الذي يساعده الشيطان || JK. KT

أورسبرا

إن فكرة خوفنا من الموت لا تأتي بسبب رهبتنا من المرحلة التي تليه، بل لأن الساعة التي سنلتقي فيها برسول الموت.. مجهولة!
قد تخشى المرحلة التالية له بعد قرائتك هذه النوفيلا؛ سأحكي لك عن الشخص الذي يساعده الشيطان، والذي من المحتمل أن يكون هو رسول الموت لك عوضًا عن الشخص الذي يساعده الله.. عزرائيل!

«قد تعتبريني قاتلًا، لكني يا آنستي حينما أُحِب؟ تترتلُ على مسامعكِ ترانيمًا مختلفة. قد أبدو شريرًا، لكن كما كان لكِ الحق في أن تختاري من تحبي وتحاربي لأجله، فلي الحق بذلك أيضًا؛ وكما تعلمين.. اختراق القوانين في شريعة الحب أمرٌ مباح.»

----

إن كنتَ تظن أن حبك لشكلك المتمثل بأنفك ذو الحجم الكبير نسبيًا، أو وزنك الذي تجده مبالغًا فيه، أو حتى بشرتك غير الصافية.. يعني الثقة المطلقة بالنفس؟ قد تكون مخطئا؛ في الواقع وجود الأعضاء أهون بكثير من فقدانها. يُمكن أن تتقبل الكثير من الأمور وقد تستطيع معالجتها، لكن كيف ستتمكن من تعويض جزء لم يُوجد من الأساس؟ ولا يمكن حتى تعويضه؟

إن كنتَ تعتقد أنك قليل الحظ بسبب بعض التفاصيل السلبية الغير مهمة في حياتك، فما رأيك أن تتعرف على قصة ملك؟ ذات العين الواحدة!

في المستقبل البعيد.. تحديدًا شتاء عام ٣٠٣١، وقفت إبنة بلاد الرافدين أمام المرأة الطويلة لغرفتها. بسمارها العراقي وهزالة جسدها الصغير ذو طول المتر والنصف، رغم كونها شابة في الخامسة والعشرين من العمر. شفتاها صغيرتان ناعمتان، وانفها بحجمٍ متوسط. شعرها الفاتن الطويل والكثيف بلونه الأسود ينسدل خلف ظهرها وصولًا حتى نهايته. ترتدي كنزةً صوفية بيضاء أعلى بنطالٍ كُحلي اللون. كانت الآنسة ملك تتأمل وجهها، والذي كان مشوهًا حسب تعبير بعض من نساء أقاربها.

تعابيرها لم تكن مستاءةً لسماعها كلماتًا خدشت مشاعرها؛ فقد اعتادت على الأمر حتمًا! لكنها كانت مليئة بالحيرة؛ ما هو معنى الحياة بالنسبة إليها؟ ما سبب نهوضها من السرير كل يوم؟ ما هو شغفها؟ من هي ملك؟ ما سبب معاناتها؟ كيف ستجعل الناس يتوقفون عن التنمر بقصدٍ أو دون قصدٍ على ملامحها التي لم تخترها بنفسها، ملك لم تختر أن تولد مفقودة العين اليمنى! أجل، فعوضًا عن وجود تفاصيل العين كأي إنسانٍ عادي تعرفه، ملك لم تكن تملك تلك الميزة التي رُبما لم تشكر الإله عليها يومًا. 

الفتاة ذات العين الواحدة، الوحش، المشوهة.. كم رغبت ملك أن ينتبه الناس لأعماقها وروحها عوضًا عن شكلها؟ مهلًا، هل أحبت شكلها يومًا كي يُحبه الآخرون بالمقابل؟ هل نظرت لدواخلها كي تُلفت نظر الناس لما تملكه من جوهرٍ في نفسها؟ 

حركت رأسها يمينًا ويسارًا أسفًا على ما فعلته؛ هي بالفعل لم تنتبه لذاتها يومًا، كل همها كان أن تُخبئ نفسها بعيدًا عن انظار الناس، لم تكن ترتدي الخمار لأنها متدينة حقًا؛ فعائلتها لم تكن متشددة، بل كانت تفعله مخافة أن ينتبه الناس لقبحها -كما يصفونها-. أنهت سنين دراستها وتخرجت من كلية الصيدلة دون أن يراها أحدٌ من زملائها. ولأنها كانت منطويةً على نفسها، فلم تكسب العديد من الأصدقاء، ولأن الجميع قد نال وظيفته المنتظرة إلا ملك -التي اختارت ألا تظهر للعلن مجددًا- فلم يسأل عنها أحدٌ بإستمرار ولفترات طويلة بقيت ملك وحيدة.