الفصل الخامس | الجزء الأول
• INSTGRAM: novell.ma •
--
في الصباح الباكر، بعد أن خرجتُ من سيارتها السوداء الحديثة
تمشي بخطوات ثقيلة، كثقل الكعب الذي ترتديه فيصدر صوتاً رناناً مهدداً سكينة تلك الأرض الهادئة حولها..
زفرت ريان نفساً عميقاً هي تنظر حولها بقلب موجوع،
هي الآن في روما.. حيث بدأ كل شيء؛
منذ متىٰ لم تأتِ تلك المدينة؟ بل منذ متىٰ لم تطأ قدماها ايطاليا بأكملها؟
كم مرّ من عمرها حتىٰ الآن؟
تشعر أنها لا زالت عالقة في تلك اللحظة قبل سنوات سنوات عديدة، لحظة تغير كل شيء
قلبها لا زال موجوع.. وجع لم يخمد حتىٰ الآن؛ غارت عيناها للحظة و هي تتلاعب بحافة خصلاتها المجعدة، تبلدت من كل شيء حالياً.. إلا من شعور شوق ممزوج بألم الحسرة ، شوق قاتل لـ من تركوها و ذهبوا
" سيدة ريان.. أهلاً بكِ، تفضلي "
خلعت ريان نظاراتها السوداء الراقية، التي تحمل لون ملابسها تماماً و هي تبتسم برقة خالية من التصنع نحو العامل هنا، أما العامل فإبتسم بخجل، لم تتغير ابداً منذ سنوات.. عندما أتت في المرات الأولىٰ كانت شابة لا تزال في مقتبل عُمرها.. الآن تبدو كإمرأة تضج بالفتنة.
و لكن رغم كل شيء..
لمعة الحزن الساكنة بين عينيها لا زالت ظاهرة جلياً..
إبتسمت ريان بمرارة ، فرغم كل شيء.. لا زال سماعها لـ من يُناديها بإسم ريان يرعش قلبها، ليس بخوف مكلل بآلام الطفولة كما قديماً.. بل بإمتنان للشخص الوحيد الذي أحبتهُ، و غيّر حياتها بدوره..
ضمّت ريان شفتيها كالأطفال تحاول منع نفسها من الوصول لحافة الإنهيار،، و فكرة واحدة تدور برأسها صباحاً و مساءً، كُلما تقبل علىٰ فعل شيء جديد و كلما تنفست حتىٰ؛ ليتهُ جانبها..
أبعدت ريان تلك الأفكار سريعاً و هي تتوجه بأقدام مرتعشة تحاول منع ذكرىٰ مصاحبة لدمعة من الفرار بين عينيها..
تقدمت أكثر متقدمة إلىٰ بوابة ذلك المكان ، رغم تكتله بالأزهار و الإهتمام الواضح بهِ إلا أن رائحة سلبية تفوح حولها ، كيف لا تكون و تلك رائحة الموت!
لتظهر لوحة تعريفية معلقة فوق بوابة المكان الدي تقدمتهُ.. مكتوب عليها بخطٍ عريض : ( المقابر )
--
• عودة للوقت الحالي •°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°•°
نظرت ريان إلىٰ وجهها الأحمر من فرط الخجل مِن المرآة الصغيرة المعلقة إلىٰ جانب المرحاض،
بعيداً عن كونها متفاجئة من نفسها قليلاً.. بل متفاجئة جداً ، متفاجئة بحجم السماء ، ليس بسبب خجلها نادر الحدوث.. و إرتباكها الغبي حالياً المصاحب لإرتعاش خفيف بأطرافها حتىٰ تكاد لا تشعر بھم مع إبتسامه بلهاء تعلو وجهها الاحمر و هي تعدّل من خصلات شعرها المتناثرة حولها.
بل تفاجئها الحقيقي كان من ما تفوهت به البارحة؛ هي لا تشعر بالندم إطلاقاً.. و لكنها تشعر بالرهبة..
رهبة مخالطة بشعور غريب، أشبه بالتحرر.. عندما حررها ميران من هاجس طفولتها اللعين بكلمات بسيطة وقعت علىٰ إذنها كالسحر.. ، هي كانت مفتتتة به من قبل.. و لكن البارحة تاكدت من مشاعرها تجاهه..
هي عاشقة لهُ؛ عاشقة لـ رجل حياته مظلمة ينوي الإنتقام و لا يخاف إنهاء حياته في لحظة.. و لكن رغم هذا.. هي هنا واقفة تحدق بنفسها في المرآة، تعض علىٰ شفتيها بخجل و هي تتذكر البارحة.. لقد كانت ليلة بريئة، نامت بين أحضانه فوق الأرضيه الجافة بسلام..
و لكن قبلتهم.. لم تكن بريئة بالفعل؛ ضحكت بخجل
كم أصبحت متقلبة الأحوال هي؟
-" ريان! هل انتِ في الداخل؟ "
إنتفضت هي و الضحكة تنحسر فيحل محلها الإرتباك بعد سماعها لصوت ميران القلق.. أردفت ريان بعد إلتقاطها لأنفاسها اللاهثة محاولة أن تجلي صوتها:
"نعم ، انا بالداخل. "
ضربت علىٰ جبهتها بحماقة.. ما تلك الإجابة النموذجية كالتلاميذ!
و لكن لحظاتها قد إختفت و هي ترىٰ مقبض باب الحمام يتحرك و يظهر ميران من خلفه؛
-" ايي بسم اللّٰه! "
كان هذا ما أردفته بسرعة و هي تضع إبهامها خلف صف اسنانها الأمامي، إبتسم ميران و هو يتقدم ملاحظاً لحركتها الغريزية بعدما خافت، ليهتف بإبتسامة عريضة قائلاً:
"انتِ تركية حقاً..! "
إبتسمت ريان بشعور غريب من الحنين بعد سماعها لتحدثه بالتركية ؛ فـ لم تمنع نفسها و هي تتقدم علىٰ أطراف أصابعها لتصل إلىٰ طوله و هي تتعلق برقبته ، إبتسم إبتسامة خفيفة بعدما ضرب شعرها الغزير أنفه و هو يشتد من ضمه لجسدها النحيل بين ذراعيه المعضلة؛ أخرجت ريان أصواتاً صادرة من التاثر و هي تهتف قائلة بينما تغمض جفنيها:
"هذا ما وعدت نفسي أن أفعله بعدما اسمع أول شخص يتحدث بالتركية علىٰ أرض ايطاليا، لم اسمعها منذ سنوات. "
تعمقت عينان ميران أكثر، بينما إبتعدت ريان قليلاً و ذراعيها لا زالت متعلقة برقبته.. تثير جنونه!
نظرت إلىٰ وجهه الصباحي مع شعره المبعثر اما لون عينيه فقد تغير بالفعل نظراً لإضاءة الحمام الخفيفة.. همّت لسؤاله بفضول عن لون عينيه الحقيقي، إلا أنهُ قاطعها هاتفاً بتأثر متلكئ.. بينما عينيه قد حددت الهدف منذ زمن قائلاً:
"و هذا ما وعدت نفسي ان أفعله، منذ اللحظة التي سمعتك فيها تتحدثين بلغتي.. لغتنا الأصلية. "
أتمّ ميران جملته و هو يخفض رأسه نحو الهدف الذي كان قد حدده منذ وقت ليس بقصير.. قبلة قوية أرتدت علىٰ أثرها رأسها للخلف فتمسك هو بظهر رأسها حيث تخللت أصابعه خصلاتها الغجرية ، بادلته ريان بجنون منافي لخجلها منذ لحظات..
إلا أن لحظاتهم تلك قد قاطعها صوت ضرب علىٰ بوابة المخزن صادر من خارج الحمام؛ إنتفضا سريعاً علىٰ أثر واحد كـ من تم ضبطهما خلال وضع مُخل
تمسكت ريان بطرف المرحاض بينما خرج ميران بظهره و مراكز إحساسه لا زالت مُعلقة علىٰ تلك اللحظة..
راقبت ريان خروج ميران من الحمام حتىٰ أولت حافة رأسها لخارج بابه حتىٰ ترىٰ من طرق باب المخزن بقوة، بينما لعقت شفتيها السفلية بطرف لسانها كـ نوع من أنواع تهدئة الذات، فـ هي حالياً تشعر أن ضربات قلبها العنيفة تغطي المكان من حولها.
تقدم ميران ليفتح الباب بخطوات غاضبة نوعاً ما علىٰ مفسد هذه اللحظات بينما حاجبيه قد عقدهما فعادا لمكانهما الطبيعي؛
إنتفض روبيرتو و هو يرىٰ البوابة تُفتح بشراسة نوعاً ما حتىٰ سمع صوت صريرها واضحاً و يظهر من خلفها وجه ميران المتجهم، اردف روبيرتو سريعاً و كأنه تذكر ما جاء لأجله قائلاً بقلق:
" ماثيو، كان قد ذهب أولادنا خلفه إلىٰ جانب بضعة من الرجال الذي أرسلهم مورينو.. و لكنهُ أختفىٰ."
