الخطوة الثانية ( التعارف )

566 34 13
                                    


صوت دقات الساعة معلنة عن انتهاء الثانية وبدأ الثانية التي تعقبها كدليل دامغ على ان الوقت يمضي آخذاً معه من أعمارنا.. ولكن هذا الشعور لم يكن ضمن المشاعر التي تمر بها ريان في هذه اللحظة فالوقت بالنسبة لها قد توقف... تجلس على احدى الارائك في غرفة المخرج مراد تحرك قدميها بتوتر وغضب في آن واحد مزيج من المشاعر أوقدها فيها ذلك الأحمق المدعو ميران...تعرفه جيداً كيف لا و هي جزء من هذا العالم فهو أشهر من نار على علم ممثل بارع يتقمص دوره باتقان حتى يجعل المشاهد ينسى شخصيته الحقيقيه ينسلخ عن جلده ويرتدي جلداً آخر خاصاً بالشخصية التي يلعبها في العمل ..وسيم لا تنكر ذلك ...وسامته قاتله بعينين كالزمرد والعسل لم تستطع تحديد لونهما فهما تتغيران تبعاً لحالته العاطفيه على ما يبدو.... انفه الحاد الارستقراطي اعطاه هالة من الهيبة والحدة لحيتة شاربه شعره كل ما فيه يصرخ بالوسامة ولكن... توقفت عن التأمل وأخفضت عينيها عندما أحست به يمسك بها متلبسه وهي تجري مسحاً ضوئياً بعينيها لملامحه وهيأته لتعود وتبعثر نظراتها هنا وهناك لمحاولة تشتيت انتباهها عنه ....

في الناحية المقابله أمامها كان يجلس هو بكل راحة وعنجهية يحدق بها بعينين تلمعان بتسليه و سعادة ليعود بذاكرته شهرين للوراء عندما قابلها أول مرة ...حسناً لم تكن مقابلة بالمعنى الحرفي فهو رآها ولم تره كان يوماً صيفياً حاراً من أيام آب خرج للتنزه قليلاً على شاطئ البحر بعد أن عاش اسبوعاً مزدحماً بالعمل والمشاكل على الصعيدين العملي والشخصي...خرج مرتدياً نظارة شمسية و قبعة سوداء.. يضع كمامةً طبيه و التي ساعدته على اخفاء هويته بشكل تام ... تمشى على رمال الشاطئ الحارة براحه مفرغاً شحناته السلبيه بها قبل ان يصادفه ذلك المنظر الذي أسر حواسه بقيد وهمي من العاطفة بقي ينظر اليه او بالاصح اليها منشدهاً مبهوراً ...تجلس على تلك الصخور التي تفصل بين رمال الشاطئ ومياه البحر رغم أن الامواج كانت عاليه ذاك النهار الا انها لم تبتعد ..تأملها بكل تفاصيلها بشرة عاجيه ليست بالبيضاء النقيه ولا بالسمراء اللذيذه لون بينهما اعطاها جاذبيه لا تقاوم شفتين كحبتي الفراولة الطازجه الشهيه تجعله يرغب بقفطها وتناولها وحده دون أن يتشاركها مع أحد وشعرها وآه من شعرها شعر طويل غجري متموج كموجات البحر الذي امامها ..لم يكن يعلم بأن الاعوجاج الذي هو عيب في قانون الطبيعه هو ميزة في قانون القلب تمنى في داخله لو انها قربه ليتخلل تلك الخصلات المتمردة بأصابعه ليقمع تمردها أمام دقات قلبه التي تهيج مع كل حركة تتحركها راقبها من الجانب حتى التفتت فجأه أثر صوت صراخ احدهم طلباً للنجده ويا ليتها لم تلتفت فتلك العينين اللتان تملكهما كانتا كالقوس لسهام نظراتها التي اصابت هدفها في منتصف قلبه بلونهما البني كحبات القهوة المرة التي يدمن عليها عليها المرء رغم مرارتها اللاذعه ...التفت نحو مصدر الصراخ بعد ان حاول تشتيت انتباهه عنها ليرى امرأة تبدو في منتصف الثلاثينات من العمر تصرخ مستنجده كي ينقذ احدهم ابنها الصغيرالذي كان على وشك الغرق تملكته رغبة بأن يهب لانقاذ الطفل مجازفاً بتعرف الناس على هويته لكن تلك التي تخطته ملقية بنفسها في عرض البحر لتتلقف جسد الصبي الصغير بشجاعة منقذة اياه حالت بينه وبين أن يكون هو المنقذ راقب خروجها من المياه تحمل الطفل الصغير الذي هرعت والدته فوراً لحمله ممطرة تلك الحورية بوابل من عبارات الشكر والثناء ولكن لم يكن يجذب انتباهه سوى ذلك الجسد الممشوق المنحوت بدقه والذي اتضحت معالمه اكثر عند التصاق ملابسها به بفعل البلل تلفت حوله بهيجان يتأكد من أنه لا احد ينظر لتلك التحفه التي ابدع فيها الخالق ليزفر بارتياح بعد أن لاحظ ان الناس انشغلت بالطفل اكثر من حوريته ..أجل حوريته لم يجد لها لقباً يليق بجمالها وشجاعتها سوى الحوريه وختمها بحروف التملك متناسياً عدم معرفته بها حتى.. قاطعه عن تأملاته رنين هاتفه ليبعد نظراته قليلاً عنها حتى يخرج الهاتف وما ان اعاد عينيه نحو مكانها حتى وجده فارغاً وكأنما تلاشت وأصبحت كزبد البحر كما في حكاية حورية البحر الأسطوريه بحث عنها في الارجاء كثيراً لكن دونما جدوى يتذكر جيداً كيف اصابه الاحباط طوال الاسبوعين الذين تليا تلك الصدفه حتى ان اداءه في العمل تراجع مما اثار استغراب جميع العاملين حتى جان مدير اعماله وابن خالته الذي حاول معرفة سبب تغيره تلك الفترة وها هي الآن بعد شهرين كاملين قطع فيهما الامل نهائياً من رؤيتها حتى في احلامه... تجلس أمامه تحدق اليه بنفور اثارحفيظته فكيف لها ان تكرهه دون ان تعرفه او حتى تقابله اولاً.. ياللسخف يرغب بالضحك على الحال االتي وصل اليها ...تحدث مراد مقاطعاً تبادل اطلاق النظرات بينهما " اذاً اعزائي بما أنه أول لقاء بينكما لاعرفكما على بعضكما البعض ميران هذه ريان و ريان هذا ميران بالتأكيد تعرفينه و رأيته قبلاً من الصحف والمجلات أو حتى من التلفاز " قاطعته ريان قائلة بكذب " لا اعرفه ولم يسبق لي رؤيته قبلاً " انفجر ميران ضاحكاً بينما احمر وجهها غضباً و احراجاً فكذبها يبدو واضحاً وضوح الشمس للعيان وبالمقابل تسللت ابتسامة الى شفتي مراد الذي ادرك في داخله ان قراره كان صائباً عندما اختارها للدور فها هي أول شرارة لتفاعلهما انطلقت ويبدو ان تصويرالمسلسل معهما سيكون ممتعاً في الأيام القادمة اخفى ابتسامته ببراعه و عاد لاكمال حديثه" حسناً لا مشكله ستتعرفان على بعضكما مع الايام بما انكما ستكونان شريكين في المسلسل الجديد ميران قرأ السيناريو قبلاً ووافق عليه و سأعطيك فرصة يا ريان لقراءه النص حتى الغد واذا تم الاتفاق سنبدأ التصوير بعد الغد بإذن الله.. و الآن سأطلب منكما طلباً صغيراً بصفتي مخرج هذا المسلسل و اعتبر كأستاذ لكما " هز الاثنان رأسيهما بموافقة على طلبه احتراماً قبل أن يعرفا ما الطلب ليقول بعد برهه " اريد منكما أن تقضيا هذا اليوم بطوله سوياً " قطبت ريان بانزعاج لتجيبه بنبرة متسائله وبشك " عفواً استاذي ولكن ماذا تقصد بسوياً ؟؟" اجابها موضحاً بابتسامة " اقصد أن تخرجا معاً للتنزه أو الى الطعام كما تشاءان المهم أن تتعرفا على بعضكما و تنشآ رابطاً لتتشاركا بعض المشاعر التي ستساعدكما على أداء الدور على اكمل وجه "...ارتفعت زاوية فم ميران لتشكل ابتسامة متسلية فعلى ما يبدو هذه الفكرة قد راقت له كثيراً.. قضاء يوم كامل في التعرف على حوريته شيئ سيبقى ممتناً لمراد عليه مدى الحياة ليهتف ببروده وابتسامة خبث مخفياً خلفها حماساً منقطع النظير " أنا موافق وتحت امرك مراد " ليهب واقفاً قبل أن يمد يده اليها قائلاً باسلوب اتلف اعصابها " هيا بنا يا صغيره لنخرج وننفذ اوامر الرئيس " نهضت متجاهلة يده الممدوده لتسبقه خارجة من الكتب لينظر الى يده التي بقيت معلقة في الهواء لتتسع ابتسامته ويلمع التحدي والاعجاب في عينيه قبل ان يودع مراد ويخرج لاحقاً بحوريته الغجريه المتمرده والذي سيكون أكثر من ممتن لترويضها وخطف قلبها ....

بطلة قلبي 🦋حيث تعيش القصص. اكتشف الآن