لقاء على القمر

تشبهين النجوم البعيدة

الفصل الثالث عشر
قاطع تفكيرها بسؤاله لها مرة أخرى : لم تجيبينى بعد
نظرت له سيلينا طويلا وقالت : ربما لأننى .. لأننى على كوكب آخر غير كوكبى فهذا يفقدنى قوايا
- لا أعتقد أن هذا هو السبب .. هناك سببا آخر تخفينه
- أصبحت أنت من يقرأ الأفكار .. أخبرنى إذن ماهو السبب الآخر
- ربما لأنكى معجبة بى
ارتبكت وقالت :  أنت مغرور حقا .. أنا لست كذلك أنا فى مهمة عمل فقط ولا يحق لى أن أفكر بمثل هذه الأشياء
- هل عملكم يقتضى إلغاء مشاعركم
- هذا ما قمنا بدراسته وتعلمناه  وأصبحت تلك عاداتنا
- ألم تخالفوها من قبل
ترددت قليلا وقالت : حدث ذلك ولكن كانت عواقبه وخيمة
رأى نظرة الحزن تعتلى وجهها فقال : ماذا .. هل حدث معكى أنتى
خفضت ناظريها ولم ترد فقال : أنا آسف إن كنت أثرت شجونك حقا .. سامحينى .. لم ترد فقال لها : عامة عدم قدرتك على قراءة أفكارى يناسبنى كثيرا .. فأنا لم أكن أريد أن تعرفى بما أفكر  به الآن
أثار فضولها فسألته : لماذا .. بما تفكر ؟
- لن أخبرك فقد جعل الله أفكارنا مستترة عن الآخرين رحمة بنا وهى نعمة كبيرة علينا .. ولكن يمكننى أن أخبرك بأننى أظن انكى شخصية رائعة وذكية وجميلة بالفعل
- أشكرك .. تلك مجاملة لطيفة و شهادة منك أعتز بها كثيرا
- لم أكن اجاملك على الإطلاق فانتى تشبهين تلك النجوم البعيدة الغامضة التى لا يستطيع أحد الاقتراب منها .. فقط من تسمحين له بالاقتراب هو من يستطيع الاقتراب
نظرت له بدهشة من قوله كيف استطاع أن يوصفها بذلك الوصف الذى يبدو وكأنه يناسبها تماما .. ثم شعرت بالضيق لأنه يؤثر بها بتلك الطريقة وهى غير معتادة على ذلك .
عندما وصلوا إلى القاهرة رفضت سيلينا أن تأخذ راحة من السفر وقالت لباهر : ليس هناك وقت .. فلنبدأ العمل على الفور
- حسنا أنا كنت احتفظ بكل شئ فى خزينة سرية سأتى بها لاطلعك عليها .. وذهب باهر بالفعل وقد أخذ يفكر بينه وبين نفسه هل ما يفعله هو الصواب أم لا ولكنه لم يكن بيده شئ آخر ليفعله فتلك الأبحاث والاكتشافات التى قام بها لو عرضها على وكالة ناسا أو جهة أخرى لن يضمن ما سيفعلونه بها أو  ربما ينسبون كل شئ لأنفسهم أو ربما يسفهوا من مجهوده وذلك حدث من قبل .. أما هؤلاء القوم من كوكب آخر لن يفرق معهم سوى الاكشافات الحقيقية وتتبع مصدرها ما إذا كانت صح أم خطأ والعمل عليها وهذا ما فكر فيه كثيرا وارتاح له خاصة بأنه قد ارتاح لسيلينا وبدأ يثق بها بأنها لن تؤذيه أبدا .
اجتمع الثلاثة بالفندق الذى تقيم به سيلينا بعد أن جاءهم باهر بأبحاثه السرية التى لم يطلع أحد عليها من قبل جلس كريم وسيلينا وباهر كان يشرح اكتشافه ويقول :
بعض العلماء لاحظوا أجرام بيضاء ضخمة وغريبة تنفث اشعاعات قوية وطاقة كبيرة جدا وأنا بعد دراسات واستنتاجات كثيرة وصلت أنه يمكن أن تكون ثقوب بيضاء مقابلة لثقوب سوداء من الجهة الأخرى لنسيج الكون أو من كون آخر
كريم : كون آخر .. هذا مستحيل
- لو نظرت لنظرية انشتاين لا توجد حقيقة مطلقة فى هذا الكون الرهيب .. ثم أنظر إلى جانب من تجلس أنها من كوكب آخر
- أنت تتحدث عن كون آخر ..  أنا أعلم أن هناك نظريات كثيرة عن هذا الأمر ولكنه درب من الخيال
- لقد أكد القرآن الكريم بشكل صريح وواضح فى آيات كثيرةعلى وجود اكوان أخرى غير هذا الكون المشاهد الذى نعيش فيه وهى مأهولة بأنواع مختلفة من الكائنات العاقلة كما جاء فى قوله تعالى ( الله الذى خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شئ قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما ) لقد نصت الآية السابقة على أن الهدف من إخبار الله عز وجل البشر بوجود سبع سموات وسبع اراضين هو أولا للتدليل على قدرته سبحانه وتعالى وثانيا لإقناع البشر باحاطة على الله عز وجل بكل تفصيلات هذا الكون .. ولقد أكدت الاكتشافات العلمية الحديثة إلى احتمالية كبيرة بوجود أكوان أخرى غير كوننا هذا أطلقوا عليها أسماء مختلفة كالأكوان المتوازية
- هذه ليست المرة الأولى الذى تستشهد بها بالآيات القرآنية فقد فعلت هذا من قبل فى بحثك الأخير
- هذا لأن القرآن الكريم به آيات قرآنية كثيرة تشير إلى الكثيرمن الحقائق المتعلقة بنشأة هذا الكون وبنيته فلقد حدد القرآن الكريم المادة الخام التى بنى منها هذا الكون
واخيرا قد خرجت سيلينا عن صمتها وقالت : أريد أن أطلع على القرآن الكريم هذا
نظر كل من باهر وكريم لها بدهشة تمتزج بالفخر .
أقام باهر وكريم حفلة صغيرة تجمع شمل العائلة وليتعرفوا على سيلينا الذى اقنعها باهر بعد إلحاح طويل منه فقد كانت تخشى مخالفة الأوامر .. قام بتعريفها  على عائلته على إنها زميلته فى العمل ولم يسلم باهر من أخته التى أخذت تغمز له بين الحين والآخر فكان يبتسم كلما عرف مقصدها أما عن سيلينا نفسها فقد كانت تشعر بدفء غير عادى لم تشعر به من قبل ولم تفهم  أبدا تلك الإشارات بين باهر وأخته لكنها كانت سعيدة وتضحك لضحكهم ولم تستطع أن ترفض طلبهم على أن يصطحبوها فى جولة سياحية فى القاهرة ولكن كما هو الحال معها دائما فلا سعادة لها تدوم فقد كان هناك من يراقبها ويترصد لها الأخطاء  .. وبالفعل ميركو لم يكذب خبر وذهب من فوره  وأخبر الزعيم بالآتي :
لقد تأكدت بنفسى فقد قمت بمراقبتها بناءا على أوامرك ويبدو أنها قد وقعت فى حب ذلك الكائن وتذهب معه هنا وهناك مخالفة لاوامرك ويبدو أنها ستبيع كوكبها وعشيرتها من أجله
- هل أنت واثق من ذلك
- كل الثقة لقد رأيت كل شئ بنفسى
- حسنا .. نفذ الخطة البديلة .. أما  عن سيلينا  فأنا أريدها لأتولى أمرها بنفسى.
يتبع