جرى الحديث عن الزواج بالاجنبيات ، فقال حسان :
-- هل تعرفون محمداً ؟
اجاب الحاضرون : نعم
-- و هل رأيتم زوجته ؟
فبدت من الحاضرين اصوات معجبة تنبئ بأنهم يعرفون و يدركون مصيبة محمد بزوجته .
و قال احسان( و هو الزم اصدقاء محمد لمحمد ) : كلنا متفقون على ان محمداً ذكي ، فطن ، ناجح ، في اعماله كمحام ، و كسياسي ، و لكن ما يدهشنا هو انه تزوج بامرأة مثل زوجته. و نحن نفهم من يتزوج اجنبية لجمالها، او لثقافتها ، او لفضائلها..
و علت من الحاضرين همهمة و تنحنح ، قطعها صوت احسان و هو يقول :
ليس ما اقوله غيبة ، فقد جرى لي حديث بهذا الموضوع اكثر من مرة مع محمد ، و سألته هذا السؤال .
فقال احدهم : و بماذا اجابك ؟ و بدت على قسمات الحاضرين كلهم امارات الاهتمام و التشوق الى الجواب ، فابتسم ابتسامة خفيفة و قال : قصة طويلة ... الا اني سأقصها عليكم لأنها تلقي ضوءا فريداً على احدى نواحي النفس الانسانية التي كثيرا ما يتراكم عليها صدأ الايام و غبار النسيان .كلكم يعرف ان محمد متحفظ في كلامه و اعماله ، كتوم لاسرار حياته ، الماضية منها و الحاضرة . و كل الناس يعرفون انه حصل على شهادة المحاماة ، و لكن من منهم يعلم اين درس الحقوق و اين تخرج ؟
و صداقتي لمحمد قديمة جدا ، و تعود الى يوم كنا طفلين ندرج في حارة الجبيلة ، و نلعب في الأزقة بنوى المشمش و التمر ، نتراكض حفاة و نتراجم مع صبيان الحارات الاخرى ، او نتسلى بقذف الترامواي بالحجارة من اعالي مقبرة الجبيلة و كم لنا من ايام مشهودة ضد رجال الشرطة الذين كانوا يداهمون المقبرة لإنقاذ الترامواي من شر احجارنا التي لا تخطئ نوافذه ، و ضد حراس الليل الذين كادوا يفقدون عقولهم لكثرة ما كسرنا من فوانيس و مصابيح . و كان ذلك قبل ان تستبدل فوانيس البترول بمصابيح الكهرباء .ثم فرقت بيننا الايام ، و ذهبت انا ادرس في باريس و لست ادري كيف صنع احمد ، الا ان التقادير و متحة حكومية ساقته الى لندن حيث درس و تخرج في الحقوق و نال لقب دكتور .
و عدنا الى الوطن بشهاداتنا و بدأنا حياتنا العملية كل في الحقل الذي اختص به . و لم تعتم الصدف ان جمعت بيني و بين محمد فأعدنا اواصر الصداقة القديمة . و كنت ازوره كل يوم تقريبا و توطدت بيننا الالفة الى حد كبير ، حيث لم اكن لأحبس عنه شيئا من شؤوني و لم يكن ليخفي عني شيئا مما يجول خاطره .
أنت تقرأ
شمس حزيران
Romanceثُمَ جاءَ بِكَ القدرُ إلي لِتطفو على سطحِ أيامي كأزهارٍ مُجفّفَة ولِأفتحَ لكَ أساريرَ قلبي وأُسطِرَ بِكَ تاريخَ حُبٍ لم يُكتب إلاّ معك ولم يوَّرِد إلآّ بِك. فمنذُ مجيئِكَ وشجرةُ الياسمينِ داخلي، عادت لِتنمو والرّبيع يا عزيزي أصبحَ على مشارفِ الوصول،...