قال الشريف الطوسي:
حلَّ الخريفُ على الأَغصانِ وانتثرت
أوراقُهُ غيرَ ما يبقى على الحِقَبِ
كانتْ غلائلها خُضْراً وقد صُبِغَتْ
بصفرةٍ مثل لونِ الورس والذهب
واستطردَ القيظُ إذ ولّت عساكره
واستبردَ الظلُّ فاقدحْ جمرةَ العنب
واغنمْ بها العيشَ في تشرينَ منتهزاً
فالقيظُ في رحلةٍ والقرّ في الطلب
--
بوابة جحيم انفتحت علىٰ مصراعيها قابلتها؛ تنظر حولها علها تستشف شيء من الضباب المحيط بها.. و لكن بلا جدوىٰ.. فعقلها قد سافر لـلا وعي رحمة لها من رائحة الموت التي تفوح حولها.. و دقات قلبها بين جانبها الأيسر قد بلغت عنان السماء.. غير مدركة هي إن كان بسبب النيران التي تحيطها او بزوغ ربيع قادم من بعيد.. حُب حديث لشخص مجهول يحبو في قلبها ببطء فيُزهر ظلماته..؛ او ربما قد ترعرع منذ زمن بعيد.. بعيد جداً بلا علمها..!
--
( قبل 15 دقيقة )
تأفف سانتو بضيق؛ ذلك المخزن الصغير الذي يقطنون فيه غير مريح بالمرة.. لا يوجد خصوصية به حتىٰ!
فهو متكون من ساحة ضيقه و غرفة خاصة بـميران مع حمام واحد فقط، و هو ممتن لكرمهم الشديد في وضع باباً للحمام حتىٰ إن كان موارباً غالبية الوقت.. حتى الباب ليس ثابتاً في مكانه!!!
وضع يده علىٰ رأسه يتحسس مكان الضربة؛ حتى تلك الفتاة تجلس في المخزن الذي كان يهرب إليه من نظرات ذلك الكائن اللزج الذي أمامه.. و من سيكون غيره! بالطبع ديڤيد!!!
رمق سانتو ديڤيد بقرف! لقد جعل رائحة المخزن الصغير ممتلئة بالخمر المقرف! هو ليس عدواً للشراب.. و لكن لا يعني أن يظل هذا الشخص أمامه طوال اليوم بتلك الحالة في ظل غياب روبيرتو و ميران!
بادله ديڤيد النظرات بتحدي هزيل.. يشرب من الزجاجة التي بجانبه فقط.. طوال اليوم!
أردف سانتو بتقزز:
"انظر إلىٰ حالتك هذه! من يراك يظن أنك كنت شخص مقرب لنيكولو لتحزن علىٰ فراقه!! من تخدع يا بني! أنتَ كنت تخطط لدعسه! "
تململ ديڤيد مكانه و قد أزال ذاك الحاجز الجليدي الذي كان يغلف نفسه به..يحاول منع ظهور روحه الحاقدة إلا أنهُ لم يستطع منع نفسه و هو يزمجر بشراسة هامساً بهسيس حاد:
"نيكولو هو الشخص الوحيد الذي ساعدني! هو من وقف بجانبي و أظهرني إلىٰ جانب مورينو.. هو من أدخلني بين براثن تلك العصابة و جعلني مثلهم.. لم أكن شخص موثوق كثيراً و لكن كنت سأصبح.. كنت سأصبح الذراع الأيمن لرئيسنا الكبير مورينو؛ كنت سأصبح أفضل من ميران.. كنت سأتميز عنهُ و سأعرف المعلومات التي ستجعلني الأفضل.. كنت سأصبح الاقرب إليه من نيكولو حتى.."نظر سانتو بدهشة إلىٰ ذلك الديڤيد و هو يسمع تغيرات نبراته المليئة بالحقد مع كل كلمة!.. وهو يتحدث عن مورينو رئيسهم..شخص مظلم جداً و مفعم بالظلام.. كما إسمه بالظبط!
ظلوا لسنوات يعملون تحت كنفه و لكن كالمأجورين فقط؛ علىٰ الرغم من عدد السنوات التي تعدت العشر هم لا يعرفوا إسمه الحقيقي بعد.. مورينو لا يثق بأحد، لا يخبرهم عن تفاصيل كثيرة بخصوص عملياتهم حتىٰ..يأمرهم فينفذوا؛ هو عبارة عن مكعب من الأسرار.. و لكن في الفترة الأخيرة كان يتغير.. ميران بات مقرباً له؛ أصبح مورينو يعتمد علىٰ ميران في كل شيء.. إلىٰ أن قُتل نيكولو علىٰ يد تلك الفتاة..نيكولو كان يد مورينو اليُمنىٰ.. حافظ أسراره و المتحدث الرسمي بإسمهم مع المُصدرين للشحنات.. و بقتله لا أحد يعرف بموعد الشحنة القادمة حتىٰ الآن سواه هو..
قاطع أفكاره صوت ديڤيد و هو يردف بحقد أسود.. أكبر بكثير من ذي قبل:
" تلك الحقيرة.. جعلتني أخسر فرصتي الوحيدة للقمة؛ بينما صديقك ميران كان منشغل بالتقرب إلىٰ مورينو أنا كنت أتقرب إلى نيكولو.. ماذا سأفعل بالرئيس! بل سأعلم كل المعلومات من رجله الأيمن.. كنت سأعلم بموعد تسليم الشحنة.. و كنت سأعلم بكل أسراره.. التي تجعلني أتقرب منه، و لكن بطريقتي.. كنت أقترب كثيراً.. إلىٰ أن جائت تلك المرأة... سلبت عقل نيكولو و قتلته بعدها! و الآن كانت في طريقها للزواج و بناء حياة جديدة!
بالتأكيد هي تعرف كافة المعلومات التي ستفيدنا.. هي بين ايدينا... و نحن هنا ماذا نفعل! نبكي قائلين ضاعت الفرص بينما الـ*** تجلس بمفردها و كأنها في نزهة صيفية!... أه عفواً... أقصد مع كلبك فيبدو أنكَ لم تفرط في تركها بمفردها فتركتها معه! "
كان سانتو يضع يده علىٰ وجنته بملل.. لم يتفاجأ من كم حقارة ديڤيد و حقده، إلىٰ آن سمع اخر جملة.. انتفض سانتو مكانه.. لقد نسىٰ أمر ريكس؛ بالتأكيد قد شعر بالجوع كلبه.. نهض من مكانه سريعاً و هو يتوجه نحو المخزن الذي تجلس فيه.. تاركاً ديڤيد ينظر إلىٰ الفراغ بحقد منبثق كعادته.. و لكن تلك المرة، كانت غير كل المرات!
أنت تقرأ
هل يُزهر خريفي؟
Adventureتتوالىٰ الفصول؛ و يحين موعد فصل الخريف أخيراً.. من بين نواحي إيطاليا؛ تحديداً ڤينيسا.. عندما تتقاطع طرق تلك الراقصة المشعة بالحياة.. روڤان و قد كانت كما إسمها، مع الشخص المظلم الملطخ بالسوداوية.. ميران. هل يقع إنسان بحُب مختطفهُ؟ حكاية مستحيلة بقد...