IV

215 22 9
                                    


كانوا في طريقهم لجزيرة من جزُر الأرخبيل الغربي، فقد قررَ ألّا يتوجّه إلى شِرمِر بعد، حتى تُخبره مَن كانت تقصد ليلة أمس.

"سنصل لسواحل الأرخبيل قُبيل الظهيرة." صاح ليو من أعلى برج المراقبة. اومأ له مآر وتوجّه بنظره نحوها، كانت تقف مُستنِدة بذراعيها على السور، تُحدق في المياه.

توجّه نحوها ووقف خلفها بخطوات، "ماذا يُسمُونكِ؟" أخرجها صوته من شرودها لتلتفت له، ولكن لازالت تلك النظرة التائهة بعينيها والتي تعجّب منها كثيراً، يشعُر وكأنها تحوي أسرار بعمق ذلك البحر.

"ڤ‍يوليت." أجابته بصوتٍ منخفض.

أعاده تفكيره للوقت الذي وجدها فيه، وقد عادت صورة ذيلها الأسطوري ذا تدرجات الأخضر والبنفسجي، وفكّر أنّها ربما حصلت على إسمها هذا بسبب ألوان ذيلها.

"حسناً، ڤ‍يوليت، الآن ستخبرينني بما قصدتي أمس، ولما تتبعينني كلما اقتربتُ من جزيرة مآرمة؟" سأل بنبرةٍ جديّة شِبه آمرة، وشاهد التوتر يعود لوجهها مرة أخرى.

فليلة أمس بعدما تلعثمت في حديثها، سقطت بين ذراعيه، ظنّ أنها فقدت الوعي ولكنها كانت نائمة فقط ولأنها ليست معتادة على الوقوف على قدمين، سقطت ولم تشعر بما حولها.

"أنت معك ذلك الخاتم، هُناك تاجرٌ في بلدتك، يريده بأي ثمن. أعتقد أنّه يُدعى أوديار."

"أوديار! ذلك التاجر الذي طلب من والدي كميات هائلة من زيت كبد الحوت، وقد رفض أبي طلبه لأنّه لا يتاجر به. ولكن لما يريد الخاتم؟!" لم يكُن ذلك السؤال الأخير موجهاً لأحد على وجه التحديد، كان تساؤلاً يدور بينه وبين نفسه.

"المهم ألّا تعود لشِرمِر الآن، فلا بُد أنّه يبحث عنك." قالت له بنبرةٍ قلقة مما جعله يعقد حاجبيه.

"ولما أنتِ قلقة على سلامتي لهذا الحد؟ هل تقومين بإنقاذي من أوديار لتأخذيني لعشيرتك وتُقيمين بِنا وليمة هناك؟" سألها بهجوم ولكنّه ندم في الحال عندما رأى عبوسها.

هي تُشتته، تُشتته لأبعد حدٍ. نظراً لكمية الحكايات والأساطير التي سمعها عن وحوش البحر الفاتنة المُسماة بالـ 'سيرين' كان ليُلقيها في البحر على الفور، ولكن صوتٌ بداخله يخبره ألّا يفعل ذلك، وصوتٌ عقلاني آخر يخبره بأنّ هذا سيقوده لحتفه لا محالة..
...

"لنتزود بالماء الصالح والفاكهة، ثُم نعود للسفينة." أخبرَ طاقمه بعدما رسَت السفينة على شاطئ إحدى جزر الأرخبيل.

كان يشاهدها تمشي أمامه وتتعثر بمشيتها كُلما خطَت خطوتين، كانت ترتدي ثوباً من ثيابه وكان كبيراً للغاية عليها. مازال رجاله يتجاهلونها، ربما باستثناء كَال، الذي ناولها قدح من المياه صباحاً وقد ابتسمت نحوه بحلاوة.

| عروس البحر الأزرق |حيث تعيش القصص. اكتشف الآن