذهولة بصداع شديد في الرأس ، و ألم في البطن . أخذت بعض المسكنات ثم خلدت للنوم ثانية،مرت ثواني لأنهض ثانية على ألم أقوى في منطقة الأنف و ألم خفيف في الظهر و البطن .

تكلمت في الفراغ و كأني أخاطب أحدا: "ما الذي يحدث معي ، إني عنيدة جدا! لم ألبس معطفي في هذا اليوم الممطر ، لا بد أنها ضربة برد."

اتصلت بخطيبي "إياد" ، أخبرته أني لست على ما يرام ، أخبرته أني أشعر كأني لست أنا ، و أنا بحاجة لأحد الآن.

والداي يقطنان بلبنان ، هناك ترعرت، لكني أجبرت على الانتقال إلى لندن لإكمال دراستي ، و هنالك تعرفت على "إياد" الذي يكبرني بأربع سنوات، إنه وسيم للغاية ، له كاريزما رائعة؛ عيون سوداء دامسة كشعره تماما، حاجبان كثيفان ، أنف صغير، له ضحكة تحرك العاطفة بسرعة و الأهم أنه حنون للغاية، أنا علمت أنه يحبني كثيرا مثل ما أحبه أنا، لكنه عنيد أحيانا، لا بأس سيتغير يوما ما ...

حين سمع صوتي المتعب ، أخبرني أنه آت في الحال . مرت نصف ساعة حتى قرع الباب ، وهو يحمل معه مجموعة من الكتب، كونه آت من عمله، إنه محامي. فتحت الباب و أنا في حالة يرثى لها ، كنت أشعر بالرجفة كثيرا،  والألم احتل جسدي بأكمله .

الصفحة١٩حيث تعيش القصص. اكتشف الآن