|٢| والدة الوقح.

12.2K 773 361
                                    

- السابع والعشرون من يونيو عام ٢٠١٧ـم:
- الثامنة والنصف مساءً:

ثاني أسوأ يومٍ بحياتي القصيرة، لا.. بل ثالث أسوأ يومٍ.

فأول أسوأ يومٍ كان يوم ولادة شقيقتي قبل الأخيرة نداء التي تصغرني بستة أعوامٍ؛ لأنني توليتُ رعايتها منذ ولادتها بسبب انشغال والديّ بعملهما، و يا ليتني لم أربيها؛ فقد خلقتُ أنثى إبليسية صغيرة تشبهني، ولكنها ستفوقني شيطانيةً وخبثًا، أنا متأكدة من تربيتي.

وثاني أسوأ يومٍ كان يوم التحاقي بالمدرسة الابتدائية لأبدأ رحلتي التعلُمية.. جديًا! أنا ذكية ولكن لا أحب الدراسة.

وهذا ثالث أسوأ يومٍ.. لماذا؟

سيداتي آنساتي سادتي.. منذ رجوعنا لمصر في السادسة صباح هذا اليوم ووصولنا لمنزل العائلة بمدينة دمياط الجديدة، وهناك أعمال تنظيف وترتيب لشقتنا بالطابق الرابع دامت حتى هذه الساعة المسائية، وإن جئتم للحق.. أكره التنظيف أكثر من معلمة الرياضيات العامة بالمدرسة!

بالطبع توليتُ ترتيب غرفتي ووضع أغراضي فيها، ولكن صدقوني ترتيب أغراضي أصعب من ترتيب المنزل بأكمله. أكره الأعمال المنزلية!

بعدما انتهيتُ من ترتيب خزانة ثيابي وإفراغ جميع حقائبي بمكانها في الغرفة، ارتميتُ على سريري الحبيب عشقي وحُبي الآن.. ولمْ أكد أغلق جفنيّ حتى:

«قومي يا ندى! دا مش وقت نوم في عشاء عائلي تحت على شرف رجوعنا من السفر وجدك طالب حضورك حية أو ميتة.»

ها قد وصل الإزعاج على لسان والدتي، جديًا.. هل لديهم قوة لمضغ الطعام وبلعه بعد كل هذا العمل المُرهق؟

«يلا يا ماما اتكلي على الله شوفي حالك بعيد عني، بلا عشاء بلا بتنجان.. أنا مش قادغة أتحغك (قادرة أتحرك) صوابع غجلي واغمة (رجلي وارمة).»

«اتكلي؟ أنتِ بتجيبي الكلام البيئة دا منين وأنتِ طول عُمرك خارج مصر أصلًا.. قومي يا بت!»

صرخت والدتي بالأخيرة ترمقني بنظراتٍ مميتةٍ، وما أدراكم ونظرات الأم المميتة؟

جسدي يقشعر فقط من نظراتها القاتلة، فابتسمتُ لها بتوترٍ أقول وأنا أنهض عن الفراش وأرتب مكاني أيضًا:

«بأهزغ (بأهزر) معاكِ يا زوزو يا عسل أنتِ، يلا اسبقيني تحت وأنا هاغيغ لبسي اللي غيحته (ريحته) بقيت معفنة دي وجاية وغاكِ (وراكِ) في ثواني.»

ضيقتْ عينيها ورفعتْ إصبعيها السبابة والوسطى تشير بهما لعينيها، ثم أدارتهما تجاهي بمعنى 'أنا أراقبُكِ'. جديًا يا جماعة! هل هذه أمي أم عميلة فيدرالية؟

خرجتْ بعدها من الغرفة فسكنتُ مكاني حتى سمعتُ صوت غلق باب الشقة.. أي أنها خرجت.

فيو.. لقد رحلت حمدًا لله، حسنًا سأعود أنا للنوم.

مذكرات مراهقة (الكتاب الأول).✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن