كنا بعد ذلك في المشفي حيث ظننت حقا اننى تخلصت منها ، كان الجميع قلق عليها بالأخص والدتها التى جاءت منذ دقائق كانت تبكى فأخبرهم الطبيب انها بخير فقط عدة كسور في عظامها و ستعالج ، كم ازعجنى الخبر كثير و لكن ما اسعدنى هو انها سترحل مع والدتها و التى القت باللوم على والدى لعدم اهتمامه بها .
بعد طرح العديد من الاسئلة على ياسمين و القليل لى أيضا عن سبب تلك الحادثة ظن الجميع انه حادث عفوى و بقت الدخيلة في المشفي لوقت طويل ترعاها والدتها بينما عدنا نحن لمنزلنا ، لم أشعر اننى مذنبة يوما حتى اننى حينما بكيت لوالدى كان مشجعا لى
- لا بأس يا صغيرتي، انت لست سيئة لهذا الحد ، فقط لا تخرجى الى الشرفة مجددا حتى لا يحدث معك مثلما حدث مع تلك المسكينة ..
بل والدى هو المسكين يظننى حزنت من أجلها ، الآن تخلصت منها و أتى دور اللصة .
مرت السنين و انا أشاهد تلك الشهد تسرق قلوب الجميع حتى صرت غير مرئية في منزلنا كما كانت مواقفي العديدة معها لا تدل على خير ابدا مما جعل والدتى تبعدنى عنها كثيرا ، و مع مرور الوقت اعتقد الجميع اننى أخرجت اللصة من بالى و لكن لن تغادره قبل أن تغادر منزلنا اولا .
كانت شهد تترعرع امام عيني و تحت رعاية والداى الذان بالكاد يتذكران ان لهم ابنتان سواها ، مرت أربعة سنوات على ولادة تلك اللصة و من الطبيعي أن عمرى أصبح ستة عشر عاما لذا تخلى والداى عن اعتقادهم باننى اكرهها الا اننى لم اتخلى عن كرهها ابدا .
كان يوم لطيف في بدايته فقط ، لقد كان حفل زفاف شقيقتى منال، و لن أخذ الكثير من وقتكم في وصف الحفل الذي استمر طويلا و نال اعجاب جميع الحاضرين، و عندما اقول الجميع أعنى الجميع بالفعل ، سوايا انا ، كنت اتمنى انتهاء هذا الحفل بأسرع ما يمكن .
- اسراء هيا أحضرى شهد و الحقي بنا سريعا سنسبقك إلى قاعة الحفل
هكذا قال والدى ، ايظن حقا اننى سأحضرها ، تبا لهم جميعا يقحموننى في أمور لا شأن لى بها ، خرجت لأرى اين شهد اللصة تلك فوجدتها تقف على مقربة من المنزل أمام محل الحلويات ، أظنها كانت تبتاع الحلوى ، اقتربت منها في غضب ، دائما ما كانت معاملاتنا جافة ، امرتها بشىء من التحكم ان تتبعنى فأجابتنى بالنفي ، هذا حقا اخر ما كنت قد اتمناه في هذه الساعة
- شهد ! أخبرتك ان تأتى هيا لنرحل الآن لا تزعجينى
حركت تلك المزعجة رأسها اعتراضا و أخرجت حروفها المبعثرة التى لا يفهمها أحد و لكن ما فهمته منها
- لا اريدك لن اذهب معك
لا أعلم من أين اتتنى تلك الفكرة السريعة التى جعلتنى ارمقها بنظرات الغضب و القي كلماتى عليها كالأسهم
- حسنا و انا ايضا لا اريدك ، ارحلى الآن و إلى الأبد
تركتها تأكل الحلوى ببلادة و برود و كأنها لم تفهم ما قلت أو لم يعنى لها شيئا ، في النهاية أظنها تحمل تجاهى ذات الشعور الذي احمله تجاهها . وصلت أخيرا إلى الحفل بدونها كان الجميع سعداء و يرقصون فرحا بينما كنت اجلس انا لا أعلم ما الذي فعلته ، لم أكن لأعاتب نفسي على هذا بل كنت افكر بسعادة في أشياء كثيرة سأفعلها بعدما أتخلص من تلك الكارثة نهائيا و لكن قطع تفكيرى والدى الذي كان يمر بجوارى ثم توقف فجأة و اتجه إلى
- اين شهد ..؟
يا إلهى الم تنتهى تلك الفتاة بعد ، لماذا تذكرون اسمها الآن، أجبت بنبرات غير مكترثة
- لا أعلم نهضت للتو لتلعب حسب ما اخبرتنى
ابتسم والدى و ابتعد عنى بينما كنت ابتسم من أعماقي لا بل كنت اضحك بصوت اعلى من ان تسمعونه
مر الأمر بسهولة بالغة حتى انتهى الحفل و بدأت استعدادات عودتنا للمنزل ..
- اين شهد ؟
هكذا قالت والدتى نظر إلى والدى ثم عاود السؤال
- لا أعلم كانت تلهو مع بعض الأطفال
بدأت رحلة البحث عن تلك الفتاة التى استمرت نحو ساعة من الزمن ، كان والدى يجرى عدة اتصالات و سرعان ما نهض مسرعا هاتفا
- حمدا لله، سأتى حالا لأخذها
من ثم أغلق الهاتف و اخبر والدتى انه وجدها ، مسحت والدتى تلك العبرة التى تسللت على وجهها بابتسامة حمد ثم هتفت مرددة
- حمدا لله
تنهدت شعورا منى بالفشل ، كيف لهم ان يجدونها الن تنتهى ابدا تلك اللصة ؟!
كنا في منزلنا بعدما احضر والدى شهد من منزل احد أصدقائه
الذي أخبرنا بأنه وجدها تجلس عند الطريق باكية فظن انها لا تستطيع العبور و عندما اقترب لمساعدتها علم منها انها تبحث عنا ، اقصد عنهم فهى بالتأكيد لا تريدنى ، كان هذا العم الذي لا أتذكر اسمه عائدا للتو من حفل الزفاف متجها إلى منزله مع أسرته الصغيرة لذا فأخذ تلك اللصة إلى منزله و قام بمهاتفة والدى .
لا أعلم لماذا عادت إلى منزلنا و لكن كل ما أعلمه حقا اننى سأبعدها مجددا ، حاول والداى دون جدوى معرفة كيف وصلت تلك اللصة إلى الطريق هذا و لكن صعب الأمر عليهما لكونها متلعثمة و غير مفيدة في شىء سوى البكاء و الإشارة بسبابتها إلى، منذ صغرها و هى تعانى من مشاكل في الحديث لذا لا يفهمها أحد و إذ تحدثت اخبرتنا بجنيتها السحرية و أشياء من هذا القبيل لهذا لا يهتمون هم لحديثها و يرونها ذات خيال واسع بينما أراها انا لصة و كاذبة لا أهتم لأى شىء سوى إخراجها من حياتنا نهائيا و العودة لعائلتى من جديد .
بعد وقت طويل اظن اننى تأقلمت مع هذا الوضع لم أعد اكترث له مثلما سبق ، كانت صديقة طفولتى عليا تنصحني دوما بألا افعل هذا مجددا حتى اننى أخذت بنصيحتها كانت دوما تخبرنى ان استغل هذا الوضع اترك لها والداى بينما أخذ أموال قد تغنينى عنهم جميعا ، حتى أننى عادة ما اقضي يومى بأكمله عند صديقتى عليا حتى يأتى والدى في المساء و يأخذنى لأعود للمنزل و أظن انه كان ينسانى بعض الايام و عندما اهاتفه يخبرنى انه مشغول جدا و لن يأتى فأظل معها حتى اليوم التالى.
الأمر ليس كما تعتقدون ، هذا الوضع لم يستمر طويلا فسرعان ما التحقنا بالجامعة و تعرفنا علي أصدقاء جدد من بينهم كان فتى يدعى هيثم كانت عليا تخبرنى انها معجبة به دوما ، لذلك عندما صار صديق لنا ابتعدت عنى كثيرا تاركة لصداقتنا الطويلة و مخلصة له و لصداقته ، منذ صغرى و اعتدت ان ابعد كل العقبات عن طريقي بأى طريقة ، بداية من الدخيلة حتى اللصة التى لم أستطع أبعادها، حاولت مرارا أبعاد هذا الفتى الذي سرق صديقتى و لكن لم أستطع لذا قررت مصادقته لعل شعورى تجاهه يختلف .
حدث في شخصيتى عدة تغيرات لاحظها الجميع ، باستثناء والداى الذان بالكاد يلاحظان وجودى ، حيث لجأت الى التدخين اغلب الوقت كان هيثم يدخن بشراهة دوما حتى أصبحت عليا تقلده و ينعتوننى بالجبانة وذات الطابع القديم و أشياء هكذا لأننى لم أقبل على هذا الشىء شعرت باختلاف بيننا لذا لحقت بهما سريعا و أصبحت السجائر هى رفيقة دربي الدائمة ، تسبقها المخدرات التى أدمنت عليها بعد ذلك ، ستندهشون ان والداى أيضا لم يلحظا هذا .
كنت اطلب من والدى الأموال باستمرار فكان يعطينى اياها عدا ان والدتى كانت تشكل عقبة أمامى هى و اللصة ابنتها .
- ماذا تفعلين بكل تلك النقود ، لا تصغي إليها يا جمال فقد أصبحت مسرفة جدا
هكذا قالت حينما كنت اطلب النقود من والدى و لكنى بكيت له قليلا فأعطاني ما اريد ، في النهاية والدى يفعل كل ما أريده انا، دائما ما أخبرهم اننى لا أشعر بحبهم لى و انهم يفضلون شهد عنى لذا يفعلون لى ما اريد .
ذات صباح كنت بالجامعة مع صديقتى عليا و مر امامنا شاب جذب انظارى ، بل سرقها اليه و لم تعد ، كنت اراه من حين الى اخر خارج الجامعة لكن الان ليس كأى وقت ، أشعر اننى انجذبت اليه كثيرا ، لقد كان يقف مع رجل لا اعرفه و لم يسبق لى رؤيته ، استمرا في الحديث طويلا حتى ان عليا كانت تلح على بالرحيل و كنت ارفض .
- هل احضر لكِ رقم هاتفه ..!
إن كان هذا سؤال فأظن اجابته هى نعم و لكنه كان صراخا أو تعليقا ساذجا من فتاة متمردة ، اظن ان هذا الشاب لاحظ ما قالته ، فقد نظر الينا بدهشة من ثم اكمل حديثه .
- اخفضي صوتك
- اسراء انا سأذهب ، انتظرى انت بمفردك هذا الغبي
لم اجد جوابا سوى ان الحق بها و اسير معها و عقلى و قلبي و عيناى معه ، هذه ليست المرة الاولى التى يحدث فيها هذا الامر ، فأنا دوما اراه و دوما تخبرنى عليا انها سترحل دونى لذا فأرحل معها و لكن عقلى يبقي معه .
أنت تقرأ
من خلف القضبان
Genel Kurguأن تكون طبيعة عملك تجبرك ان تخلف وعد وعدت به شخص ما ، ليس بصعوبة ان تجبر على ان تخدع أحد ما ، ليس بصعوبة ان تكون زوجا لساحرة ، لديها تعويذاتها الخاصة ، التى كان ثمنها حياتها و بداية حياتك ...