الجزء الخامس : الولادة

1K 32 0
                                    

في منزل شبه مظلم في الضواحي السورية تجلس فتاة حبلى لم تتجاوز الثالثة و العشرين من عمرها تستمع الى حفيف الاوراق الملقاة على الارض بجانب نافذتها في عيناها نظرات بنت مجنونة تتمنى ان يكون ما تمر به حلما، كيف لا تجن و هي كانت زوجة للشيطان الملعون الذي تربت طول حياتها على كرهه و مقته كعدو اول اليوم يوجد احشائها طفله المتوقع ان يولد في غضون شهرين من الان، تراودها افكار الانتحار بسبب وحدتها فقد تخلى عنها والداها بعد ان اصيبت بالرعب مما رأت و اتهموها انها مجرد خزعبلات و اكاذيب تغطي بها حقيقة ان زوجها تركها ذلك الزوج الذي لم يرتح له ابوها لكنها عاندت و اصرت بدافع الحب.
حواء:" يا الهي لا اعلم بما ابتليت لطالما كنت فتاة مؤمنة لا تتركني وحيدة فانا لا اعرف ما افعل".
نزلت السكينة على قلبها و أحس بتحرك جنينها فابتسمت و قررت ان تربي هذا الطفل رغم كل الصعاب و الماسي و ان تخبره الحقيقة يوما ما  و تدعه يقرر ما يفعل بحياته.

مر الشهران بسرعة و حان وقت الولادة كانت وحدها في هذه الايام و لم تشأ ان تقوم باتعاب والديها، كانت اكبر مخاوفها ان يكون الطفل بعين واحدة او بلون غريب او حتى بقرون و أجنحة لم ترد الشهرة لهذه الاسباب ارادت فقط ان تكون اما طبيعية لولد طبيعي، دخلت الى غرفة الولادة و معها مجموعة من الممرضات و طبيبة يقومون بمساعدتها على الهدوء رغم الالم الكبير الذي كانت تمر به فقد كان حجم الجنين اكبر بقليل من الحجم الطبيعي للطفل حديث الولادة و كانت هناك مخاوف ان يقوم ذلك باذائها او ان تعاني من مضاعفات اثناء الولادة، بعد عدة ساعات داخل الغرفة و بمشيئة الله تمت الولادة على خير و دوي بكاء الطفل يصدع في غرفة الانتظار، ما ان سمعت صوت البكاء حتى بدأت بالتفكير في شكله وسط صمت الممرضات.
حواء": اعطوني طفلي ارجوكم اريد ان اراه".
الطبيبة": لا تقلقي يا ضغيرتي طفلك بخير و على خير".
ما ان امسكت حواء الطفل بين يديها حتى بدات تتحسسه و تلمسه لعلها تجد شيئا غريبا او نتوءات لكن كل شيء كان على ما يرام هناك ارخت حواء رأسها و شكرت الله على نعمته.
كان على حواء ان تبقى لمدة في المشفى فقد خسرت كمية معتبرة من الدماء اثناء الولادة بسبب حجم طفلها في هذه الايام كانت تفكر في اسم لابنها تذكرت وصية زوجها الذي اخبرها ان تسميه محمد لمنها الان ترفض هذه الفكرة فرغم ان الطفل طفلها مازالت ترى انه نجل الشيطان و انه نجس لكنه في نفس الوقت بريء من خطيئة ابيه و عليها ان تتقبل الحقيقة ففي المقام الاول غباءها من وضعها في هذه الحالة فكيف لها ان تحب رجلا غريبا التقت به في محل الزهور و لم تبلث طويلا تفكر و تعاتب نفسها حتى سمعت طرقا و فتح الباب.
" كيف لك ان تأتي للولادة بدون ان تخبري امك اردت ان اكون هنا للمساعدة اردت ان اكون هنا لرؤية حفيدي".
كانت تلك امها التي لم ترها منذ مدة طويلة فكيف لها ان تتذكرها يوم الولادة انهمرت بعض الدموع من عيون حواء لكن حاولت ان تخبئها فلم ترد ان تبدو ضعيفة امام امها 
حواء": لا تقلقي يا امي بنتك ليست بالجبانة يمكنني ان اواجه كل شيء بمفردي".
الام": لا تكوني درامية بشكل مفرط هذا حدث هام في حياتنا يجب ان نكون معا ففي النهاية نحن عائلة".
حواء": تمزحين معي طبعا؟ كيف تاتين بوجهك البشوش و تدعين اننا عائلة  عادية اين كنتم يوم كنت اعاني من الالم او عندما كنت اشتهي شيئا فكان علي العمل في المحلات و انا حبلى لكي اوفر ما احتاج لنفسي و لابني ارجوك لا تحدثيني عن العائلة فانا لست في حاجة لكم الان اتركوني وحدي كما تركتوني".
خرجت الام من الغرفة و هي تجر خلفها الخيبة فقد احست انا خسرت ابنتها الى الابد.

