الفصل الأول (المحاق)- الجزء الثالث

845 57 37
                                    

اسم هذا الجزء: اليين و اليانغ

على حائط غرفتي المليئة بالفرش، الألوان و لوحات واقفة هنا و هناك، علقت قرب احدى الزواية لوحة صغيرة رسمت بألوان زيتية، حيث تشكلت عليها بلونين فقط علامة اليين و اليانغ، ابداعات انا الطفل عندما كنت صغيرا. مع مجيئي هنا احضرتها معي، كتذكار من اعمالي الأولى لم أتخلى عنها. و مع مرور السنين ضلت هناك تاركة أثرها على حائط الغرفة. بسبب وجود اشياء كثيرة في غرفة نوم كهذه حيث اصبحت المساحة ضيقة، لم اعرها الكثير من الاهتمام. ربما عن قصد.

'لا تسلط اضواء حياتك على اهم الأشياء فلا تزول اهميتها.'

رددت الجملة في نفسي و انا احدق بالكرة المكونة من الابيض و الاسود امامي، بينما وقفت في مكاني قرب النافذة المفتوحة.

فوجئت بنفسي الحكيمة فجأة و هواء ليالي انتهاء الصيف الدافئة تتلمسني برقة. مصباح الليل الصغير ينير الغرفة المعتمة بضوئها الأصفر النشيط. بقرب مصباح الطاولة الساعة الرقمية اظهرت الوقت للخامسة و النصف صباحا، واعدا باقتراب موعد الفجر. ادرت نظري لخارج النافذة حيث وقعت عدة اشجار كأطراف الغابة لاكن لم تسنح لي برؤيتها بسبب الظلام. الصمت ابتلع كل شيء خارجا عدا ضجة خفيفة لصرير حشرات الليل و فحيح اوراق الأشجار متأثرة بالرياح. الى فوق دققت بصبر إلى اي دليل يفشي لي عن تغير لون السماء. فكرة سحب عدة الوان غامقة ارسم بها انتهاء الليل بدت جميلة لولا تحجر يدي و ثقلها عن حمل اي شيء بخفة فرشاة. سأترك الفكرة ليوم آخر. ربما سأفضل المشاهدة فقط هذه المرة.

راقبت بترقب ظهور شق في سواد السماء بعد عدة دقائق من المتابعة، كطعنة اخرجت البياض المشرق من العتمة. تمددت اطراف الشق الصغير ليقسم السماء نصفين اسودين بينهما خيط ابيض. تحول بعد ذلك اللون المحيط بالخط الى نيلي غامق، تفتح شيئا فشيئا حتى اصبح ازرقا، وقعت بينها شبه كرة بيضاء ملطخة بألوان زرقة الفجر معلنا ظهور الفجر الصادق بينما ازرقت السماء باعثة شيئا من النور الباهت الى الأرض كأهداء فرصة للرؤية خارجا بوضوح خفيف.

الاشجار أمام نافذتي اتضحت بأغصانها المورقة. بيوت القرية اسفل التلة التي وقعت عليها منزلي بدت كأنها نائمة مثل من سكن فيها. لون السماء اعطى منظرا كسولا و نائما للقرية فبدت كأنها لوحة في عيني.

لما كنت مستيقظا في هذا الوقت و لست في فراشي كالاخرين لغز محير لي، قد يكون له سببان.

اما سببه معرفة ان بعد طلوع الشمس علي ان أنسى روتين العطلة المتلكئ و الكسول و التجهيز لروتين مدرسي طويل. ام رسمة الألوان الزيتية التي انهيتها بارحا و وضعتها قرب كومة ملابسي النظيفة قررت تشكيل مشكلة لي لأفكر بها طوال الليل كهدية دخول المدرسة الثانوية. فوق تلة الملابس استلقى زي المدرسة الجديد خاصتي، و الملطخ بألوان زيتية ايضا الآن.

Dark Side Of The Moon: Black Bridge Arabicحيث تعيش القصص. اكتشف الآن