القسم الخامس

1 1 0
                                    

ويوم ما اخذت النتيجه عولت على امر عظيم، فذهبت الى شارع اكسفورد، واتخذت مكاني امام الدكان ،في الشمس. وطال وقوفي وحميت الشمس علي ،وتصبب العرق من جبيني وانا واقف لا اتحرك. و احسست بحركه في داخل الحانوت فاذا بالبائعات يتضحكن ويشرنا الي فيما بينهم، فتصنعت عدم الاهتمام ، و كأني لم ار شيئا . و مرت دقائق فاذا بفتاتي تخرج و تنظر الي نظرة الغاضب و تمر من جانبي كأنها تمر الى جانب حجر او خشبة .
و اسقط من يدي و كاد مشروعي ان يتبخر . و لكني جمعت شجاعتي و تبعت فتاتي ، و قلبي يدق كأول مرة رأيتها فيها ، و ركبتاي تكاد تخوناني و ذلك الالم في معدتي و الجفاف في حلقي ...
و سرت ورائها في الشارع المزدحم . حتى لاحت فرجة في بحر السابلة فتقدمت منها و قلت لها بصوت ابح:
- صباح الخير
و لم اقل بعدها شيئا فقد انعقد لساني دهشة من جرأتي العظيمو و اذا بها -- يا فرحتي -- تلتفت الي و تجيب مبتسمة :
- انك متأخر بعض الشيئ على ما اظن . لقد كادت الساعة ان تكون الثانية بعد الظهر . اي صباح هذا ؟
و عاودتني شجاعتي فقلت في نفي واحد :
- لقد نجحت بفضلك
فنظرت الي باستغراب ، كأني كلمتها بالصينية ، و قالت كمن يخاطب معتوها او طفلا :
- تهاني الخالصة
و حاولت مستميتا ان اجد ما اتابع به الحديث فلم استطع الا القول
- لقد نجحت في فحص الحقوق بفضلك . فأجابتني و قد. بدا لي على وجهها انها تحاول ان تفهم ما اقول ، فلا يمكنها تماما :
- فحص الحقوق ؟!! عظيم و لكن اين فضلي ؟
قلت لنفسي : هذه فرصتك فلا تفوتها . و انطلقت في حديث طويل متشابك الاطراف ، معقد ، فيه الشمس و حزيران و شارع اكسفورد و امتحان الحقوق و الصفصاف الحاني على النبع .
واستمعت الى بجد مصطنع ووقار كاذب ، و هي تضبط نفسها كيلا تضحك ، فلا يسعها الا الابتسام ، حتى قلت لها :
- هل لك ان تقبلي دعوتي للعشاء هذا المساء ؟
- و لماذا ؟
- لأعبر لك عن شكري لكل ما فعلته لأجلي
فضحكت هذه المرة و قالت :
- حسنا . اقبل ، و لعلك تفسر لي سر وقوفك امام الدكان ساعات منذ عشرة ايام ، فلقد شغل عملك هذا اذهان البائعات ، و حتى أذهان أصحاب المحل .

شمس حزيران حيث تعيش القصص. اكتشف الآن