بعد ايام خرجت حواء من المشفى باتجاه منزلها مع ابنها و ما لبثت تفتح الباب حتى وجدت باقة من الورود مع بعض المستلزمات المنزلية و في وسطها رسالة تقول : اردت ان اكون في هذه اللحظة و احمل ابننا لكن تعلمين انه يجب ان ابقى اين اوجد حتى احرص على سلامتكما لا تقلقي انا اغلم انك فتاة قوية و يمكنك تربية الطفل وحدك كما اخبروني باسمه سمير لم تريدي تسميته كما اخبرتك لا بأس انا اتفهم مشاعرك.
هنا جلست حواء على الكنبة و بقيت تتامل الرسالة و كيف له ان يعرف ما الذي يجري معها، نظرت يمينا و يسارا بدات تتخيلت شيطانا هنا و شيطانا هناك ربما عقلها مريض ربما تم هجرها استدارت يمينا اين وضعت طفلها و بقيت تتامل فيه و تتعجب من جماله و بريقه الخلاب ربما ابنها ملاك ربما لن يحدث شيء خبيث في حياته سوف يكون ولدا عاديا لا تقلقي يا حواء، هذه هي الافكار التي كانت تدور في عقلها المضطرب.

كبر الطفل رويدا رويدا حتى اصبح في عمر الثانية و كل شيء بخير حتى ان حواء قد تناست انه ابن الشيطان و انه مجرد فتى عادي مثل اقرانه و اطمئن قلبها ، في ليلة من الليالي الباردة سمعت صوت بكاء طفلها ثم بدون اي سابق انذار تعالت ضحكاته فاتجهت بسرعة الى غرفة النوم و انهشت لرؤية ابنها يطير في الهواء وحده و تجمدت في مكانها بدون حركة لمدة معتبرة من الثواني ثم دخلت الغرفة لكي تلتق ابنها و ما ان دخلت حتى تم وضعه في مكانه هنا قالت في نفسها يجب التأقلم على الحياة في المنزل مع وجود العفاريت ربما يكون قد ارسلهم ادم كي يساعدوها في اعمال المنزل او في اسكات الطفل قبلت طفلها على جبينه و استلقت في فراشها بعد ان انهكها التعب و غطت في نوم عميق.

في الجهة المقابلة من العالم في قصر تحت الماء رجل عجوز كئيب يشعر بالحزن على فراق عائلته التي لم يتخيل انه سوف يحصل على واحدة في هذه الدنيا و فقط لانه ملك لا يستطيع ترك عرشه و خالد في معاناته بينما عائلته فانية و يريد ان يستمتع بكل دقيقة معهم و ليست فقط ارسال بعض العفاريت و بعض الرسائل للاطمئنان كانه مراهق لعين الامر الذي يجعله يشعر بالاشمئزاز انه بالفعل قد قام بقتل داشيم لكنه يعلم ان امثاله لا يزالون هنا و سوف يمنعونه من التخلي عن السلطة و العيش حياة عادية كانه بشري، في مخيلته صورة حواء و يتمنى ان يحمل ابنه متكئا على عرشه و سؤال واحد يدور في عقله، هل يستحق الامر ان ادخل في حرب مع بني جنسي فحتى ان دخلت لن اموت لكن هل يستحق ان اضحي بعائلتي ؟

نجل الشيطانWhere stories live. Discover now