حلت ضوضاء في الأيام القليلة الفائتة، كنت متواجداً فيها كلها؛ لكنني لم أفهم منها شيئاً.
وها أنا اليوم، أقف ببدلة سوداء بالكامل تناسباً مع أسفل عيني، أنتظر في صف طويل من الملابس السوداء الأخرى والهدوء يعم الكون عدا من تراقص الهواء مع قطع الملابس بمحاولة بائسة لجعل الجو العام للموقف أقل حزناً.
تقرر دفن أوليڨار في المعسكر، تماماً في الباحة بجوار مسكني. فكما قالت آمارسا عندما قررت هذا القرار أن الكثير ممن يقتنون هذا المسكن تسببوا في قتل الصبي، لذا من الملائم أن يتذكر العالم هذا.
لا أعلم كيف مرت الأيام الفائتة ولا أذكر أنني شعرت بأي شيء خلالها، كالأمور العادية مثل الإستيقاظ صباحاً والنوم في صباح اليوم التالي وغصة الطعام في الحلق لتزاحم موجات البكاء معها. لكنني أعلم أن أوليڨار تم دفنه صباحاً وها أنا اليوم لأرى مرقده الأخير.
من يعلم، قد تعود الحياة طبيعية بعد هذا كله، قد أعود للعمل في شركة إيصال البريد، وقد أطيل شعري مجدداً وأضعه في جدائل.
وربما يتأقلم كل من توري وتشارلي في الحبس لمدة عام بسبب قتلهم لأشخاص من (المارزانا) -نعم، الآن تذكروا هذا-. كما أن چراسيلا حتماً ستتأقلم مع ساقها السوداء وعكازها الجديد.
سيعتاد ريو على الحياة في (بيلالورا) المجنونة، ويعتاد القصر الملكي على آدريان أميراً فيه دون تفرقة أو سلاح. ولان سيعتاد على وجهي الذابل الذي يذكره بالموت في المكتب، وقد يعتاد على ألا يزعجني مجدداً.
لكن آلڨين لن يعتاد على منزله فارغاً، ولا أوليڨار سيعتاد على قبره الضيق.
اتفقنا دون أن نتحدث أن نقف في نهاية الطابور جميعنا لتتسنى لنا الفرصة بتوديعه معاً. أعني، لقد قتلناه معاً لذا من الملائم أن نعتذر دفعة واحدة.
هناك تقليد في (شيتسو) يقتدي بالمرء أن يحضر حفنة تراب من أي مكان قضى به وقتاً مع الفقيد وينثره على القبر، فكلما ارتفع القبر وأصبح كالجبل دل ذلك على حب الناس له في حياته.
أراهن أن قبره سيمتلئ بالتراب المحيط بمدرسته من قبل أصدقائه الكثر ومعلميه.
أما أنا فكالأبله، جثيت أمام القبر وبيدي علبة بلاستيكية ملأتها بتراب تلك الزرعة التي اعتنى بها أخيراً في منزلي، وقد قضيت ساعة كاملة أبحث عن الدعسوقة التي داعبها لكن يبدو أن حزنها على صديقها الصغير جعلها تكتئب بحق.
"آمارسا تقول أن ننتهي من وضع التراب ونغادر بسرعة، فهي لا تريد لأحد أن يرانا بكثرة كما أنها تريد سؤالنا عن شيء" همست توري في أذني.
أنت تقرأ
سطح الأسفلين
Fantasyيعيش راڨي، في بداية شبابه، في عاصمة شبه جزيرة شيتسو. هناك، أين لا يشبهه أحد؛ بينما هو يشبهنا جميعاً. فهو الإنسي وسط المسوخ، الرجل المتوسط بين الحالات الخاصة، والمجنون وسط من لا عقول لهم. يحاول فك طلاسم الماضي ليعرف مستقبله وحاضره، قرر أخيراً أن يفهم...