النّجمَةُ ✧ ⁰¹

185 20 69
                                    

الأزرقُ... كانَ الأكثرُ إنتشاريّةً، في الجُدرانِ
وَ الأرجاءِ، الصّور، الثّياب،.... رُبما حتى
مسامعُه بِلونٍ أزرقٍ خفيّ، لا شيءْ يسمعُه
و لا شيءْ،.. حرفياً. رُبما فقط للحظاتٍ
سمعَ جمال تلك الصّور التي نظرَ لها.. و
إستَمعَ إلى ضحكاتِ تلك اللحظات، التي
مضتْ... و إنتهتْ، كما قد علمَ أن الوقتَ
إنتهى و فاتَ الأوانُ.

لذا سريعاً ما تراجعَ، يتركُ الأداةَ الحادةَ
و يتوتّر، مُجدداً يشعرُ بالإضطرابِ و الخوفِ
كالكثيرِ من الأحاسيس، تفجُراتٍ و تصادُمٍ
من المشاعرِ، مُجدداً ينظرُ لها لكن عقلُه
تراجعَ، لرُبما إستحقتْ الحياةُ مُحاولةً
أخرى...

و قد رتّبَ ثيابه على جسدِه، يُتمتمُ بالهمساتِ لأنّه ببساطةٍ لا يعلمْ عن تناسُقِ نبرتِه، و مُجدداً.... هو لا يعلمْ عن كونِها همساتٍ
ناعمةٍ و رقيقةٍ تُنافسُ سيرَ الغيمُ أمامَ
القمرِ،... الغيم الصّامت، الذي لا يملكْ صوتاً.

حتى شعرَ بكفٍ على كتفِه يُفزعُه، يستديرُ
بهلعٍ و لا يعلمْ؛ لو صرخَ أو لا، أخرجَ صوتاً
حينَ تمت إخافتهُ أو لا،... لأنه لا يعلمْ.
لكنّها كانتْ ماريَا، التي تبتسمُ له و لا تجعلْ
الخوفَ يتصاعد كالبُخارِ من رأسِه.

و قد نظرَ بقوّةٍ إلى شفتيها، بقوّة حادّةٍ تحكُمُ
علىٰ الأحرُفِ المنطوقةِ، علىٰ الهُدوءِ الأبديّ
و الصّمت الأصم، حياتُه الزّرقاء.
لكن مَاريَا تُساعدُه أيضاً بكونِها تنطُق-
لا، إنها تتهجَّئ الحروفَ له نصّاً.

" أبي،... يُريدُ منكَ الإستعداد لأجل المدرسةِ
هو سيأخذُكَ اليومَ.. عمّي مشغولٌ الآن "

لكن، رُغم قُربِ مَاريَا و تفهُّمها، لازال يتوقُ
لإستخدام لُغة الإشارةِ،... يقلقُ من نبرتِه..
من كونِها قبيحَةٍ أو لا تتناسَقْ أو حتى لو
كانتْ مُهتزةٌ.

" حسناً " همسَ بها رُغم رغبتِه بالسّؤالِ..
لما عمّه مشغولٌ؟ لما مَاريَا التي أتت لا
خادمُه، لما ليستْ علىٰ مائدةِ الإفطارِ؟
و مع هذا، خجلُه من هزمَ شجاعتِه، قد
إتفقَ بِرضى تام علىٰ الصّمتِ، عدم الحديث
و عدم الرّدِّ إلّا لو تفاقمَ الوضعُ بإلتزامِه
الصّمتِ.

و مَاريَا التي أتتْ، لم تُغادرْ رُغم أنها أنهتْ
ما أتتْ لأجله. لأنها تقدمتْ تحتضنُه، لرُبما
رأتْ ما حلّ علىٰ دواخلِه و محياهُ كالعادةِ..
خائنةٌ تفضحُ أمرَه مُنذ أعوامٍ.
و شعرَ بأنفاسِها على شعرِه، و أحسَّ بحركَةِ
فكّها أيضاً.. إنها تتحدثُ، لكن الهُدوءُ لا
يُغادرْ، كما العادةِ لأنه مُجدداً،.. لا يعلمْ.

حين غادرتْ مَاريَا، عادَ ينطوي على
الجنينِ الذي هو عليه.
و عادتْ الوحدةُ كما اللون الأزرق يُحيطُ
رؤياه، دون مقاومة مُبالغةٍ هو نهضَ و
قرّرَ ترك المكان. يكتفِي بهذا لليومِ، و هرولَ
بغيرِ سرورٍ إلى الأسفل.. يُقابلُ عمّه.
السّيد نيم.

النّجومُ ✧ JIKOOK « مُتوقفة » حيث تعيش القصص. اكتشف الآن