الجزء الرابع

71 13 7
                                    

كانت عليا تسأل أشياء كثيرة من هذا النوع ، كان هيثم يجبرها على خفض صوتها حتى لا يسمعنا احد عن طريق اخافتها وبعض من التهديد ، بينما كنت اشعر بأن الدماء في عروقي تجمدت ، كما توقفت عن الحركة مثلما توقفت جميع الاصوات مثلما توقف الزمن ، حتى انفاس طارق توقفت وهنا شعرت بالهلع .
كانت عليا تريد الاتصال بالاسعاف لعله لم يمت وهنا وجدت نفسي اهرول نحو هاتفي لاتصل بهم حقا ولكن هيثم أخذ منى الهاتف بقوة وظل يخيفنا أكثر بقوله اننا سنسجن واننا قتلناه
- لا أحد يعلم اننا كنا معه هنا ، علينا الهرب في الحال .
لم أشعر في حياتى بخوف كما أشعر الآن،  كنت افتقد وجود والدى ليخبرني انه لا بأس و اننى لست شريرة لهذا الحد و انه سيزول ، لكن فعليا .. لا لن يزول ، الأمر خرج عن حدودى و حدود والداى و حدود الجميع ، أصبحت مجرمة ، كيف يحدث هذا ، لماذا انا ، لم أفكر بشىء سوى عقوبة فعلتى لذا يجب أن يكون طارق على قيد الحياة ، لا يجب ان يموت ، اتجهت نحوه مسرعة خائفة
- علينا مساعدته ، لا يجب ان يموت
امسك هيثم ذراعى بقوة و جذبنى بعيدا عن طارق ثم صار يدفعنا تجاه الباب قائلا بصوت لم أشعر يوما انه مطمئن ، كل ما شعرت
به انه زاد من خوفي
- بعدما قتلتيه تساعديه؟ كيف سنساعده الآن لقد مات ، فلنساعد أنفسنا ونهرب .
هل مات حقا ؟! هل سينتهى بي الامر قاتلة ؟ هل سأعدم الان ، كلا انا لم اكن اقصد فعل هذا ، وقفت مكانى لم تساعدنى قدماى على الحراك ، كنت اشعر بدوار ، اشعر انه حلم ، لا بل كابوس ، اين صوت اللصة ليوقظنى ، اين والداى ، اتمنى لو كان هذا كابوسا مزعجا و سأستيقظ منه في اى لحظة لاجد نفسي على فراشي في منزلى بين اهلى ، حتى و ان لم يكترثوا لى ، ليتنى فعلت كما ارادت اللصة و بقيت بالمنزل ، ليتنى اخبرت والداى ، ليتنى لم استيقظ في ساعة كهذه.
شعرت برغبة عارمة فى البكاء و الإلقاء بجسدى على والدتى لتضمنى و ينتهى   الامر ، كنت لا ارى من خلف دموعى تلك سوى هيثم الذي اتجه ناحية طارق واخرج السكين من جسده وغسله بالماء ليزيل عنه الدماء وأخذه معه ، بعدما تفقدنا المكان  ولم نجد اى شىء  يثبت تواجدنا هناك او وجدنا فانا لا اعلم سوى اننى قتلته خرجنا مسرعين كان الطريق مظلم وكنت اركض ولا ارى الى اين اتجه ..
                                                 *****        
  حل الصباح لتسلط الشمس اشعتها الذهبية علي بيت تعمه البهجة والسرور وتوقفت سيارة سوداء اللون ذات مظهر معاصر جميل يخطف الأنظار أمام منزل كبير كلاسكى الشكل ذو بوابة كبيرة وشرفات كثيرة واسعة  ف خرج منها شاب في العقد الثالث من عمره يرتدى بدله سوداء ذو شعر اشيب وبشره سمراء نوعا ما له عينان بنيتا اللون نعم انه حاتم رجل اعمال مشهور وهو زوج اختى الكبرى منال ولكن بطبيعة عمله فهو يتنقل دائما بين الدول وها قد عاد بعد أكثر من شهر غربة للعمل اشرت إليه بكلتا يداى وانا اركض نحوه فحقا انا اشتقت اليه كثيرا
- مرحبا شهد كيف حالك ؟
-بخير كما ترى الجميع ينتظرك بالداخل
بعدما جلس السيد حاتم على أحد مقاعد غرفة الجلوس خرجت  والدتى من غرفتها لترحب به هى سيدة مسنة نوعا ما كانت ترتدي رداء طويل ازرق داكن اللون وحجابها بنفس لون الرداء ، نهض السيد حاتم ليلقي التحية على والدتى لذا توجب على الاتجاه إلى غرفتى هكذا اخبرتنى والدتى عيب ان استمع لحديث الكبار
                                                          *****
بعدما وصلت إلى منزل اهل زوجتى وكان هو الملجأ الوحيد في هذه المدينة لذا كان على ان ابقي معهم بضعة أيام،  الكثير من
الايام حتى انهى عملى في مدينتهم ، كنت قد اتفقت مسبقا مع
زوجتى ان تجهز الاولاد وتتوجه مباشرة الى  بيت والدها حتى نمكث فيه إلى حين ما ، حيث كانت في منزلنا في إحدى المدن المجاورة لمنزل والدها ، أثارت دهشتي أشياء عدة عندما وصلت مثلا كان حديث والدة زوجتى فهى عادة ما تعرض على بعض المشاكل لاشاركهم في حلها وهذا لكونى فرد منهم ، لكن مشكلة هذه المرة كانت أغرب واعمق مما مضي .
- لقد اخبرتينى ان هناك شىء ما يجب علينا الحديث عنه حالما اصل..
- انا حقا قلقة حيال أمر ابنتى اسراء فهى تبتعد عنا كثيرا وأصبحت تمتلك بعض الأصدقاء الغير مريحين وتقدى معهم اغلب وقتها اخشي ان يكون قد صابها شيئا ما ونحن لا نعلم به  
- لا تقلقي كل شىء على ما يرام لقد اخبرتنى زوجتى منال عن هذا الأمر مسبقا ، ولكن حسنا سأتحدث مع اسراء حالما تعود .
" توقف حديثنا هنا حيث خرجت زوجتى بوجهها البشوش لترحب بي ولكن لقائنا لم يكن رائعا كما ظننت هذا لكونى أصبحت شاردا قليلا في شئ ما ، حتى انى لم اسمع ما قالته والدة زوجتى بعد ذلك ، شردت في أمور كثيرة جدا أولها اسراء اخت زوجتى فهى فتاة لم تتم العشرين من عمرها فماذا قد يكون يحدث معاها ليجعلها هكذا "
                                                    *****
في مكان آخر تعمه الخضرة وعلى كرسي خشبي صغير وامام منضدة بيضاء اللون تعلوها بعض الازهار كنت أجلس قلقة ، لقد مضي أسبوعان على تلك الحادثة البشعة التى حتى الآن اظن انها كابوس و سأستفيق منه ، كانت الشرطة تبحث وراء هذا الأمر و لكن كما أخبرنا هيثم ، لم نترك لنا أثرا نحن بآمان،  لم اكن لأشعر بهذا الامان ابدا فقد صرت شاردة كثيرا تصيبنى العديد من حالات الفزع أشعر بأننى سأكشف و ينتهى بي المطاف معلقة على أحد الجدران و حول عنقي حبل عريض .
كنت قد أنهيت مكالمتى توا مع والدى الذى اخبرنى بوجود زوج اختى في منزلنا ، تعلمون هذا الامر يخيفنى كثيرا ، بعد انتهاء المكالمة طلب والدى منى الحضور الى المنزل حالا ، لم ابرح مكانى برهة بل جلست منتظرة شخص ما ، قد يكون هاما نوعا ما ، او غير هاما ولكنى احتاجه الآن ، احتاجه وبشدة .. وها قد اتت صديقتى عليا أو لم تعد صديقتى تماما ولكن هذا ما يبدو للجميع ، واتت متأخرة كعادتها .
- لماذا وجهك عابس
- هل نسيتى موعدنا ؟
- لا تبالغي عزيزتى لم اكمل ساعة واحدة تأخير بالإضافة إلى كونى منشغلة كثيرا ولم أكن لاتى لولا الحاحك الدائم.
- هناك أمر ما .. زوج اختى الكبرى اتى ليمكث معنا كما أخبرتك من قبل
- لا يهم حديثينى حينما يرحل لا تتصلى بي اثناء وجوده
- لن يرحل قريبا
- اذا لا تحدثينى ، لم اتى لسماع مشاكلك العائلية وقتى ينفذ .
- حسنا .. اين ما طلبته منك ؟!
- أحضرت معك النقود؟؟
- ليس تماما معى نصف المبلغ .
- اذا لماذا طلبتى رؤيتى ، ادخرى نقودك من ثم عاودى الاتصال بي .
لا اعلم ماذا دهاهم جميعا ، لماذا يهتمون بالنقود الى هذه الدرجة ، و لكن انا كل ما اهتم به هو ما تجلبه لى النقود ، لذا فلم اجد خيارا اخرا لفتاة تعشق الموضة و جذب الانظار اليها ...
- انتظرى .. يمكنك أخذ ساعتى تلك بالإضافة إلى النقود ، لا تقلقي انها ثمينة .
- أتعلمين.. قد تليق بي أكثر منك كما اننى سأعطيك هذا الآن أتعلمين لماذا ؟
خفضت عليا صوتها كثيرا حتى صارت تهمس لى و اقتربت منى قليلا
- حتى لا الحق بطارق .. حسنا خذى اغراضك
منذ حدوث هذا الحادث عليا و هيثم اصبحا يعاملانى كمجرمة او ما شابه ، دائما ما يذكرون هذا الامر و يخبروننى انهم يخافون  منى ، تركت عليا حقيبة ورقية صغيرة الحجم على المنضدة واخذت المال بالاضافة الى ساعة اليد خاصتى التى كانت قد ارتدتها وتركت المنضدة والمكان بأكمله وخرجت ، انا لا أثق بها حقا ، لذا فتحت الحقيبة الصغيرة لاتأكد من وجود قنينة الدواء المطلوبة و بداخلها الاقراص كاملة .
حالما تأكدت وضعت القنينة في حقيبتى  وتركت الحقيبة الورقية ونهضت للرحيل حيث كان يتوجب على الاتجاه الى المنزل مباشرة بعد مقابلتنا تلك ،  اتعلمون!؟ إذا طلب منى وصف عليا تلك فسأخبركم انها أكثر الفتيات شرا واقلهم حبا لى ، اكثرهم استغلالا لى ، دائما ما تعاملنى بشكل جاف ، او تعيرنى بمعنى آخر هذا خلاف ما كانت عليه منذ زمن طويل حينما كنا أصدقاء ، انا لا اطيقها اطلاقا ولكن لا اريد ان تتركنى .
                                      *****
دعونى أخبركم أن وصول شقيقتى اسراء إلى المنزل في هذا اليوم أنشأ حلقة من التساؤلات اللامنتهية في عقولنا ، كانت تطرق الباب بشكل هادئ جدا وحالما فتحت لها سألتنى بصوت خافت عن حاتم زوج اختى الكبرى فأخبرتها انه متواجد مع الجميع في غرفة الجلوس وهنا اعتقد ان ما سمعتوه هذا كان صوت ابتلاع ريقها وتركتنى دون أن تعقب بل دفعتنى بعيدا واتجهت إلى الغرفة .
لقد شعرت باختلاف ملامح وجهها عن المعتاد كانت شيئا قريبا من الخوف أو ما شابه ، لقد كانت ترتعش ، ألقت التحية سريعا على السيد حاتم حتى أننى شعرت أنه كان يود إخبارها بشىء ولكنها خرجت مسرعة ، كانت تفتح الحقيبة لتخرج مفاتيح غرفتها حينما كان يركض عادل متجها إلى والده حاتم فاصطدم بها ففزعت حينما سقطت من حقيبتها قنينة لونها داكن لم استطع تحديد ما تحتوى عليه ولكن على ما يبدو أنه دواء وهنا اختطفتها إسراء بسرعة مريبة من الأرض حتى أن الجميع التزموا الصمت والتأمل فيما حدث ، خبأت شقيقتى القنينة في حقيبتها مرة أخرى وابتسمت للجميع وأدارت وجهها للذهاب إلى غرفتها حيث أوقفتها منال وكان يعلو وجهها الدهشة .
- إسراء .. ما هذا الدواء

من خلف القضبان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن