II

267 25 11
                                    


عيناه لامعة، كما لو كانت ماء الذهب
خصلاته حالكة تُصارع الهواء
وقد عقدتُ العزم لأتبعه، أينما ذهب
ولن تضِيع نيّتي هباء

"آه يا اللهي، ذلك الصوت مُجدداً." تنهّد مآر بينما يقبض على رأسه بيأس.

لطالما سمِع صوت ساحر يُغنّي نفس الأغنية مراراً وتكراراً، في كُل مرة يقترب من جزيرة مآرمة. لم يجد أبداً تفسير لذلك الأمر، والأغرب أن لا أحد يسمعه غيره.
..

"حافظوا على ثباتها." صاح مآر من وراء عجلة القيادة بينما يصِفّ السفينة على ساحل الجزيرة. لا يُنكر أنّه يشعر ببعض التعب، فلمْ ينَم إلا ساعاتٍ قليلة. يحدُث ذلك دائماً في ليلة وصوله لجزيرة مآرمة.

"هل نُقيم الخِيَم الليلة؟" سأله كَال مُتعجباً من التعب الذي يظهَر على صديقه.

"لا، سنبِيت الليلة في السفينة، حتى تمُر العاصفة." ردّ مآر بينما يستنِد على سور الطابق العلوي.

شردَ مآر قليلاً حتّى استسلمَ لفضولِه وقام بسؤال كَال، "هل سمعت صوتاً ليلة أمس؟ صوتاً يُغنّي؟"

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.


شردَ مآر قليلاً حتّى استسلمَ لفضولِه وقام بسؤال كَال، "هل سمعت صوتاً ليلة أمس؟ صوتاً يُغنّي؟"

"آه لا بُد أنّه كان صوت ليو، فهو يُغني لحبيبته وهو نائم." ضحك كَال عالياً، ولكنّه توقّف عندما رأي جدّية مآر.

"لا، لم اسمَع أيّ صوت، لقد كنتُ نائماً بعمق." أخبره كَال بهدوء ليتنهّد مآر مرةً أخرى بيأس.

"ماذا لو كانت 'سيرين'؟" تحدّث كَال بعد مدّة من الصمت.

"وهل تظُن أننا سنكون على قيد الحياة الآن لو كانت واحدة من الـ 'سيرين'؟ كما أننا ابتعدنا عن جزيرتهن." أجابه مآر وقد لاحظ حينها أنّه يبدأ بسماع ذلك الصوت منذ مرورهم بجزيرة الـ 'سيرين' وحتى وصولهم لجزيرة مآرمة.

ولكن يبقى السؤال، لقد زاروا جزيرة مآرمة مراتٍ عديدة، لما لمْ تحاول إحدى الـ 'سيرين' مهاجمتهم؟
..

"اخفضوا الشراع الرئيسي بسُرعة! وحافظوا على ثباتها." صرخ كَال في الطاقم الذي استيقظ فزعاً بسبب العاصفة الشديدة التي ضربت الجزيرة.

كان البرق يُنير عتمة الليل للحظات كُلما ضرب، وكانت السفينة تتخبط يميناً ويساراً مع الأمواج ولولا المرسى لكانت الأمواج حملتها معها.

"سيدي، لا أعتقد أنّها ستصمُد أكثر." صرخ ليو من فوق برج المراقبة.

"فقط تمسّكوا بالحِبال جيـ.." وقبل أن يُكمل مآر جملته، أتت موجة عالية لترمي بالسفينة جهة الساحل الصخري للجزيرة.

...

"من الجيد أنّ الماء لم يصل للخِيم، لتَجمّدنا الليلة الماضية." تحدّث ليو بغيظ بينما يحمل الدلو المملوء بصمغ الأشجار مع بقية الرجال.

"حمداً لله أن الأضرار لم تكُن كبيرة، وأن الشروخ كانت في القسم العلوي من السفينة." قال كَال بنبرته الإيجابية كما العادة.

"بل قُل لما أصرّ مآر على أن نزور الجزيرة في هذا الوقت من السنة! إنّه موسم الأمطار بحق السماء!" صاح ليو بإحباط.

"لقد سمعتك،" صاح به مآر الّذي كان متوجّهاً نحوهم بعدما كان يتفقد السفينة. ضحك كَال بينما فرّ ليو هارباً.

"برأيك، مآر، لما يصرّ والدك على وجود الخاتم معك دائماً كُلما تُبحر؟" تساءَل كَال.

"لا أعلم، كَال. ولكن الأغرب.. أنني أجد نفسي مُتعلق بذلك الخاتم، ولا أُمانع أخذه كُل مرة كُلما أصرّ أبي." ردّ مآر بينما ينظُر للأفق.
...

كان جميع الطاقم نيام في الخِيم عندما قامَ مآر قلقاً. وضع وشاحه على كتفيه ليقِيه من نسيم الليل البارد وأخذ يمشي على شاطئ الجزيرة، لعلّ النعاس يغلبه.

أخرجَ الخاتم من جيب بنطاله وأخذَ ينظُر له ويُقلّبه في يده. لما لمْ يسأل والده عن قصة هذا الخاتم حتّى الآن؟ هو يعلم أنّه يعود لوالدته، ولكنّه واثقٌ أنّ هناك المزيد لهذه القصة.

سمع فجأة صوتاً طفيف جعله ينظر حوله بغرابة، هل يُعقل أن يكون أحد الرجال قد استيقظ الآن! هذا مستحيل، فهُم ينامون كالقتلى.
قامَ من فوق الصخرة التي أخذها مجلساً واقترب بخفّة من مصدر الصوت، والذي كان وراء مجموعة صخور عالية الارتفاع، تُشكّل خليجاً صغيراً يدخله المياه الضحلة. نظر لما وراء الصخور لتتوسع عيناه بصدمة.

ذيلها الذي يُشبه ذيل الحوت تداخلت الألوان به، من الأخضر للبنفسجي، خصرها الصغير، تلطخ بالدماء بسبب جرح بجانبها الأيسر، خصلاتها السوداء الطويلة غطّت كتفيها وجزءها العلوي، ووجهها.. سمع كثيراً عن حُسنهن، ولكنّه لم يرى واحدة من قبل. وقد صدقت كُلُ تلك الأساطير.

إنها حورية بحر.

... نهاية الفصل الثاني.

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
| عروس البحر الأزرق |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن