أتدري بأنك مُلتفتٌ للإنتباه؟ لا زلت هنا!
اتساءلُ فيما إذا كنتَ ستُنهي هذا الفصل أم لا.
---*---
الحب الذاتي: بمعنى أن يحب الشخص الهدايا التي أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بها. فمهما كان طوله، أو لون جلده، أو شكله.. فهو يحب كل جزء فيه كما هو.
د. إبراهيم الفقي.
---*---
كم عدد الأشياء والأشخاص الذين تحبهم؟ مئة؟ ألف؟ مليون؟ لا يمكنك أن تعدهم كلهم؟
أخبرني، هل حبك لذاتك من ذلك العدد؟ في أي مرتبة؟ أم أنك لم تفكر بنفسك سابقًا؟أرى البشر عبر التاريخ يتراكضون في ممرات الحياة الضيقة، هناك من يجري خلف الشهرة، الآخر وراء المال، وغيره ساعيًا بكدٍ للسلطة.. وما إلى ذلك من هبل الرغبات البشرية.
قد تقول الآن: «الشهرة والمال والسلطة.. كلها تصب في مصلحتي، كيف لا أحب نفسي؟»
لا تستعجل نفسك؛ فالسوط في طريقه إليك!لنتحدث أولًا عن حب الذات الحقيقي، ما هو؟
بتعريفي البسيط: هو ذلك النوع من الحب المُصنف في المرتبة الثانية لأهميته في حياة الإنسان بعد حبه لربه، وهو الذي يسعى من خلاله إلى الفضائل والسمو.
هل يمكنك التركيز في السطرين والنصف الذين كتبتهما؟ أعِد قراءتهما جيدًا وتأملهما.أن تُحِبَ نفسك يعني أن يكون الصادر والوارد منها الخير فقط، فحينما تجد الأذى لنفسك أو لغيرك بأي شكلٍ من الأشكال لن يسمى هذا حُبًا للنفس مهما اختلفت الأسباب.
فحبك لنفسك يعني أن تدرس بجدٍ فتحصل على أعلى العلامات الممكنة، وأن تكُدَ في عملك حتى تتميز قدر المستطاع، وأن تُسعِد أهلك وتَبُرَ بوالديك مهما أشتدت الخلافات بينكم؛ فهم قُطعٌ مِنك، علميًا هم أنت لكن بصورة مختلفة. أن تختار لنفسك أصدقاءً حقيقيين، وأن تُدرِكَ أهميتك في هذه الحياة. أن تفهم أن أنفك الذي رُبما لستَ راضيًا عن شكله، يقابلهُ شخصٌ يتمنى أن يستطيع التنفس بشكلٍ طبيعي كما تفعل. وأن دروسك المكثفة هي حلم اولئك المحرومين من التعلم، المُتمنين أن يجلسوا ولو لدقائقٍ في رحاب صفوف العلم. وأن أخوك الصغير المشاكس أو الأكبر العصبي بعض الشيء.. هو أمنيةٌ لذلك الوحيد الذي يتمنى أن يجد له من يستمع إليه، أو حتى أن يؤنسه في وحشته.
تتعدد أشكال حب النفس، وقد يكون بعضها صعبًا، أعلم ذلك.. لكنك فورما تجتاز هذا الأمر ستكون قد حققت إنجازًا ساميًا في حياتك.
في بعض الأحيان استمع لڨيكتوريا وهي تتذمر لوالدتها قائلةً: «كيف يمكن للغبيات أن ينجرفن بالحب وراء المعتوهين وهُنَ في سِن صغير؟ أعني إنها لا تزال طالبةً جامعية وتعشق فلانً بجنونٍ، وهو أقسم لكِ بأنه سطحيٌ ومغفل! كيف يُمكن للإنسان أن يُعجَب بشخصٍ غير ناضج فكريًا؟»
كنتُ شاهدةً على ذلك النقاش بين الإثنين، والذي كان نتيجته جوابٌ واحد: «من لا يُحِبُ نفسه بالشكل الصحي، لا يمكن له أن يُحِبَ الآخرين بالشكل المناسب.»
قبل أن تُفَكِرَ بحبِ أحدهم، عليك أن تُحِبَ نفسك بكل تفاصيلك، وإن وَجَدَت فيك عيوبًا حقيقية كالتراجع في المستوى الثقافي أو الأخلاقي.. فما عليك سوى أن تُحَسِنَ من وضعك. أما الباقي، كلونك أو تفاصيل وجهك.. فليس المطلوب منك إلا أن تُحِبَ نفسك.أكثر ما يجب عليك أن تسعى وراءه هو ذاتك. تذكر أن لا شيء في هذه الدنيا يستحق أن تموت لأجله إلا نفسك، وذلك يتضمن أهلك، وطنك، مبادئك وأخلاقك.
أترك من يدك فتافيت الطعام التي تجري خلفها، واجري خلف نفسك!أريدك أن تتذكر بأن يدا المولى الكريمتان لا يمكن لهما أن تخلقا إلا كل ما هو مثالي وثمين، فلو لم يكن لوجودك أهمية كما تعتقد لن يخلقك الله. أتعتقد بأنه سيضيع وقته بخلق مخلوقٍ غير مفيد؟
في مرحلةٍ ما من عمر ڨيكتوريا، وبعد عدة مواقفٍ صعبة شهدتها وكانت قد غيرت من نفسها كثيرًا بسببها.. سمعتها مرةً تقول عن بعض الأشخاص: «رأيتهم يتنافسون كالكلاب المسعورة خلف قطعةِ عظم، يقتلون بعضهم ويعضون سواعد اصدقائهم في سبيل تبوء مركزٍ ما.. وما أن يحصلوه حتى يكتشفوا فيما بعد أنهم لم يشبعوا! في الواقع، ما يشبعهم حقًا هو أن يلتهموا الطعام المخصص لهم بالطريقة الصحيحة.. في النهاية هم بشر، عليهم أن يتركوا تصرفات الوحوش!»
الآنسة ظنتهم بشرًا، لكنني في الواقع أرى أن من يلهث خلف الأشياء وهو ينوي شرًا.. لا يمكن أن يكون إنسانًا، هو كلب مسعور حقيقي.ارتقي بإختياراتك وطموحاتك، إن حددت هدفك فأجعل الخير أساسه. لا تصبو لمنصبٍ لتكسب المال أو الشهرة فقط، ولا تدرس لتُثبت للآخرين أنك الأفضل! افعل كل ذلك لنفسك، للجانب الطيب فيك. وعليك أن تعلم: أن أذية الآخرين في سبيل ابقاء نفسك آمنًا ليس حبًا للذات، بل هو تصرف وحشي قذر يؤدي بك إلى مزبلة التاريخ.
إن كنت تحب نفسك حقًا، فأختر الطرق التي تسمو بذاتك إلى العُلا دون أن تؤذي أحدًا.تحرر من فكرة اهتمامك لنظرات الآخرين لك، وممّا يعتقدونه عنك. لا تنظر لصفاتك على أنها سلبيات، ولا لسلبياتك على أنها غير قابلة للحل. وتذكر أمرًا مهمًا: أن أسوأ الاغلال التي من الممكن أن تقيد الإنسان، هي الاغلال الي يحيط نفسه بها.
---*---
