مأمنه

182 29 50
                                    

هل جربت سابقًا أن تعيش خوفك من مجهولٍ غير مرئي، يقف خلف ستائر غرفتك حتى وإن أشعلت النور لتبدد الظلام؟ شعورك الدائم بأنك مراقب وتحت الأنظار، وأن ذلك الغريب يملك الكثير من السُبِل كي ينقض عليك.. 

صاحب شخصية طارق، أيًا كان إسمه الحقيقي.. لم يجد طريقة إلا وجربها كي يحمي عقله من التفكير بذلك المعتوه، الذي اقتحم حياته بشكل مفاجئ. فقد أخضع هاتفه وحاسوبه المحمول بما فيهما من برامج وأنظمة وحسابات.. للفحص تحت أيدي عدد من خبراء الحماية البرمجية، لكن كلامهم كان كزي موحد ارتدوه كي يزيدوا من تخبطات أفكاره: «لا من شيءٍ مثيرٍ للريبة في أيٍّ من أجهزتك»
إذًا بحق السماء، كيف استطاع ذلك المجهول أن يصل إلى حسابه الشخصي ويتعرف على هوية طارق الحقيقية؟ 

الرسائل كانت لا تزال تصل إليه من عدة حسابات: أنت التالي١، أنت التالي٢، أنت التالي٣.. حتى وصل العدد إلى أكثر من الألف! وجميعهم يُحظرون من قِبَل طارق، ثم يظهر حساب آخر يحمل ذات الإسم مُكملًا سلسلة الغموض والريبة.

ممّا فرض على طارق أن يشدد الحماية داخل وخارج منزله؛ فمن يدري.. قد يكون للمختل طريقًا سريًا يتسلل به إلى مسكنه!

في إحدى مساءات مارس، كان الأشقر قد غادر منزله المشترك مع صديقه؛ ليحضر إحدى الأمسيات العائلية الخاصة، تاركًا صديقه في المنزل وحيدًا.
الساعة خشبية القوام معدنية البندول، تقف على الأرض بفخرٍ لأصلها الممتد إلى إحدى الأسر البريطانية العريقة، والتي أصبحت هديةً لطارق تكريمًا لقربه لتلك العائلة. 
عقارب الساعة تشير إلى العاشرة مساءً، وكان الأشقر لا يزال خارج المنزل.

طوال فترة غياب الآخر، كان طارق مغلقًا هاتفه بشكل نهائي؛ كي لا يُزعج باله بالتفكير مجددًا بذلك المهووس، وفضل أن يؤنس وحدته بمشاهدة فلمٍ ما كوميدي التصنيف.
نهض طارق عن الأريقة سريعًا متجهًا نحو الثلاجة؛ جالبًا منها بضع قطع حلوى أخرى غير التي أنهاها قبل قليل. 

قهقه بينما يستمع لرد أحد شخصيات الفلم لشخصيةٍ أخرى، ثم انتظر أن تلتقط أذنيه تكملة الحوار.. إلا أن الصوت قد قُطِع.
قطب طارق حاجبيه تاركًا قطع الحلوى في صندوقها البلاستيكي داخل الثلاجة، ثم عاد أدراجه إلى الوراء بغية النظر لشاشة التلفاز ومعرفة سبب اختفاء الصوت.
تفاجأ حينما رأى أن الشاشة سوداء بالكامل وكأنما قد تم اطفائها. ترك ما بيده ثم مشى ناحية التلفاز ملتقطًا جهاز التحكم من على الأريكة. أعاد تشغيل الفلم ثم التفت ليُكمل ما نهض لأجله، لكنه لم يمضِ بضعة خطواتٍ حتى توقف مجددًا حينما قُطِعَ الصوت مرة أخرى.

زفر بغضبٍ والتفت يرمق التلفاز بإنزعاج وهو يتذمر: «ما مشكلتك؟ ليس الوقت المناسب لعطبك!»
أعاد تشغيل الشاشة وبقى يرمقها لعدة ثوانٍ؛ على أمل ألا تنطفئ هذه المرة، أو أن يفهم مشكلتها بظهور أي إشارة منها. 

الذي يساعده الشيطان || JK. KTحيث تعيش القصص. اكتشف الآن