النظرة الأولى - شَـجاعة

512 53 37
                                    

إذًا إذًا.. ها هو ذا من يظن نفسهُ شجاعًا لمواجهة نفسه!
أهلًا بك، أنا مرآة.. الكيان الذي تظن أنه جمادٌ لا روح فيه، لكنه يحملك بداخله. قد أكون انعكاسًا لك، أو معاكستك.. قد تجيبنا نظرتك الأولى لنفسك.

خذ نفسًا عميقًا، قُم بتصفية ذهنك واغرق معي في نقطةٍ مدفونةً داخلك.. الشجاعة.

---*---

توماس: على الأقل فعلتُ شيئا گالي! أعني ماذا فعلت أنت؟ إضافة إلى الاختباء خلف هذه الجدران طوال الوقت!
گالي: دعني اخبرك شيئا ما، أنت هنا منذ ثلاثة أيام.. أنا هنا منذ ثلاث سنوات!
توماس: صحيح أنت هنا منذ ثلاث سنوات لكنك لا تزال هنا گالي، ماذا يخبرك هذا؟ أعني يجب أن تنجز الأمور بطريقة مختلفة!

عداء المتاهة - الجزء الأول.

---*---

كم مرةً رغبت بإنجاز أمرٍ ما وتراجعت عنه لأنك خائفٌ من تبعاته؟ أو لأنك تخشى الفشل، أو الألم، أو حتى ثرثرات الآخرين عن اختيارك لهذا الطريق. أجل، أنت تتذكر تلك الفرص الضائعة بسبب خوفك.

ما هو الخوف؟ هل هو شبحٌ يلاحقك في لحظاتٍ مهمة أو حتى مصيرية؟ هل هو أحد أوجه الشيطان؟ ملاكٌ ينوي حمايتك؟ مرضٌ أو اضطراب نفسي؟ هلوسة أو فكرة؟ ككيانٌ نظر إلى الأنفس البشرية لفترات طويلة؟ دعني اخبرك بوجهة نظري عن الخوف:

الخوف هو الشمعة المُنطفئة وسط سلسلة من الشموع المضيئة المتباعدة فيما بينها، شمعةٌ توجب عليك اضائتها لتستمر في اكمالك مسيرتك في الطريق الذي تمضي به. فقد يكون الامتحان الذي تظنه صعبًا، لكنه في الحقيقة الشمعة التي تنتظر منك ايقادها. وهو الفكرة المميزة التي لا تزال قابعةً في احدى زوايا افكارك دون أن تخلقها على أرض الواقع، تخبؤها خوفًا من سببٍ وضعته بنفسك. 

الخوف هو الدرجة المكسورة في سُلَّمِك، ينتظر منك جرأة لعبوره. هو المُعلم الصارم الذي يريدُ منك أن تفهم درسك لتتفوق. 

يومٌ من الأيام الماضية، شهدتُ أحد صراعات ڨيكتوريا مع أحد مخاوفها. كانت تُعاني من ألم كبيرٍ في أسنانها يتعاظمُ يومًا بعد يوم، ومع تزايد مشاكل أسنانها راح جسدها يذبل.. كل هذا وكانت الآنسة ترفض رفضًا قاطعًا أن تزور طبيب الأسنان؛ لأنها وببساطة تخشى أصوات أدواته، وتخيفها فكرة الألم.
حتى جاء ذلك اليوم الذي لم تعد فيه قادرةً على تناول الطعام، فسمعتها تتناقش مع والديها كي تزور طبيبًا مختصًا. ولأن كبريائها كان عالٍ جدًا، فهي رفضت أن تذرف دمعةً واحدةً أمامهما، وعوضًا عن ذلك فقد اختارت أن تقف أمامي بعينيها الدامعتين محدثةً نفسها: «لا داعٍ للخوف، سيكون كل شيءٍ على ما يرام!» وعلى الرغم من رؤيتي الخوف مستعمرًا نظراتها، إلا أن شموخها أبى أن ينكسر معترفًا بخوف صاحبته من مجرد سن!

مرآةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن