يوم إنكشاف الحقائق - الجزء الأخير

776 34 9
                                    

•قبل يومان•
--
"يجب أن تكون خطواتك واثقة.. إمرأة خطرة، تبدو من بعيد كـ عارضة أزياء بكمالها و بهائها.. باردة و حادة الطباع. "
امسكت ريان حافة ضفيرتها و هي تهتف بتواضع مع عيونها البريئة:
"في الواقع.. انا لم أفهم اي شيء بعد جملة "خطواتك واثقة.." رصيدي من الذكاء إنتهىٰ بعدها.."
خلل روبيرتو أصابعهُ داخل شعره.. يجلس هو هنا منذ دقائق يحاول تعليمها كيفية التصرف أمام مورينو و هي تواجههُ بغبائها الابدي.. إلا أنهُ لم يستطع تمالك صبرهُ أكثر؛ فھتف منفعلاً بها:
"هل انتِ بلاء يا هذه؟! انا لم أستطع الفهم حقاً.. ما الذي لم تفهميه من حديثي؟ هل أقصْ عليكِ الغاز يا ريان؟ "
نفخت ريان بضجر قائلة بإندفاع و هي تذم شفتيها كالاطفال:
"انتَ مَن لا يوضح كلامهُ... إن كانت مسألة حسابية لإستطعت حلها بدلاً من طلباتك الصعبة المستصعبة... ثُم أنا أعلم كيف سأتصرف... سأتقمص شخصية سابين تماماً..."
-" لا تقولي سأتصرف كـ"سابين".. مهما بلغت وطأة معرفتكِ بها قوة إلا أنكِ لن تعرفي أبداً كيف كانت تتصرف مع أولئك الرجال.. قولي سأتصرف كإمرأة إستطاعت أن تغوي شخصاً كـ نيوكولو و أوقعتهُ بشباكها.."
اومأت ريان برأسها بإرتعاشة ضعيفة من فرط التوتر إلا ان روبيرتو لاحظها فھتف سريعاً:
"أول خطأ... لا يجب أن ترتعبي هكذا.. ستكونين واثقة؛ هل من تقتل رجل مقحمة نفسها بالكثير من المصائب ترتعش هكذا؟! إياكِ و إرتجاف بؤبؤ عيناكِ.. مهما بلغ الخوف من قلبكِ ستظلين واثقة، حذرة قليلاً.. و رغم أنهُ لا يظهر علىٰ وجهك الطفولي اية تقاسيم شريرة إلا أنكِ ستكونين داهية! "
--
عادت ريان من سيل أفكارها و هي تزفر نفساً خافتاً.. متسلحة بكُل ما املاه عليها روبيرتو من توجيهاتهُ البارحة؛
كانوا قد إنتهوا من السلالم أخيراً إستنبطت المكان من حولها بينما إرتفع حاجبيها بإنبهار لم تستطع إخفائه.. فالمكان كان يشبه السرايا القديمة.. كانت تتوقع أنها لن ترىٰ تحت الأرض سوىٰ مخزن قديم تنبعث منه الرائحة الترابية ، و لكن المكان حولها كان أشبه بقصر ذهبي تحت الأرض ، جدرانه العتيقة تنطق منها الفخامة و لكن رغم ذلك كانت قابضة للنفس بشكل غريب..
نظرت ريان جانبها تتأكد من وجود ريكس قبل أن يدفعها الحارس إلىٰ الأمام بقوة جعلت كلبها ينبح بعنف.. نظرت ريان حولها و خصلاتها قد تطايرت بهمجية إستثارت بها ما إن رأت الحارس ينوي شراً بريكس.. فأبعدت هي ريكس الثائر تربت عليه محاوله تهدئته بينما تصرخ بعنف قائلة:
"لا تغضب علىٰ الولد يا حيوان.! "
-"أنظر إلىٰ الساقطة تنادي الكلب بالولد و تنعتني أنا بالحيوا.. "
و لم يكد يكمل الحارس جملته حتىٰ إنبعث رجل أسمر لا تعلم ريان من أين ظهر ، و هو يهتف قائلاً:
"حسناً يا چو إهدأ.. لنرمِها أمام مورينو و حسب، لا تضعنا بمشكلة الآن..! "
لم يبدو چو هذا و كأنهُ قد أقتنع بما قاله.. إلا ان نظرات هذا الرجل ذو العيون الكحيلة جعلته يتراجع.. حالياً..
و ريان رغماً عنها قد نظرت إليه بإمتنان.. فـ مهما رفضت، هي قد خافت للحظة!
حدق بها هذا الرجل بشكل جعلها تتراجع عن إمتنانها للحظة.. ما به هذا الأخرق يحدق بها بهذا الشكل..!
و ما إن تأكد الرجل من عدم أذية چو لها حتىٰ إنبعث رجل ثالث لا تعلم ريان من اين أتىٰ.. يهتف قائلاً كعسكري مسلح:
"سيدي يريد مقابلتها.. "
لم تهتم ريان بنظراتهم الحاقدة.. تحركت هي و الرجل الثالث ناحية "سيدهُ".. تقر في نفسها.. أنهُ قد حان إذاً موعد اللقاء يا مورينو!
--
تقدمت هي ببطء و قدماها تخطو جناحهُ.. كان وكره كمان تخيلت بالظبط.. يجلس ذلك الرجل المُهيب فوق كرسي عالي أشبه بملك بينما نظرت هي إلىٰ كلبها جانبها.. علھا تستمد منهُ القوة بينما كلمات روبيرتو مع عيون ميران الواثقة تخترق عقلها.. هي لن تُخيب آملهُ.. ابداً!
