الفصل الثامن عشر والأخير
عاد باهر إلى عائلته وكان استقبالهم له حار للغاية وقد حاول كثيرا التملص منهم للبحث عن كريم فهو آخر شئ يتذكره عن كريم هو خطته لإخفائه عن عيون ميركو وأعوانه بالرغم من اعتقاده أن كل ما حدث يبدو له حلما طويلا ولكن كريم هو من سيحدد له ما إذا كان حلما أم حقيقة .. حاول الاتصال بكريم كثيرا وترك له خبر عند معارفه بأنه يريده فى أمر هام ثم تذكر هو نفسه أنه قد قال لكريم فى آخر مرة ألا يتحدث مع أحد ويختفى عن العيون تماما .. كان أمرا شاقا على باهر أن ينتظر ظهور كريم بأى شكل قبل أن يصيبه الجنون من كثرة التفكير وقد حاول كثيرا أن ينشغل بالعمل دون فائدة خاصة وأن صورة سيلينا لم تفارق خياله .. فى أحد الأيام جاءه اتصال من كريم لم يصدق أذنه وقال : كريم أين أنت .. أريد أن أراك بشدة
- وأنا أيضا يا صديقى .. لم أصدق حينما علمت بأنك قد سألت علىّ .. كم اشتقت إليك
- وأنا أيضا .. أريد أن أراك فى أقرب وقت
- حسنا ولكن هل كل شئ على مايرام
لم يريد باهر أن يذكر شيئا فى الهاتف فقال : نعم .. كل شئ على ما يرام .. سأنتظرك
التقى باهر بكريم أخيرا وقد كان كريم سعيد لرؤية باهر وقال : لقد عدت أخيرا .. كم كنت قلقا عليك يا صديقى
تنبه باهر لحديثه وقال : ولم كنت قلق .. هل كان هناك شيئا خطرا
- ألا تذكر رحلتك
- كريم أرجوك وضح لى الأمر فأنا مشوش قليلا ولا أعرف ما حدث بالتحديد فقد اختلط علىّ الأمر ولا أعرف ما حدث لى ما إذا كان حلما أم حقيقة .. أخذ كريم يقص على باهر كل شئ بداية من مكالمته له عندما كان بالخارج وطلب منه أن يأتى له على الفور وبعد ذلك لقاءهم سويا فى ذلك المكان العجيب ومعرفته بوجود كائنات من كوكب آخر وبعد ذلك افتراقهم عندما سافر باهر مع سيلينا .. استمع له باهر وقد دمعت عيناه وقال بفرحة : لم يكن حلما .. لم يكن حلما
- بالطبع لم يكن حلما .. فأنا كنت معك وشاهدت كل شئ بأم عينى
- أشكرك كثيرا يا كريم .. لقد اعطوننى شراب فأصبحت مشوش بسببه وظننت بأننى كنت أحلم لكن أنت كان دليلى لأعرف الحقيقة
- ولكن أخبرنى ماذا فعلت هناك
- هذا أمر يطول شرحه .. سأخبرك بكل شئ.
فى الفترة التى تلت ذلك أصبح باهر عضوا فى نادى الفضاء العالمى وأصبح له أطروحات وأبحاث كثيرة يتناولها الطلاب ويدرسونها وتزوجت أخته وقد اطمئن عليها أخيرا وكريم قام بخطبة فتاة أيضا وكلما كانت والدته تشير عليه بالارتباط هو الآخر كان يتهرب منها فهو كان على عهده مع سيلينا ولم ينسى أبدا ميعاد لقائهم القادم .. ثم لم يكن من الصعب على باهر انضمامه لوكالة ناسا الفضائية وقد قام بعمل رائع وأثبت جدارته للجميع هناك وعرض عليهم بحثه الجديد عن امكانية رصد حضارات خارجية من سطح القمر وبالفعل قوبل اقتراحه بالقبول فقد عرض مدير وكالة ناسا الاقتراح على أعضاء الكونجرس الأمريكي وسيسمح استصلاح القمر وإنشاء مختبرات هناك باكتشاف كواكب تدور حول نجوم أخرى حيث يمكن اكتشاف حضارات خارجية أخرى والقمر مكان مناسب جدا لهذا الغرض ولم يكن من الصعب على باهر أن يقنعهم بتاريخ ذلك الحدث.. كحدث هام يعد احتفال جيد اثناء اسبوع الفضاء العالمى .. وقد كان العمل على قدم وساق لمواكبة ذلك الحدث والاستعداد له وحانت اللحظة التي كان يتمناها باهر بالقيام بالرحلة على سطح القمر وكان هو ضمن فريق العمل وانطلقت السفينة إلى هناك واستغرقت الرحلة حوالى ثلاثة أشهر وبعد أن لفت السفينة حول القمر عدة مرات قرروا أن يهبطوا على بحر الأمطار وبدا القمر مكان مخيف ملئ بالمخاطر ولا سبيل للسكنى فيه فليس هناك ماء ولا هواء وتتساقط أشعة الشمس المحرقة على سطح القمر فكانت تخز اجسامهم وخز الإبر ولا يجدون نسمة من هواء تقيهم شرها وخلال تحركهم بحرص وقع باهر بعد أن انهارت الأتربة داخل فوهة عميقة من فوهات البراكين فاحتار رفاقه ماذا يفعلون خاصة وأن وجود الجبال على القمر معناه انه جسم متحرك وليس ميتا وأن له قشرة كقشرة الأرض وهى الطبقة التى تعيش البشرية فوقها وبذلك لم يعرفوا إذا كانت تلك الفوهات للبراكين خامدة أم لا .. ثم توصل بعضهم للانتظار فى السفينة ثم العودة لاحقا بعد التوصل لشئ لإنقاذ باهر قبل أن تنطلق السفينة وتعود من فورها.
وقع باهر فى هوة عميقة وقد حاول ان يتمسك بشئ ولم يفلح .. ثم اصطدم بشئ ناعم ثم نظر حوله وجد رجلان بزى غريب وقد سأله أحدهما : هل أنت بخير . . تردد فى إجابته ثم قال : نعم
أخذوه إلى سفينتهم الفضائية وهناك اخبروه أن ينتظر للقاء قائدهم وانتظر باهر فى قلق ثم انفتح الباب أخيرا ودخلت .. نعم دخلت فقد كانت سيلينا ولم يصدق باهر ما رآه فقال : سيلينا .. أنا لا أصدق عينى
- لقد وفيت بوعدى لك واتيت للقاءك
- وأنا سعيد للغاية برؤيتك .. كنت أعلم انكى ستأتى
- وأين لك بكل تلك الثقة
- لأننى دعوت الله أن اراكى ثانية حتى يرتاح فكرى المشغول دوما بكى
- وأنا أيضا كنت تعيسة الفترة الماضية وقد اشتقت اليك كثيرا ولكنى جعلت وقتى كله للعمل حتى انشغل وانسى ولكن لم استطع ان انسى ابدا .. ولم يخفى حالى عن الزعيم وقد سالنى وعرف سبب حزنى ثم سالنى إذا ما كنت أريد أن أستقر معك على الأرض
- حقا .. وبماذا اجبتيه
لم أجيبه فأنا خائفة كثيرا من تلك الخطوة لأننى سألقى بكل ما أعرفه وراء ظهرى وكأننى ولدت من جديد
- لقد ولدت أنا من جديد بالفعل بحبى لكى
- ولكنك لن تأخذ مثل تلك الخطوة .. لن تجرؤ .. لو أتيحت لك الفرصة فهل ستترك عائلتك وأرضك من أجلى
- هو قرار صعب ولكن الحب تضحية
- آسفة لن استطيع
- سيلينا أرجوكى .. فكرى جيدا
- أنا آسفة يحب أن أعود الآن وأنت أيضا فاصدقاءك يبحثون عنك وهم قريبون للغاية .. الوداع
تركته مرة أخرى لحزن لا يعرف آخره هذه المرة وأخذ يمشى غير مستقرا إلى أن وجده اصدقاءه وسألوه عما حدث فلم يجيبهم فظنوا أنه مريض ومتعب أثر الوقعة وفور صعوده طلبوا حضور الطبيب له فقال لهم : لا أريد طبيبا أنا بخير
فقالوا : يجب أن يراك الطبيب قبل الانطلاق من جديد .. وجاء الطبيب واقترب منه ليفحصه فقال باهر : ابتعد عنى أنا بخير
- أشك في ذلك
سمع باهر تلك العبارة بصوت سيلينا التى كانت متنكرة فى صورة الطبيب فقال على الفور : سيلينا .. هل هذا أنتى حقا
- ومن غيرى معه دوائك
- نعم فانتى دوائى .. هل ستظلين إلى جانبى
- نعم .. ويمكنك من الآن تعليمى كل شئ عن الأرض واهلها وعاداتكم حتى أكون فردا منكم
- هل أحلم أم ماذا
- لا ليس حلما بل حقيقة ولن اتركك أبدا يا باهر .
انتهت الرحلة وانهى باهر عمله سريعا وعادا إلى القاهرة واستعد الاثنان للزواج وقامت سيلينا بتغيير اسمها ل سلمى وتزوج الاثنان وسط فرحة عارمة من أهله واندمجت معهم سيلينا سريعا واصبحوا عائلتها وذاع صيت باهر العالم الفضائى وقد كانت سيلينا دوما إلى جانبه تسانده وتساعده وقد خطط الاثنان للقيام برحلة فضائية استكشافية معا لكوكب جديد تحوم حوله ألغاز كثيرة .
تمت
أرجو ان تكون القصة قد نالت إعجابكم ويهمنى كثيرا سماع آرائكم
ملحوظة : المعلومات العلمية فى هذه القصة صحيحة تماما ومن مصادر موثوقة
أنت تقرأ
لقاء على القمر
Ciencia Ficciónإسم هذه القصة ليس مجرد خيال بل إنه واقع إن لم يكن قد حدث من قبل فهو ممكن حدوثه بإذن الله