-"ماذا يعنىٰ أختفىٰ؟ "
عقد روبيرتو حاجبيه مستغرباً و هو يسمع صوت إمرأة.. كان هذا صوت روڤان التي ظهرت خارجة من الحمام كـ من خرجت من معركة بملابسها الغير مهنّدمة إطلاقاً و شعرها الثائر تزامناً مع نظرات ميران الغاضبة و هو يحاول إستيعاب ما أُلقىٰ علىٰ مسامعه و المأزق الذي وقعوا فيه؛ فـ مّا كان من ريان إلا لتزيد الطين بلة هاتفة لروبيرتو بإندفاع:
" كيف يعني إختفىٰ!! ماذا فعلتوا به؟ أين أخفيتموه؟ "
لم يستطع ميران منع نفسه فهتف بإحتراق بينما مراجله تغلي بغضب:
"حُباً باللّٰه يا ريان لماذا تهتمي بهذا الحقير الآن! الم تسمعي روبيرتو قائلاً إنه أختفىٰ! توقفي عن إتهامنا فبالنهاية هو إختفىٰ لم يُقتل.. "
إتسعت عينا ريان متفاجئة برد ميران الفوري الثائر باللغة التركية التي ظهرت مُكسرة قليلاً بتلعثم لفقدانه لإعصابه بينما عروقه قد برزت بغضب.. فما كان منها إلا أن تهتف بالتركية هي أيضاً بصوت عال:
"تتحدث عن القتل و سفك الدماء كشيء طبيعي!.. يا إلهي!.. إذاً كيف يجب أن اشكرك يا حبيبي! فبالنهاية أنتَ لم تقتلهُ.. هذا إنجاز يذكر لرجل مافيا مثلك. "
زفر ميران أنفاساً حارة غاضبة بينما نظر روبيرتو حوله بتوتر يتأكد من قفل البوابة العتيقة.. ثُم أعاد نظره إلىٰ الثنائي الغاضب و هو يهتف ثائراً بصوت خافت:
"هل يُمكنكِ أن تغلقي فمك قليلاً! حتىٰ و إن كُنت تتحدثين باللغة التركية التي لا أعلم من اين تتقنيها إلا أن هذا خاطيء.. ستكشفين كُل شيء..!"
-"لا تصرخ عليها!! "
-"لا تصرخ عليّ."
نظر إليهم بصدمة و هو يستمع إلىٰ جملتهم الخافتة التي ظهرت بنفس اللحظة، وضع روبيرتو يده فوق قلبه يحاول منع نفسه من الإصابة بالذبحة الصدرية بالتو و الحال، إلىٰ أن همس بخفوت كـ من يهادي أطفاله قائلاً بصوت مترجي:
"يا شباب هل نترك الموضوع الأساسي الآن و نجلس لكيّ نحل تلك الأزمة.. أرجوكم تعاونوا معي"
كان ميران قد عقد ذراعيه و ذهنه قد راح للبعيد بالفعل مُفكراً بحديث روبيرتو ، أما ريّان فما إن لاحظت الجدية البادية علىٰ وجوههم حتىٰ ازالت تكشيرتها الزائفة ، حتىٰ هتف ميران بصوت غاضب كـ من يستوعب أخيرا بعد ان ساد الصمت للحظات :
"كيف أختفىٰ؟ ألم يستطع سبعة رجال تتبع رجل واحد؟ هل تريد أن تقنعني أن حتىٰ رجال مورينو لم يستطيعوا اللحاق بهِ؟"
ضم روبيرتو شفتيه و هو يخلل أصابعه بشعره الفاتح، قبل أن يهتف بقلة حيلة :
"لا يا أخي، الرجل إختفىٰ بلمح البصر... "
عض ميران شفتيه مُغمضاً عينيه بقوة و كأنه يحاول أن يُلهم نفسه الصبر؛ أما ريان فإرتعشت تلقائياً و هي تتخيل حجم نوبة الغضب القادمة.. كان ذلك قبل أن يهتف ميران بغضب بالفعل:
"كيف يعني!! أريدك أن تشرح لي كُل شيء بالتفصيييل! "
أردف روبيرتو سريعاً بهدوء و هو يحاول تهدئته:
"لا أعلم صدقني... البارحة عندما ذهب من هنا فأمرت بعض الرجال الذي أرسلهم مورينو للمخزن بالذهاب خلفه ، فبالنهاية لا نعلم إلىٰ أين سيذهب.. و أيضاً ليخفف من كم الرجال الذي أرسلهم ذلك الرجل و أيضـ... "
-"و أيضاً أرسلت رجالنا. "
اومأ روبيرتو برأسه مؤكداً علىٰ كلامه و هو يهتف بأكتاف مهدلة:
"و مع ذلك إختفىٰ، كان قد ذهب للمطار متجهاً إلىٰ ڤينيس.. و كأن الأرض إنشقت و إبتلعتهُ بعدها..! "
-"يا إلهي.. مؤكد كان سيذهب إلىٰ عمي سلڤادور"
كان ذلك صوت ريان التي إنحنت لتجلس جانباً.. او بالأحرىٰ خارت قدماها.. ما الذي سيحدث الآن؛ نظرت إلىٰ مقلتا ميران الحمراوتان و روبيرتو الذي تستطيع تخمين عظم شعوره بالذنب حالياً.. حكت ريان نحرها قبل أن تهتف ببساطة حاولت إشعالها في نفوسهم:
"حسناً ؛ لماذا عقدتم وجوهكم هكذا.. الم يقل ميران أن ماثيو ليس له فائدة، و أنهُ غبي أيضاً.. ما فائدة معرفتكم لمكان ذهابه، أم إنكم خائفين ليذهب للشرطة كونه شرطي و يبلغ عنكم؟! "
هتفت بـ اخر جملة بإستنتاج مخيف، فهتف ميران سريعاً بقتامة و هو يردف موضحا:
"بالطبع لا،، ألم أقل لكِ أن ماثيو لا يعلم بوجود مورينو.. لا يعلم بماذا أعمل أنا ، عندما جاء إلىٰ هنا كان بمحض الصدفة.. ألم أقل لكِ أنهُ يظنني إختطفتك لغيرتي منهُ بعد سنوات... أنا متأكد إنهُ لم يفتح قضية خطف، و لم يذهب إلىٰ مقر عمله حتىٰ لتقديم البلاغ، كل ما فعله كان مجرد شكوك شخصية .. ربما هو الآن يفكر أنكِ لم يتم خطفك و جئتِ إلىٰ هنا بإرادتك. "
-" إذاً لماذا انتَ تعطيه أهمية لتلك الدرجة و خائف من تضيّيع موقعه! "
ما إن همٰ ميران للرد علىٰ سؤال ريان المُلِّح حتىٰ هتف روبيرتو قائلاً بقلة صبر:
"كما قال ميران، ماثيو لا يعلم بوجود شخص مثل مورينو أساساً.. و لكن مورينو يعلم بوجوده، بالتأكيد يعلم بوجود أي شخص خطت قدماه المساحة التي حوّل المخزن.. لذا نحن خائفين أن يعثر عليه قبلنا.. و بالطبع سيعرف بهويته.. تخيلي ماذا سيّظن مورينو عندما يعرف بوجود شرطي و زميل لمهنة ميران سابقاً.."
وضعت ريان يدها علىٰ قلبها تحاول إخفاض دقاته القلقة، عكس المجنونة حباً و إثارة منذ دقائق! فبالتأكيد مورينو سيفهم أن ميران لم يفقد الذاكرة!
و لكن ميران قد دكنت عيناه و هو يهتف بصوت حاد قائلاً كـ من يُملي الأمر الواقع:
"لقد نسيت أهم شيء يا روبيرتو، و هو أن ماثيو يعلم أن من معنا هي ريان.. و أن سابين المُدعية بـ ”ريان المزيفة“ هي من إنتحرت.. "
صمت ساد بالأجواء... صمت مُهيب قطعه نهوض ميران من مكانه و هو يلتقط سترته الجلدية السوداء مع مسدسه المُلقي أرضاً بأهمال؛ نهضت ريان معه بقلق حاولت إخفاءه رغم وجهها الشاحب بوضوح و هي تتوجه ناحيه ميران،
-"إلىٰ أين يا أخي. "
كان هذا صوت روبيرتو، قبل أن يرد ميران و هو منشغل بالتأكد من وجود الزناد مكانه:
"لإيجاد ماثيو. "
ركضت ريان نحوه و مقلتاها الشبة غائرة بالدموع أقوىٰ تعريف عن حالها، إنتبه إليها ميران فوضع كفيه فوق صدغها محاولاً تهدئتها.. أما هي فبعد محاولاتها بإستخراج الكلمات من جوفها نتيجة لخوفها الشامل عليه هتفت بقلق:
"عدّني أن لا تقتلهُ؛ لا تقتل ماثيو. "
عيناه التي كانت تبثها دفئاً قد بردت قليلاً بعد جملتها..
ربت ميران أكثر عليها قبل ان يسحب يده الدافئة عن وجهها، قائلاً بصدق خارجاً من كُل قلبه:
"طالما هو لم يوّرطك بالخطر بأيديه متقصداً؛ فوعدكِ دين علىٰ رقبتي. "
علىٰ العكس لم تبتسم، إرتجفت عيناها أكثر و هي تومئ برأسها بإمتنان خافت؛ إبعتد ميران قبل أن يوجه حديثه إلىٰ روبيرتو مُردفاً بصوت آمر لا يقبل النقاش:
"حتىٰ عودتي ، ريان بأمانتك. "
اومأ روبيرتو برأسه سريعاً و هو يقف بإنتباه كـ من يؤدي التحية العسكرية؛ إرتسمت شبه إبتسامة علىٰ خط حافة شفتيه و ما إن همّ للخروج حتىٰ هتفت ريان من خلفه بصوت مرتعش:
"إرتدي سترتك، فـ رياح الخريف قاسية اليوم."
مقلتاه الوسيمة كانت أخر ما رأتها منهُ، رمقها بنظرة لم تستطع تفسرها كالعادة، و لكنها لم تعُد غريبة؛ الدفء اللذيذ بات يُصاحبها منذ أدركت مشاعرها نحوه؛ و ما إن سمعت صوت صفق البوابة..
حتىٰ نخرت الرياح عظامها كـما لم يكُن من قبل...
