لا يمكنني نعت الوقت بأنه متجمد في تلك اللحظة، بل إنه ذاب تماماً وانساب من بين أصابعنا وأجسادنا المرتجفة. لكن، ولسبب ما أجهله؛ كان آدريان الوحيد الذي يبدو متزناً داخلياً.
يشبه كثيراً الملاك الساقط في الجحيم بهدوء ملامحه بينما ينظر الجميع له بهلع. ذلك كله جرني من الواقع جراً لأفكر ولأول مرة: ربما الملاك ليس ساقطاً في الجحيم، بل منه.
قد يعني السقوط الخلاص أحياناً، وربما اليوم هو الذي سأدرك به هذه الحقيقة بشكل يمكنه أن يغير حياتي بأكملها.
تقدم آدريان أخيراً الحشد ليضيء قليلاً وجهه حاد الملامح تحت ضوء القمر فوق الرؤوس الكثيرة التي انضمت لنا تنتظر بصمت.
ما إن توسط الساحة، بعيداً عني ببضعة خطوات وبجانب الملكة حتى ارتفعت الأيدي مجدداً بوضعية القتل الرحيم منتظرين من آدريان أن يقوم بحركته.
إن وَصَّل آدريان سلاحه بالأرض ولامس بيديه شقيقته ووالدته سينتهي كل شيء، بما في ذلك نفسه. فالأمر هنا إما الإنتحار مع العائلة أو الموت من قبل العشيرة واحتمالية قتل العائلة بعدها كبير كذلك.
لا أحسده على موقفه البتة، لكنني أحسده على ثباته رغم الكلمات الكثيرة التي تلقى عليه من كل الجهات والأطراف، وتكرار الأميرة سؤالها له إن كان سيفعل هذا فعلاً أم لا.
رفع عصاته فجأة للأعلى وقد لمعت نهايتها المدببة ليصمت الجميع عدا الشهقات. استغليت هذا الصمت المفاجئ لأقف على قدماي أخيراً نافضاً ثيابي -وكأن الأناقة تنفع أثناء قتلك!- لأسمعه يتنهد بثقل قائلاً:
"من السيء أن أقتل أعضاء العشيرة التي أنتمي لها" تهامس جميع (البايرون) عند هذه النقطة ليوقفهم مكملاً: "ومن الجرم أن أقتل أفراد أسرتي! بحق الله، كلاهما منحني الحياة الرغيدة لوقت طويل جداً"
"منحاك الحياة؟ أتسمي تلك حياة؟ لقد كنت منبوذاً!" قالت سيدة في سن صغيرة لتسترسل ساخرة: "صلاحيتك الوحيدة هي أن تتنفس"
"وهذا يكفيني"
ظهرت الكلمات من حلقينا في نفس اللحظة ليتداخل صوتي الضئيل الحاد بخاصته الواثق والقوي. نظرت له فوجدته يبتسم للمرة الأولى دون أن يغطي فمه لتظهر لثته المحمرة. نطق أخيراً بعد لحظات من الحملقة المتبادلة، كلٌ منا يفهم ما الذي يجوب عقل الآخر:
"حقيقةً، يكفيني أن أتنفس في أي مكان يسمح لي بالتحرك براحة داخله كما الحال في (بيلالورا) دون الشعور بالخطر من حولي"
تماماً، هذا ما أشعر به، لكنني كنت حانقاً للحد الذي ينشر الغمامة في العقل.
أنت تقرأ
سطح الأسفلين
Fantasyيعيش راڨي، في بداية شبابه، في عاصمة شبه جزيرة شيتسو. هناك، أين لا يشبهه أحد؛ بينما هو يشبهنا جميعاً. فهو الإنسي وسط المسوخ، الرجل المتوسط بين الحالات الخاصة، والمجنون وسط من لا عقول لهم. يحاول فك طلاسم الماضي ليعرف مستقبله وحاضره، قرر أخيراً أن يفهم...