آشار مورينو للحارس الذي خلفها بالذهاب،، فأنزل الأخير رأسهُ بمعنىٰ سمعاً و طاعة و هو ينفذ امرهُ فينتظرها خلف الباب.. مما زاد من دقات قلبها؛
نظرت إلىٰ هذا الرجل.. يبدو كـ رجل اربعيني مع عيون تخترق منها الدهاء.. لماذا تشعر أنهُ يعريها و يعرف كُل شيء عنها إذا؟..
تسلحت هي بلا مبالاتها ناظرة بلعوبة؛ قبل أن يهمس هو بصوت مقيت أرسل الذبذات العكسية لجسدها:
"أليس هذا الكلب خاص بسانتو؟ "
نظرت هي إليه رافعة رأسها بإياء قائلة:
"كان خاص به.. يعتبر هذا الثمن الاقل علىٰ ما تريده مني من معلومات.. أليس كذلك؟ "
إبتسم بسخرية.. و عيناهُ قد إلتمعت بطريقة أخافتها.. قبل أن يهتف بصوت قوي:
"تقولين أن حتىٰ صنف الكلاب يُعجبوا بكِ!"
عند تلك الجملة زمجر ريكس بوجهه لسبب لا تعلمهُ.. فنزلت هي سريعاً تربت عليه و تهدئه، بينما أعادت أنظارها إليه فإلتف شعرها الغجري الطويل معها.. ثُم إرتفعت حاجبيها ناظره إليه مُردفة:
"سأعتبرهُ مديح.. أتمنىٰ."
إرتفعت قهقته قبل أن تنهض هي مرّة أُخرىٰ.. و حقد حقيقي قد ظهر خلف غلاف عيونها اللامعة.. فكرة أن هذا الحقير أظلم طفولة ميران تحفزها لقتل روحهُ..
قبل أن يُقاطع افكارها الدامية صوتهُ و هو يهتف قائلاً :
"تستفزني ثقتك.. بدلاً من الخوف و الترجي هُنا.. في اانتيحة انتِ قتلتي واحداً من أهم رجالي إن لم يكُن أهمهم.. الا تظنيني سأسألكِ عن السبب؟! "
إرتفعت حاجبيها هاتفة بمراوغة إكتسبتها حديثاً:
"لنقُل أنكِ سألتني.. هل ستفرق الأسباب؟! هل سـ نعيد الماضي؟! بكافة الأحوال النتيحة واحدة.. انتَ هُنا بحاجة للمعلومات التي أعرفها انا.. انتَ من بحاجة إليّ!"
إلتمعت عيناه السوداء بحقد خفي أخفاه بدلوماسية كـتلك التي يتحدث بها مع رجال الأعمال.. قبل أن يقول:
"ريان.. ظنتتكِ أكثر ذكاءًا..! هل تظنين بعقلك هذا حقاً أنني حتىٰ الآن لا أعلم مكان و وقت و موعد الشحنة؟ "
إهتز بؤبؤ عيناها بشكل خفي.. ماذا يقصد هذا.. حاولت و لم تستطع، فظهر صوتها مرتجفاً بوضوح قائلة :
"مـ..ـا.ـذا تـ..ـقـ..ـصـ..ـد... كـ..ـيـ..ـف يـعـ..ـنـ..ي؟!!
لماذا اذاً إختطفوني؟! هل تُريد قتلي؟!! ".
إختفىٰ الھزل بعيناهُ و هو يقر بواقعية:
"لا تحاولي تصنع الدهشة يا ريان!! عندما قتلتي نيكولو بذلك اليوم كنت مدركة بداخلك خطورة من تعبثين معهم.. ألم تفعلي هذا لنصل إليكِ!"
إبتلعت ريقها محاولة التسلح بذلك القناع الذي كانت ترسمهُ قبل قليل.. تدعي فقط الا تفضحه دهشتها البلدية بشدة..
فإبتسمت سريعاً بمكر تحاول التمثيل بأنهُ قد تم كشفها.. ثوانٍ مرت قبل أن يضحك مورينو بعبث.. لقد كان كان محقاً.. فھتف بإبتسامة:
"لقد قرأتكِ جيّداً أليس كذلك؟.. فرداً مثلكِ.. إمرأة جميلة و جريئة و الأهم شجاعة.. سيكون مهماً جداً بيننا يا ريان..
موعد الشحنة كما هو غداً.. كـما تعلمين.. موعد التسليم."
إبتسمت و هي تعدّل من حافة سترتها السوداء القصيرة.. بينما داخلها يغلي؛ فـ تلفظهُ لإسمها بـ تلك الطريقة الإيطالية من نفسهُ الكريهة يجعلها تكاد تُفسد تصالحها الحديث مع إسمها بعد سنوات..
قبل أن ينادي علىٰ حارسهُ من الخارج ليأخذها أخيراً.. إنحنت هي لتحمل ريكس الضخم بين ذراعيها..
بينما هو يتأمل مُنحنياتها بشهوة رغماً عنهُ.. هتف قائلاً بصوت ناعم ارسل القشعريرة لجسدها المستنفر:
"سمعتُ أنكِ تتقنين الرقص.. هل نجرب يوماً ما فـ ترقصين لي؟! "
إذا كان هناك شعور بليغ أكثر من الإشمئزار و الإستفراغ فھو الوحيد ما يوّصفها بشكل صحيح في تلك اللحظة..
بادلتهُ الإبتسامة بسماجة قبل أن تهرب شبة راكضة سريعاً تكاد تختفي من هذا المكان؛ و سؤال واحد يراودها بتلك اللحظة.. يا ترىٰ هل يسمع أنها تتقن الرقص دأي هوية.. ؟
هي لم تُعَرف منهُ سوىٰ بإسم "روڤان"؟

هل يُزهر خريفي؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن