الفصل الثاني و العشرون

167 16 42
                                    

.
صففت شعري للخلف و ارتديت قميصاً أسوداً تحته بنطالٌ بذات اللون.. و حزام يمسكه بإحكام.

أخذت هاتفي و محفظتي و كل شيءٍ و جدته أمامي ثم خرجت مسرعاً لاستقلال الحافلة ، 
شيءٌ لم أفعله منذ زمن.. لكنني مضطر لفعله.

أكثر ما يضايقني في هذه الأماكن هو عدم قدرتي علىٰ السّيطرة علىٰ حسّي الأمني ، فأظل أنظر هنا و هناك و أقرأ لغة أجسادهم.

عندما وصلت كان باب الميتم مفتوحاً ، لأن الأطفال يذهبون إلىٰ مدارسهم في هذا الوقت.

أرسلت ابتسامات لكل من قابلني و بعد عناء عثرت علي مافيلدا و التي كانت تُلبس أحد الأطفال حذائه.
بدي في عامه الأول.

"صباح الخير مافيلدا" قلت بصوت عاليٍ حتي تسمعني ، فالجو صاخبٌ هنا بفعل الأطفال المتحمسين .

"صباح النور أيها المحقق ، تيموثي اعتدل قبل أن أصفع مؤخرتك!"
قالت بصوت جهور قبل و صرخ علي طفل أخر كان يجلس علي الكرسيّ. يتشعلق به كقرد سرق منه طعامه. جاعلة منه يفزع.

"اين غاردينيا؟" سألتها ، و قد اضطررت لرفع صوتي جراء الضجة.

"في غرفتها تستعد للذهاب للمدرسة ، أأعد لك بعض الشاي ؟ " أجابتني و هي تشير للسّلم الموصل للغرف.

" لا ، شكراً. سلمت يداك "

"أبي" سمعت قبل ان ينقض عليّ جسدٌ ضئيل و يتشعلق بعنقي من خلفي. عميت فجأةً عندما وضعت عدة اصابع على عيني تخفي رؤيتي،
و صدر صوتٌ بجانب اذني قائل :

" من أنا "

انزلتها علىٰ الأرض و التفت بجسدي إليها ، أرىٰ ابتسامتها اللطيفة..

صوفيا ، هي طفلة تم التخلي عنها من قبل والديها.
ابنة غير شرعية. كانت تتعرض للتعنيف من زوجة والدها بالتبني ؛ قبل ان تكسر المزهرية فوق رأسها.

" ازداد طولك "
قلت واضعاً كفي مستقيماً فوق رأسها و أعدته بخط مستقيم إلىٰ معدتي ؛ حيث أصبح طولها.

" بلغت الثالثة عشر " قالت بحماس و الابتسامة تشق وجهها الصغير.

"صوفيا اسرعي الحافلة ستنطلق" صرخت بها مافيلدا ، فودعتني و قفزت مسرعةً نحو الخارج.

وضعت مافيلدا صحن مسطّح يحوي شطيرة جبن أمامي و لم أحتج لتبرير عن رفضه فنزراتها كفيلة لأفتح فمي و أتناول بهدوء.

اثناء تناولي لآخر قضمة منه و قبل أن أبتلعها التقطت عيناي هيئة صغيرة تقفز فوق درجات السّلم كفراشة خفيفة تتمايل مع الريح

 Gardenia || K.TH ||  غَارْدِيـنِيَا حيث تعيش القصص. اكتشف الآن