عجبًا لقدرتكِ على مواجهة نفسك!
فبعد أن قرأت النظرة الأولى، ها أنت ذا تتجه للثانية!
لنرى إن كنت تستطيع اكمال هذه النظرة أم لا.---*---
بمتابعتنا النهر نبلغ البحر.
بلوطس.
---*---
كم من بشري ميت أو حي لم يتعثر ويسقط في طريقه إلى الحُلم؟
كم من مرةٍ اعترضت لافتاتِ التوقف طريق الحالمين؟
كمرآةٍ راقبت الأنفس البشرية منذ زمنٍ بعيد، سأخبرك ببعض الأمور التي احتاجك أن تركز معي جيدًا فيها؛ فلن تسمع إلى هذه الجُمل كثيرًا.في مرحلةٍ عمرية من مراحل ڨيكتوريا، كانت الآنسة في الصف الأخير من الثانوية.. وكم كانت تطمحُ إلى أن تصبح طبيبة نفسية! شغفها ذاك وحبها لحلمها دفعها إلى أن تدرس في العطلة الصيفية دون أن يساعدها أي مُدرس، عكس زميلاتها وصديقاتها.. وكعادتها رأيتها تُحارب وحدها.
ولأن دراستها كانت صعبة عليها، ففي كل مرةٍ أراها تفشل بحلِ سؤالٍ ما.. تذهب وتبكي بين احضان سريرها ولحافها، لا تلبث طويلًا حتى تنهض بإصرارٍ كي تُبرح ذلك السؤال ضربًا بمحاولتها في حله. عزيمتها تلك كانت تُجرَحُ وتُكسَرُ كثيرًا؛ فالقتال وحدك في ساحةِ حربٍ شرسة ليس بالأمر السهل، لكنها كانت بكبرياءٍ عالٍ، لم تستلم! وعوضًا عن ذلك راحت تضمد جراحها وتُجبِرُ كسورها لتنهض ثانيةً.
قليلةَ النوم كثيرةُ الدراسة كانت مؤمنةً أنها ستحقق حلمها عاجلًا أم آجلًا، لا بأس بكل تلك الضربات التي اسقطتها أرضًا؛ كالعادة ستنهض! تلك الحرب أحتدمت وباتت لا ترحم، وضربةً تلو الأخرى حتى سقطت ڨيكتوريا وانهارت معها درجاتها.. والصدمة أنها لم تحقق الحلم تلك المرة.
دخان النيران المحترقة أثر الدموع الحارقة التي ذرفتها ڨيكتوريا كانت تُرَى على ملامح وجهها، ذبول الورد في وجنتيها واصفراره كان بارزًا، والأهم أن الشغف في عينيها قد مات.قلبها الذي كان مصدرًا لإشتعال النيران في داخلها كان رماده يطيرُ في الأجواء على هيئة لامبالاةٍ شديدة، ورائحته فواحةً بصورة انعزالها وابتعادها عن الجميع.
تلك الضربة كانت موجعة، رأيتها تموت تدريجيًا وكان من الصعب أن تحيا مُجددًا. لكن الله لم يكن ليتركها أبدًا، فمد لها يد العون واعطاها فرصة إعادة المرحلة الدراسية من جديد. ولأنه سمع صرخات روحها وهي تتوجع لحريق قلبها، فقد قرر أن يساعدها على النهوض وإكمال حربها؛ فهي لم تنتهي بعد!
الغريب في الأمر، أن ڨيكتوريا لم تكن شديدة الإيمان بتلك المرحلة من عمرها، لكن كما هو معروف.. فإن الإله لا يترك عباده وحدهم حتى وإن لم يتحدثوا إليه.وضعت الحربُ أوزارها واستعدت ڨيكتوريا للقتال مجددًا في ساحةٍ جديدة ذات شروطٍ وقوانينٍ أكثر صرامة، فهذه المرة ولأنها مُعيدة.. فسيتوجب عليها أن تُبهِرَ الآخرين بدرجاتها، وألّا تستمع لتنمر أقربائها المستمر وسخريتهم منها، وأن تحتمل الملل وألّا يخفت حماسها؛ فالإعادة دومًا ما تكون مملة.