--
دمعة ترقرقت من عينيه حتىٰ سقطت فوق الصورة التي يمسكها بأصابعه المرتعشة و يده التي تكسوها تجاعيد الزمن؛ هذا كان يوم تخرج سابين.. بعد النكسة التي عاشتها في ظلّ أيام الجامعة و رحلتها مع الإدمان ببداية ربيع عُمرها رؤيتها و هي تحمل الشهادة بينما ترتدي قبعة التخرج كان يُسعد قلبه.. تنهد سلڤادور بحرقة رجل مُسّن.. يشعر نفسهُ أصبح كهلاً في ظل غيابهن
-"بناتي.. حبيباتي"
صوته المتحشرج ظهر واضحاً و هو يتلمس وجوههن في الصورة ، سابين تبدو جميلة كما العادة بشعرها المُصفف الذي حضرتهُ خصيصاً ليومها هذا.. تتوسط الصورة بينما تبتسم ابتسامة رزينة كعادتها، و عيناها الزرقاوتان تنظر بلمعة غريبة، بينما روڤان تحتضنها بحرارة و ابتسامتها العفوية قد تجاوزت الأذنين ة عيناها لامعتان من الفخر بإختها و من الشقاوة الساكنة فيها منذ صُغرها ، بينما هو يحتضنهم من الجهة الأُخرىٰ إلىٰ جانب سابين.. ينظر بفخر إلىٰ إبنتيه الذي أهداهما لهُ الزمن.
لم يستطع مقاومة دموعه.. لقد عرف منذ ايام أن سابين تحت التراب.. مُنتحرة، دفنها بأياديه برفقة ماثيو بقلب بقلب مكلوم.. لا زالت شابة جداً.. لا يفقه حتىٰ الآن لما دمرت نفسها،
بينما روڤان وجع قلبه الحقيقي مختفية منذ الحادثة.. روڤان كانت بلسمه بإبتسامتها الدائمة، كان نادراً ما يراها متجهمة.. مُبهجة و مُبتهجة دائما.. لا يزال صداها عندما تناديه بـ ”عمي المُنقذ“ يتردد بأذنه.. فتاته هي و فتاة الحي، لم يتجاوز الم سابين بعد.. و لكنهُ يعلم في قراره نفسه.. أن صار شيء لروڤان سيذهب خلفها، لن يحتمل كُل هذا القدر من الألم.
”آه يا ابنتي، لا تذهبي باكراً هكذا كـ سابين.. لا زلتِ عروس يا طفلتي، من المفترض أن زفافك بعد الغد“
و عند جُملته الأخيرة أجهش بالبكاء بصوت عال.. كالأطفال
و حتىٰ ماثيو رغم عدم حبهُ لهُ إلا أنهُ كان منقذه الوحيد في تلك اللحظات.. الشاب تحرىٰ و تعب لأيام ثُم أخبره أنهُ عرّف مكان روڤان منذ البارحة، و لكنهُ لم يعد حتىٰ الآن..!
قاطع ضجيج أفكاره صوت طرق الباب، إرتعش تلقائيا و هو ينهض من كرسيه الخشبي ببطء ثقيل.. مُصاحباً للصورة معهُ.. و عند فتحه للباب..
كان الشخص الذي خلفه هو أخر من يتوقعه بعد كُل تلك السنوات..
--
نظرت ريان حولها بضجر ،
تجلس هي فوق العشب و خلفها بوابة المخزن ،
هي ضجرت لدرجة أن الرقص و العلك باتوا لا ينفعوها.. تحممت و إرتدت كنزة حمراء بخيوط الصوف فوق بنطال من الچينز الازرق، جمعت خصلاتها المجعدة بضفيرة طويلة.. حتىٰ أنها مشطت المخزن ذهاباً و إياباً و قامت بترتيبه.. و لكن يكفي إلىٰ هذا الحد..!
بحياتها الطبيعية لا تبقىٰ لأكثر من يومان متتاليان في المنزل، ألتقطت ريان قطعة خشبية رفيعة ملقاة جانباً و هي تمشط بها الارض أمامها.. و لكن رغم ذلك، فهي تجلس هنا منتظرة عودته!
إبتسمت ريان ببلاهة و هي ترسم دوائر وهمية فوق العشب، ذلك الرجل ، آه من ذلك الرجل..
يجعلها تشعر بمشاعر فريدة لا تعرف كيفية شرحها ، يجعلها تشعر أنها قد ولدت من جديد..!
كُل شيء به مميز.. عسليتيه الوسيمة ، وقفته الرجولية ، حاجبيه مُميزان لدرجة أنها أوقاتاً تشعر و كأن قد تم رسمهما بالقلم ، حتىٰ أنفهُ مثالي!
و أيضاً شفتيه.. و مع ذكر شفتيه قد عضت هي علىٰ شفتيها بلا وعي، و هي تتذكر قبلتهما الحلوة صباحاً.. و قبل أمس!
تلاعبت بطرف ضفيرتها و هي تضعها جانب كتفها، تبدو كـ مراهقة حالمة قد رأت ولد وسيم لأول مرة.. و لكن تفكيرها ليس بريء إلىٰ هذا الحد،، أتسعت مقلتيها مرة واحدث و هي تهدئ من روعها و إنحراف مستوىٰ تخيلاتها.. قبل أن تهتف بالإيطالية مهدئة نفسها بخفوت:
"إهدئي و إثقلي قليلاً.. الفتىٰ لم يقل شيء بعد لي علىٰ الرغم من إنهُ فعل، هل قبلتهُ تفي بالغرض؟ توّضح مشاعره؟ "
نحّت ريان تلك الأفكار جانباً.. و فكرة أخرىٰ تتوسد عقلها.. فكرة جميلة ،
تغذي ذلك الإحساس النامي سريعاً في خافقها الأيسر.. ترسم فراشات في داخلها و هي تتذكر حُبها الجديد.. ربما الأول، الحقيقي.. لإول مرة تختبر مشاعر كـ تلك؛ تبدو حقيقية لدرجة أن كُل علاقاتها من قبله تبدو كـ هباء،
ميران و ريان، اليوم أدركت أن أسمائهم متناسقة؛ ترىٰ هل هم متناسقين بالشكل أيضاً؟.. بالطباع و الروح؟
نفخت ريان بـ وهن ،
حتىٰ الآن تشعر أن ساقاها لا تحملاها من كم أحداث ذلك الخريف؛ تشعر أنها تحلم.. بداية من ذكرىٰ سابين المريرة.. ماثيو.. الحقير ديڤيد و ميران!
و لكن رغم كُل ذلك الألم الذي تضاعف داخل روحها المحترقة قبل جسدها عندما كانت بين تلك النيران، و توالي الصدمات عليها إلا أن ميران حررها؛
هي كـ ريانته قد علمها كيفية طرد أشباح الماضي من طفولتها الأليمة..
إذ إنهُ بجملتين قد مَحىٰ كل الألم الذي تكبدته سابقاً.. فعل بجلسة ما لم تنجح به سابين و عمها سلڤادور طوال عُمرها.. و كأنها قد وجدت أخيراً من يفهمها..
يفهم أن ما ينقصها لم يكن المواساة فقط ، بل كانت تفتقد الحنان و الثقة؛
ميران أهداها هدية ستظل رفيقتها.. لن تنساها إلىٰ الأبد ، ربما حتىٰ بعدما تنتهي الخطة.. و يخرج من حياتها
و عند تلك النقطة، إرتعش قلبها و إرتفعت غصتها...
--
هيمنة صدت علىٰ المكان ما إن هبت قدماه أرضهُ؛ تقدم ميران ذا الملامح القاتمة و هو يتوجه بداخل المكان المظلم بعد أن وقف رجاله ترحيباً به.. مكان بأحد أركان روما المجهولة لا يعرف به أحد سواه هو و روبيرتو ، قاتم بـ سواد يوازي الليل ظلمة ، سواد داخله كان متجسد بين الجدران و هو يتقدم بملامح جامدة تحمل داخلها غضباً حقيقياً بينهم، غضباً إستشعره أفراد رجاله ضخام البنية الذي لا يقلوا عن عشر أفراد و أكثر؛ نظر ميران نظرة قد شملتهم جميعاً و هو يهتف بصوت حاد:
"ماثيو إختفىٰ. "
نظر الرجال الملتحفون بالسواد إلىٰ بعضهم منصدمين ، كانوا قد إقترحوا علىٰ ميران أن يتخلصوا منه.. إلا أن ميران قد رفض ، و بالنهاية هو محق ، خبر ماثيو كان سيصل إلىٰ مورينو عاجلاً غير أجلاً و وقتها كانت ستكون الأمور اسوء ، و ربما تنهار ثقة مورينو به ، فـ ما الذي سيدفع ميران لقتل شرطي حتىٰ و إن كان قد إقتحم مخزنه.. شرطي لم يحصل علىٰ دليل قوي ضد ميران يدفع بزجه إلىٰ السجن.. بل ربما لا يعلم بهوية ما يعمل به ميران حالياً! ، شرطي كان يعمل مع ميران قديماً..! سيُدرك بالتاكيد أن ميران قتله لخوفه من إفشاء سراً ما.. وقتها ستنهار ثقة مورينو بـ ميران تماماً.. سيبعده عن دائرته ، و ستبقىٰ ريان وحدها بين أفراد تلك العصابة!
لذا تظاهر ميران بجهله التام، إلا أن جهله قد أنقلب عليه.. ماثيو مفقود؛
هتف ميران بصوت حاد و عروق بارزة ، بينما عينيه التي ينطلق منها الشرر هتفت قبل لسانه:
" أُريد معرفة مكان ماثيو ، اليوم قبل الغد ، أريد معرفة إذا كان بصحبة مورينو أو لا! "
هتافه الآمر بحزم ترتب عليه هتافهم المُلبي لطلب سيدهم؛ ميران كان الأمل لهم.. هو من وضع بداخلهم فكرة تحقيق العدالة ، و السعي وراء الإنتقام من شيطان الظلام ( مورينو )
جميعهم كانوا جرحىٰ ، رجال ذو بنية ضخمة بنفوس مُحطمة ، اليتيم و المظلوم و المقهور ، من سرقت منه حياته و من قُتلت عائلته ، و من قتلت روحه في خضم صراعه مع هذا الشيطان ، و لكن الشيء الوحيد المشترك بينهم.. كان إدراكهم لـ كمّ الظلم الذي وقع عليهم من قبل مورينو...
