البارت الرابع(الألم والقسوة والمعاناة خيرُ وسيلة للانضباط)

255 19 57
                                    

بعد أن غادر الزملاء الثلاثة مع قائدهم إلى التدريب أغلقت بيترا الباب وراحت تشرع بتنفيذ عقوبتها والتي هي تنظيف غرفة القائد بالكامل.
احضرت المكنسة من المطبخ حتى تَكنُس الارض ووجدت أنّ المطبخ نظيفٌ تماماً واحضرت ادوات المسح والمنظفات من الحمام ووجدته نظيفاً هو الآخر.
بيترا تكلم نفسها (طبعاً اذا كنا لحالنا اكيد حنكلم نفسنا مو الجدران) 😁
حسناً من الجيد أنه قام بتنظيف المطبخ والحمام وإلا كان سيكون تنظيفهم من نصيبي أيضاً، ولكن متى قام بتنظيفهم،لايهم يجب أن أبدأ التنظيف فوراً فهو لم يخبرني متى سيعود وقد يعود فجأة.
كنست ارض الغرفة ومسحت طاولة الطعام والكراسي حول الطاولة وكذلك طاولة المكتب وكرسييْن حولها وكانت طاولة المكتب تحتوي على أوراق واقلام وكلها مرتبة لذا قامت بمسحها فقط ونظرت الى ثياب الرقيب وجدتها نظيفة ومعلقة باهتمام وترتيب، بيترا: يبدو ان هذا الرقيب مهووس بالتنظيف والترتيب إلى حد كبير، قامت كذلك بمسح النافذة الوحيدة في الغرفة وكانت هذه النافذة مطلة على البلكون(البرندا يعني) 🙃
بيترا بذهول وإعجاب : إنه يمتلك أيضاً بلكون، لاشك أنه لنشر الغسيل ههه.
بيترا وهي تضع اصبعها الناعم على خدها الوردي متسائلة : ولكن مالذي كان يقصده بأنه يريد رؤية المكان نظيف بالكامل، لعلّه يقصد انَّ عليَّ تنظيف السقف أيضاً.
تباً هكذا ستتسخ الأرض مجدداً (تنفخ خديها بغضب وتذمر).
ليس أمامها خيار، بدأت فعلاً بتنظيف السقف وعادت لتنظيف الأرض من جديد وانتهت من عقوبة التنظيف أخيراً راجية ان تنال إعجاب القائد المتشدد.
لقد استغرق منها التنظيف ثلاثة ساعات ومع هذا لايزال الوقت ظهراً وهم لم يعودو.
شعرت بالتعب فجلست على الكرسي وأسندت بجسدها العلوي على الطاولة تضع يديها تحت رأسها حتى غطت في النوم فعلاً.
استيقظت أخيراً من قيلولة طويلة دامت ثلاث ساعات متتالية، كان الوقت قد أصبح العصر، شعرت بجفاف في فمها فنهضت حتى تشرب الماء وماأن أرادت السير حتى شعرت بالدوار اللذي أفقدها توازنها أرادت ان تقع ولكنها استندت على الكرسي تخاطب نفسها: مالذي يحدث معي، لاشك أنه الجوع فأنا لم آكل شيئاً منذ الصباح.
تباً هل تجويعي هكذا جزءٌ من العقوبة؟
يالقسوته، لا لايمكنني البقاء هكذا دون طعام، لن يسير الأمر كما يريد، وهوَ أيضاً لن يكون سعيداً لو عاد ووجدني فاقده للوعي.
وبعد ان اقنعت نفسها بأن تاكل دخلت إلى المطبخ، وجدت أن به الكثير من الخضروات ولكنها تحتاج للطهي ولم تجد اي علبة طعام جاهز، كما وجدت عدة طبخ كاملة (بيترا في نفسها أيعقل انه لايقبل تناول الأطعمة الجاهزة، أيعقل أنه يصنع طعامه بنفسه إنه حقاً مهووس ههه) ولكن ماذا أستطيع أن آكل إذاً، عليّ ان آكل اي شيء في الحال فقد يعود فجأة، وهكذا لم تجد امامها سوى ان تأكل الخبز.
بيترا :حسناً الخبز جيد بعد يوم من التعب والجوع. أخذت قطعة خبز وماأن تناولت اول قضمة منها حتى سمعت باب الغرفة يُفتح معلناً عودة الرقيب أخيراً،فهرعت تمشي مسرعة حتى وقفت عند باب المطبخ.
بيترا بتوتر وفزع : س سسيدي. لم يكلمها كان هادئاً، يتفحّص المكان باهتمام.
لاتزال بيترا جائعة وتشعر بدوار خفيف فاستندت على باب المطبخ تمسكه خشية ان تسقط ارضاً.
ولايزال هو ينظر بتمعن يميناً وشمالاً ينقل عينيه الزرقاوين الاخّاذتيْن هنا وهناك وهي تنظر بعينيها العسليتيْن الجميلتيْن إلى عينيه تغرق نفسها في جمالهما، يتحرك من مكانه بهدوء ملتفتاً للوراء تارة وللأمام تارةً أخرى وهي لم تنفك تراقب كل شيءٍ به جمال عينيه شعره الناعم الحريري جسده المتناسق الجميل طلّته الأنيقة البهيّة وهو مازال هادئاً ولم ينبس ببنت شفة القى نظرةً مهتمة على سقف الغرفة ونظرة أخرى على الأرضية.
وبينما هي تراقبه بشرود وشغف (تراقب من سلبها قلبها وعقلها) حتى ايقظها صراخه الغاضب من شرودها.
ليفاي :ماهذااا. لما لم تنظفي زجاج النّافذة؟؟؟؟
لم تجبه، تتساءل في داخلها أيعقل أنه متسخ إلى هذه الدرجة، إذاً كيفَ لم انتبه له، مشت إلى حيث يقف الرقيب الغاضب اقتربت من النافذة لتفْحَص الزجاج فوجدته ليس متسخاً كل ماعليه هوَ بعض التغبيش الطفيف.
بيترا باستغراب : عفواً سيدي، إنه ليس بهذا السوء!!!
ارادت السير ولكنه اعترض طريقها وراح يقترب منها وهيَ تمشي للوراء حتى حبسها بينه وبين النافذة واضعاً يديه على الزجاج،وتكلم ببعض الغضب: انظري إلى انعكاسنا في الزجاج، امعني النظر جيداً، هل ترين انعكاسنا عليه بوضوح؟
نظرت بالفعل، ولكنها لم تعد تشعر بجسدها من شدة الاحراج، تسارعت ضربات قلبها، واكتسح الخجل وجهها الجميل بسبب فعلته فلقد كان قريباً جداً.
بيترا بتوتر وخجل شديديْن: ل للليس بوضوح كثيراً.
ليفاي بملامح بارده يتكلم بهدوء :انا احب دائماً عندما انظر للزجاج ان ارى انعكاسي واضحاً داخله، هل فهمتي؟؟
بيترا تنظر إلى وجهه وتجيبه بتلعثم: أأأجل فهمت. ظنت أنه سيبتعد أخيراً ولكنهُ بقيَ على وضعِيته يحدق بعينيها. مع انَّ الشمس قد غربت للتو والظلام انتشر في الخارج ولكن بريق عينيها المشعّ المنعكس على الزجاج يرسل انواراً لاتقل بهجة واشعاعاً عن أشعة الشمس الحقيقة كما أنَّ بياض وجهها الجميل المرتسم على الزجاج كأنه القمر يتسلّل خلاله ليملأ بنوره الابيض ظلمة المكان. لطالما عشق هوَ اللون الابيض اللذي يذكره بأمه فالوشاح اللذي كان الذكرى الوحيدة من بقايا ثوب والدته واللذي يحتوي رائحتها العطرة والكثير من ذكريات ماضيه برفقتها كان ابيض اللون، ولطالما عشق أيضاً نور الشمس اللذي حُرمَ منه طوال ثلاثين عاماً.
لقد أعادته هذه الفتاة الملائكية لأحلام الماضي، فامتلأ قلبه بمشاعر الحزن والعاطفة،ولكنها سرعان مانزعت كل شيء بعد قولها.
بيترا : أأأرجوك سيدي ابتعد قليلاً انت قريبٌ جداً.
(فتح عينيه على اوسعها بصدمة محدثاً نفسه : هل تظنني هذه الفتاة متحرشاً؟ كيف تسمح لنفسها تلك الوقحة بالتفكير هكذا؟ بل كيف تجرؤ بالتكلم معي بهذه الطريقة الوقحة؟ ماإنْ أراد الابتعاد عنها حتى وجدها تسقط مغشياً عليها فأمسكها بسرعة قبل ان تسقط ارضاً. (ليفاي يكلم نفسه بذهول وقلق : هل هل اغمي عليها؟)

هي في قلبي املا" لايختفي ونورا" لاينطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن