وضعت يديها الصغيرتين على أذنها تمنع أصوات الصراخ بالخارج من الوصول إليها وهي منكمشة على نفسها بجسدها الصغير في هذا السرير المناسب تماما لعمرها.. ولكنها سرعان ما انتفضت وهي تسمع ضربات قوية على باب غرفتها والذي من حسن حظها قد أغلقته ليكون ستارا حامياً بينها وبين زوج امها.. كانت أصغر من أن تفهم لما يصرخ عليها أو لما يغضب من كل شئ تفعله.. كانت أصغر من أن تفهم ان رجلا مثله لن يتقبل ابنة رجل أخر حتى ولو أظهر عكس ذلك فالبداية لوالدتها ولكنها كانت تشعر ومنذ البداية كونها كون كل الأطفال لا يملكون سوى مشاعرهم الصادقة اتجاه الآخرين كما يُجيدون بالفطرة الشعور بمن يحبهم ومن يكرههم.. وقد أقرت من اليوم الأول الذي رأته به مع والدتها انه لا يحبها بل يمقتها إن صح التعبير.. هطلت دموعها بخوف وهي تشعر أن الباب سيخلع أسفل ضرباته وتوسلات امها له أن يكف عما يفعله.. أن الصغيرة لم تكن تقصد أن توقع الماء على أوراق عمله.. ولكن لا حياة لمن تنادي.. أيضيع فرصة ذهبية كهذه من أجل أن يفرغ حنقه بتلك الحشرة التي يبغضها أكثر من أي شئ أخر.. إنسلت هذه الصغيرة من على سريرها بسرعة متجهة إلى نافذة غرفتها القريبة من الأرض إذ أن بيتهم مكون من طابق واحد قد بناه والدها من قبل ولكنه قد مات قبل أن يبني لكل واحد منهم طابق منفرد كما كان يعدها.. وعدها بأنه سيبني لها قصرا بالمستقبل ولكنه قد اخلف بوعده ليرحل تاركا اياها مع ذلك الرجل البغيض.. لم تكن تريد قصرا.. فقط كانت تريده أن يبقى قليلا بعد.. لكي تنام بحضنه ليلا عندما تخاف لا أن تهرب ليلا عندما يُخيفونها.. تدلت ببطئ من النافذة لتسقط على الأرض متألمة قليلا فرغم كل شئ لم يكن ارتفاعا هينا بالنسبة لطولها العظيم هذا.. ركضت خارج حدود البيت و لا تعرف أين تتجه حقا.. فقط ظلت تركض و هي تلتفت كل ثانيتين خلفها عل الوحش قد لحقها.. ذلك ما كانت تطلقه على زوج امها فقد كان حرفيا الوحش بقصة حياتها.. لم تتعرض للضرب إلا على يده، لم تمنع من الاكل إلا بأوامره، لم تحبس بالظلام إلا ليستمتع هو بصراخها..لذا ظلت تركض.. إلتفتت خلفها تنظر للطريق مجددا وهي تركض ثم أعادت نظرها للطريق ولكنها سرعان ما صرخت وهي تتسمر مكانها من هذه السيارة التي لا تعلم حقا إن كانت قد صدمتها وماتت وستفتح عيناها لتجد نفسها بالسماء أم أنها لازالت حية وهذا شخص ما سيصب جام غضبه عليها هو الأخر بقيت مغمضة عينها بقوة وجسدها يرتجف من الموقف.. لا تجروء على فتح عينها حقا.. ولكنها كانت تسمع ذلك الصوت.. صوت تلك الخطوات التي تضرب الأرض بقسوة وهدوء بنفس الوقت بتناقض غريب.. ضغطت على عيناها بقوة مجبرة اياها علي ألا تفتح وتروي فضول اذناها ومخيلتها ولكنها لم تفلح لتفتح عيناها ببطئ ناظرة لذلك الواقف أمامها.. ولكن هل هناك إنسان صدره مكان رأسه.. لعنت غبائها لترفع رأسها أكثر حتى تتمكن من الوصول لرأس هذا العملاق أمامها.. وما أن رأته أخفضت رأسها للأرض سريعاً من نظراته التي كانت تتابعها كل هذه المدة بترصد شديد.. فركت اناملها بتوتر وهي تتنحنح محاولة إستعادة صوتها مجددا ولكنه خرج مرتجفا "أنا.. أنا أسفة يا عمو مأخدتش بالي من الطريق" لمحته كيف رفع يده ونظر لساعته قليلا قبل أن يتحدث اخيرا بصوته العميق "انتي بتعملي ايه فالوقت دا برا البيت يا شاطرة.. فين بيت اهلك تعالى أوصلك" رجعت للوراء قليلا بفزع عندما سمعته ينوي إعادتها للبيت.. رفع يديه أمامه كمحاولة لتهدئتها. " اهدي .. انا مش هأذيكي لتكوني فكراني هخطفك انا هرجعك البيت مش اكتر.. الطريق مش أمان لطفلة ذيك وخصوصا لو الساعة عدت واحدة بعد نص الليل".. حركت رأسها بنفي وهي تنظر له بينما تحبس دموعها مجددا داخل مقلتيها.. هو لا يعلم أنه ينوي إعادتها تحديدا للمكان الذي تهرب منه.. ظفر بنفاذ صبر.. كان واضحا بأنه ليس من النوع الصبور إطلاقا.." طاب انتي إسمك ايه طيب ".. نظرت له بتردد لتهمس بعدها بصوت بالكاد وصل لمسامعه "أنا إسمي خيال".. ابتسم بهدوء ماداً يده لها "تشرفا يا أنسة خيال وأنا رعد"..رعد.. رددت اسمه مرة أخرى بداخلها ولا تعلم لما شعرت بذلك الأمان يحاوطها من شخص غريب مثله.. ولكنها سرعان ما انقلبت ملامحها بتساؤل وهي تقول باستغراب "أنسة!!".. ضحك بخفة على تعابير وجهها تلك الضحكة التي جعلتها تنظر للأرض مجددا بخجل بريئ.." طبعا أنسة انتي مش شايفة الطول حتى عامل شغل ازاي".. ذهب خجلها ادراج الرياح وهي تفهم سخريته من قامتها القصيرة لترفع رأسها بغضب وتزم شفتيها للأمام بضيق "والله مش ذنبي ان انت اللي طويل وأهبل".. رفع حاجبه بتفاجئ حقيقي.. هل هذه القزمة نعتته بهذا اللفظ الان وأضخم الرجال يحنون رؤوسهم خوفا أمامه.. رعد الدمنهوري رجل الأعمال المعروف رغم سنوات عمره التي لم تتعدى الواحد والعشرين إلا أنه قد بدأها مبكرا جدا حتى أصبح فالقمة.. كلمته تُسمع.. وأمره يُنفذ.. إسمه وحده كافيا بقلب موازين كثيرة فوق رؤوس أصحابها.. ولسبب ما وجد نفسه يضحك بقوة وهو يقرص خدها "إنتي عندك كام سنة يا حلوة".. دفعت يده بحنق "سبع سنين".. رأته يضحك مجددا لتنفخ خداها بضيق لتبدو كتلة من اللطافة التي تدعو للأكل.. نظر لعبوسها ليتوقف عن الضحك وهو يعود لهدوئه الرزين مجددا "ايه دا انتي زعلتي.. انا أسف يا ستي بس أصل يعني شكلك مش لايق مع الرقم خالص.. إنسى خلاص.. المهم تعرفي فين عنوان بيتك".. ولسبب ما وجدت نفسها تنفي برأسها مُدعية الجهل ليحك فروة رأسه لتتناثر خصلاته الفحمية على جبينه قليلا.. "ودي بقى مشكلة.. انا مستعجل ومش ينفع أقعد اكتر من كدا.. بس برضو مش ينفع اسيبك كدا فالشارع وانتي مش عارفة بيت اهلك ومش باين عليك انك متعودة عالشوارع من لبسك".. رفعت كتفاها بقلة حيلة مصطنعة ليتأملها للحظات قبل أن يمد يده لها مجددا "خلاص تعالى معايا دلوقتي وانا هلاقي اهلك اكيد، بس مش ينفع تفضلي كدا مش هأمن عليكي ".. أمسكت يده بسرعة.. شعرت بذلك الأمان مجددا بحضوره.. ابتسم وهو يأخذها ليفتح لها باب السيارة ورفعها لتجلس بالكرسي المجاور للسائق وربط لها حزام الأمان ثم إستدار مُتخذاً من خلف المقود مقعدا له.." هو احنا رايحين فين يا رعد ".. سألته خيال وهي تنظر له ببرائة.. وضع رعد مفتاح السيارة وادارها وهو يضحك "بسرعة كدا شلتي الألقاب لا دا انتي خادتي عليا أوي يا ست خيال.. يالا سماح المرادي بس بعد كدا هتقوليلي يا أبيه ماشي احتراما بس لفرق الطول ما بينا قصدي العمر يعني تمام".. ابتسمت وهي تعيد ورائه "أبيه رعد تمام".. أومئ برأسه لها وهو ينطلق بسيارته الفاخرة "أيييوة كدا شطورة واحنا يا برنسيس خيال رايحين القاهرة مش عايزك تقلقي اننا هنسيب اسكندرية انشاء الله هلاقي اهلك فأسرع وقت ".. و إجباتها كانت إبتسامة وهي تدعو بداخلها ألا يتمكن من إجادهم أبداً.. لا ترغب حقا بالعودة لعذاب زوج امها جمال الشرير.. فكت حزام الأمان الذي يقيضها بعد محاولات كثيرة تحت انظاره الذي تتابعها من وهلة لأخرى ليرى أين تريد ان تصل بالنهاية.. ظفرت بانتصار فور أن نجحت بذلك.. ولكنه اندهش حين وجدها تجلس على ساقيه وتندس بين أحضانه وهو يقود مغمضة العينين.. تسمر للحظات وما أن استفاق أراد أن يحدثها ولكنه شعر بانفاسها المنتظة ليعلم انها قد غطت بالنوم فورا.. تنهد مبتسما من هذه الطفلة التي اعتادت عليه بدقائق قليلة.. أحاط جسدها بزراع واستمر بالقيادة باليد الأخرى وهو يهمس "يتري هعمل معاكي ايه يا خيال"......
🟢🟢🟢🟢🟢🟢🟢🟢🟢🟢🟢
*تعليق لطيف ذيكم *
Je vous aime tous 🥰❣️❣️❣️❣️❣️❣️
أنت تقرأ
Princess of Thunder (أميرة الرعد)
Roman d'amourمنذ أن عَرفتُ الحب كان يعني لي حروف إسمك.. منذ أن عُزفت ألحان الهوى كانت لي همسات كلماتك.. أماني أنت ورجلي.. معشوقي ووتيني الذي يحيني.. أما حان الوقت لكي تحنو على قلب طفلتك وعاشقتك.. صغيرتك التي أويتها بأحضانك منذ زمن طويل..إلي أن يُجمع قلبانا بورود...