--
خرج روبيرتو من جهة الغابة متوجهاً إلىٰ المخزن ، لقد تجاوزوا منتصف اليوم و ميران لم يعد حتىٰ الآن.. و هو لازال عقلهُ منشغل بموعد الشحنة، كان ميران سيذهب لسؤال تلك الفتاة البارحة و لكنهُ لا يعلم ماذا حدث فلم يخرج من المخزن طوال الليل.. و عندما حلّ الصباح كان قد حدث ما حدث و وصله خبر أنهم ضيّعوا ماثيو.. توجه روبيرتو بشكل أسرع و قد عزم على إنهاء هذا الأمر، مورينو من الممكن أن يعود في أي وقت، و هذا يحفز من الخطر المحيط بهم..!
--
تقدم روبيرتو ناحية المخزن بعد أن تكلم مع رجال مورينو و هو يلاحظ أن ريان تجلس خارجة، علىٰ أرض العشب.. هل تظن نفسها بالنزهة؟!!!
لاحظته ريان بالفعل فإنفرجت أساريرها و هي تنهض من علىٰ الارض سريعاً سائلة إياه بلهفة و هي تنظر حولها:
"اين ميران؟ الشمس اوشكت علىٰ المغيب و هو لم يعُد حتىٰ الآن.. أنا قلقة جداً عليه و لا اعرف مصير ماثيو بعد ، حتىٰ عمي سلڤادور، الرجل مُصاب بالضغط و السكري من يعلم كيف حاله بعد كُل تلك المصائب و زائد الـ... "
لم تستطع ريان تكملة وصلة حديثها اللا متناهي ، فـ علىٰ أثر جملتها قد سمعت صوت صفق بوابة المخزن أمام وجهها قبل أن يدخل روبيرتو الغاضب ، بعد حدجها بنظرة مغتاضة!
فتحت ريان فاهها منصدمة من ردة فعل هذا الهمجي! ، هي قلبها منشغل قلقاً علىٰ ميران و إنظر إلىٰ ردة فعله..! هل كُل هذا لإنهُ يريد إستخدام الحمام الذي بداخل المخزن!
" كنت أخبرتني حتىٰ أجمع مستلزماتي النسائية علىٰ الأقل! "
هتفت ريان بجملتها الأخيرة بقهر رغماً عنها، لم يكن ينقصها ضغطه..
--
لم تكد تمر دقائق حتىٰ قام روبيرتو بفتح بوابة المخزن، القىٰ نظره علىٰ ريان الجاالسة ارضاً و تدير ظهرها للمخزن.. تقدم أمامها هاتفاً بقلة صبر:
"الم أقل لكِ أبقي بالداخل!!!"
إرتعشت ريان تلقائياً علىٰ أثر صوته الغاضب، قبل أن تهتف ببراءة حقيقة و هي لا تفهم أي شيء:
"لا أعلم، الم تقل أنكَ جعلت الحراس يبتعدوا عن المخزن و يحيطوا ما حوّل الغابة؟ "
هدأ روبيرتو من نفسه،، هل تلك الغبية هي من ستحتال علىٰ مورينو؟
فـ لم يمنع نفسه من أن يهتف بقلة صبر:
"و لكن رغم ذلك يستطيعوا رؤيتكِ من بعيد، المخزن و ما حوّله هنا بمنتصف الغابة إن تذكرتِ!"
أكملت ريان تحريك القطعة الخشبية غير مهتمة بهذا الطويل النحيف، و هي تردف بهدوء بارد.. فـ هي لن تستطيع الإنشغال بهذا الرجل الدرامي!
"إن كان كُل غضبك لإنهم رأوني فـ لا تقلق ، قبل قليل جاء سانتو و معه ريكس و حارس ضخم جداً و تحدثنا قليلاً،، لا تخف يعني الخطة بأمان.. "
نظر روبيرتو حوله يتأكد من عدم وجود أحد قبل أن يهجم علىٰ تلك الباردة و هو يسحبها من ياقة تيشرتها كالماعز متوجهاً بها إلىٰ المخزن..
نهضت ريان على قدم واحدة سريعاً تحاول مجاراة خطواته بينما لسانها قد إنفلت منها بشتائم هامسة،،
أغلق روبيرتو بوابة المخزن جيداً بعد أن تأكد من عدم ملاحظة أحد؛ بينما نفضت ريان كنزتها عنه و هي تنفخ بغضب هاتفة:
"قلت لك أنهم رأوني بالفعل حتىٰ انني القيت عليهم التحية إلىٰ جانب سانتو ، أم إنهم لا يعرفوا بوجود فتاة داخل المخزن بأكمله؟! "
هتفت بجملتها الأخيرة بإستهجان ليهتف روبيرتو بصوته الرفيع قائلاً بغضب:
"هل كونهم يعرفوا بوجودك يعطيكِ الحق بأن تهتفي بأعلىٰ صوت: ”الخطة بأمان“ ! إن سمعكِ أحد كان قد أنتهىٰ أمرنا و بدايتنا من ميران المسكين الذي ترتجفي الآن خوفاً عليه! "
عقدت ريان حاجبيها بتوتر.. إلا أنها أكملت قائلة بمكابرة زائفة :
"كنت أخبرني لأتكلم بالتركية إذا، فأنت تفهمها "
-" خطأ .. فعلتك خاطئة و عذركِ أقبح ، لا يجب أن يعرفوا أننا نتقن التركية أساساً! لم نخبرهم بذلك! "
اومأت ريان برأسها بتوتر أكبر و هي تستشعر خطأها قبل أن تهتف قائلة بفضول لم تستطع أن تمنعهُ:
"و بما أنكَ رأيتني جالسة منذ البداية، كنت لتخبرني! بدلاً من بل إفراغ غضبك ببوابة المخزن كي تذهب إلىٰ الحمام.. لم أكن اعلم أنكَ طفل إلىٰ تلك الدرجة! "
إتسعت حدقتا روبيرتو.. قبل أن يُهدئ من روعه و هو يخرج من جيبه أشياء صغيرة، لم تستطع ريان إستبيان ماهيتها.. فأردف روبيرتو قائلاً:
"سبب غضبي لأنكِ عندما خرجتي من المخزن سنحتي لهم الفرصة لدخوله و العبث به كما يشائون؛ و ها هي النتيجة بين يداي.. وضعوا أجهزة تنصت! "
إتسعت مقلتيها برعب و هي تهتف قائلة:
"للماذا! لماذا يشكوا بنا؟! "
طمأنها روبيرتو قائلاً بسرعة:
"لنستبعد الأسباب؛ فعلتهم ليست طبيعية و لكن الأخذ بالإحتياطات أولىٰ؛ نحن بأمان طالما لم يمسكوا علينا شيء. "
بلعت ريان ريقها بقلق؛ فـ غيّر روبيرتو الحوار متقصداً و هو يهتف بنبرة عادية :
"قلتِ أن الحراس رأوكِ إلىٰ جانب سانتو؛ الا تعرفين اين هو الآن؟ "
رفعت ريان كتفها بحيرة قائلة:
"قد قال أنهُ سيذهب إلىٰ الطبيب البيطري. "
إتسعت حدقتا روبيرتو و هو يهتف بغضب:
"كيف يعني ذهب؟!! "
-" ما أدراني! ذهب هو و ريكس ،، بالمُناسبة ريكس تحسن كثيرا و جرحه التئم سريعاً؛ حتّىٰ أن واحداً من الحُراس كان سيذهب معهُ للطبيب و لكنهُ قال لن أنشغل بكَ.. و أنا لم أصمت بالطبع و وضعتهُ عند حدّهُ بدوري. "
ما إن بدأ روبيرتو بالإطمئنان و هو يقتنع أخيراً حتىٰ جاءت جُملتها الأخيرة و هدمت كُل تخيلاته؛ نظر روبيرتو إلىٰ تعبيراتها الفخورة بفعلتها، فهتف بغيض قائلاً:
"ماذا بعد!! إخبريني ماذا بعد ستفعليه و تهدمي كُل ما نفعله! "
-"ألا يحسبوني أولئك الرجال قاتلة و مرأة لعوب و كُل تلك الصفات الغير مُحببة؛ تصرفت علىٰ هذا النحو! "
وضع يدهُ علىٰ جبهته محاولاً تصبير نفسه علىٰ غبائها ، قبل أن يهتف قائلاً:
"يحسبوكي أيضاً محتبسة إلىٰ جانب هذا، لستِ مجرد فتاة تقضي وقتاً ممتعاً بنزهة خلوية! "
نفخت ريان بتعب، لقد سئمت من تلك الخطة الملعونة قبل بدايتها، هي هُنا تحاول التصرف كمنحرفة و هو لا يساعدها!
فـ لمّ يمنع روبيرتو نفسه من الهمس قائلاً بجدية شديدة:
"إستمعي إليّ جيداً... الآن سأعلمكِ كيف تكون تصرفاتك مع مورينو عندما تقابليه. "
إتسعت مقلتيها بتحفز؛ ستحفظ كُل ما سيّمليه عليها بعد قليل عن ظهر قلب.. لن تخيب ميران ابداً!
أنت تقرأ
هل يُزهر خريفي؟
Adventureتتوالىٰ الفصول؛ و يحين موعد فصل الخريف أخيراً.. من بين نواحي إيطاليا؛ تحديداً ڤينيسا.. عندما تتقاطع طرق تلك الراقصة المشعة بالحياة.. روڤان و قد كانت كما إسمها، مع الشخص المظلم الملطخ بالسوداوية.. ميران. هل يقع إنسان بحُب مختطفهُ؟ حكاية مستحيلة بقد...