البارت الثامن ( التضحية بالموت)

403 24 67
                                    


استيقظت الجميلة الملائكية لتستقبل يوماً جديداً بنشاطٍ رغم إصابتها.. فليس الأمر يختصر على ألم إصابتها وحدها بل هنالك الكثير من الآلام تسكنها.. وأهم هذه الآلام ألم قلبها الذي لايزال جرحه حديثاً بسبب هجرها لحبيبها ولعالم حبهما.. ذلك القرار القاسي المؤلم الذي فرضته حياة الحرب الجحيمية.. لذا ليس أمامها حلٌّ سوى القبول بقسوة هذا الواقع وتحمّله بشتّى ظروفه وآلامه.
رتبت غرفتها وغيرت ثوبها من ليلة الأمس إلى زي الفيلق ولكنها لم تلبس سروال الزي الخاص بالفيلق فهو ضيق وقد يؤلم إصابتها لذا ارتدت تنورة بنيّة اللون تصل إلى ركبتها فهكذا تستطيع مداراة جرح قدمها وتغيير الضمادات بسهولة، ومع هذا حركات قدميها لم تكن متوازنة بسبب الإصابة.. فقدمها المصابة لاتسعفها بالحركة بشكل جيد وأخذت تعرج عليها في مشيتها.
ذهبت بعد أن رتبت غرفتها لتأكل فطورها ( تشعر أنها لاترغب بتناول فطورها مع الرقيب فقد تسيطر عليها عواطفها وتستلم لمشاعر حبها فمازال هجرها له حديث العهد...ولكنها ليس لديها رغبة أيضاً بتناوله وحدها فزملاءها الثلاثة في إجازات ولم يعودو بعد.. لذا قررت أن تذهب لتناوله مع الرقيب وهي لاتعرف كيف ستكون ردة فعله).
ذهبت بالفعل إلى غرفته وطرقت الباب ثلاث مرات ولكن لاإجابة.. فدخلت ولم تجد الرقيب في غرفته ولا في اي مكان من جُناحه فعلمت أنه خرج ولكن لاتعلم إلى أين.
لاتعرف لما تشعر أن عدم إيجاده أفضل.. ولكنها مع هذا احبت تناول الفطور في غرفته كما اعتادت في الآونة الأخيرة.
ابتسمت ابتسامة حزينه.. شعرت بغصة بكاءٍ ولكنها كبحتها وأخذت تعد الفطور لنفسها واعدت ابريق شاي كامل كذلك فقد يعود الرقيب ويشرب الشاي على الأقل.
كان ليفاي قد استيقظ في الفجر وخرج لتدريب بعض الجنود الذين انضموا حديثاً للفيلق( يريد أن يلهي نفسه بأي شيء حتى لايراها.. فقد يكون البعد عنها بهذا الشكل أفضل لكليهما).
انتهت من فطورها ونظفت الصحون كما مسحت الطاولة أيضاً،رغم حركتها السيئة بصبب الإصابة ولكنها بالتأكيد لن تترك أي فوضى خلفها.
(تشعر أنها لاتريد الذهاب لغرفتها.. تخشى الضعف والبكاء لذا فضلت البقاء في غرفة الرقيب والمغادرة فور عودته فهي تشعر ببعض المواساة والراحة ببقائها في غرفته).
عاد الرقيب بعد ساعة من دخولها غرفته، فوجدها نائمة على الكرسي وتتكئ بجسدها العلوي ورأسها على الطاولة، لم يكترث لتواجدها في غرفته، واخذ ثياباً وذهب ليستحم بعد تدريبات شاقة.
فتحت عيناها الجميلتين، ونهضت ببطء ببعض الاستغراب في ملامحها(تقول في نفسها :هل كنت نائمة الآن) فسمعت صوت رش مياه فعلمت ان الرقيب قد عاد.. أرادت رؤيته ولكن هذا لن يكون جيداً، فغادرت
الغرفة من فورهاوأغلقت الباب خلفها بهدوء.
خرج ليفاي بعد بضع دقائق من الحمام ولم يجدها وعلم أنها غادرت.. شعر ببعض الحزن والفراغ ولكن مغادرتها هكذا قد تكون أفضل لكليهما.
تجلس في غرفتها بحيرةمع بعض الحزن في ملامحها (تقول في داخلها : هل أذهب لأرى ماإذا كان يريدني ان أعمل بالأوراق كالعادة ام أنتظر حتى يناديني هو.. ولكن قد لايفعل ويقوم بتوثيق الأوراق بمفرده.. لا لا ليس عليّ أن اتخاذل عن تأدية واجباتي.. سأذهب اليه الآن).
طرقت الباب ثلاث مرات ودخلت فوجدته يجلس على الطاولة ويحتسي الشاي الذي اعدته له ويعمل بالأوراق وحده بالفعل.. لاتزال واقفه عند باب غرفته ولم تتكلم،
فنظر لها بملامح هادئة وقال : بيترا.. لما لأتاخذنن إجازة ريثما تشفى إصابتك؟؟
فأجابته بملامح بجدية : لا هيتشو.. لاداعي فقدمي لاتؤلمني كثيراً.. كما أنها أفضل من البارحة.
فنظر لها بملامح حادة وأردف قائلاً : لاتكوني سخيفة.. لن تستطيعي الخروج بالمهمات ولا التدرب.. فمالذي ستبقين لأجله.
كلامه الجاد بهذه الطريقة جعلها تشعر أنها حقاً باتت بعيدة عنه، وأنها ليست معه الآن سوى لأداء واجبها في القتال والمهمات وليس لأي شيءٍ آخر.
لم تستطع التكلم فقط تنظر له بملامح مندهشة وعيون حزينه تشعر أن دموعها ستنهمر رغماً عنها.
ولكنها مسحتها قبل ان تنزل وقالت بشبح ابتسامة على وجها: ليفاي هيتشو.. أليس العمل على الأوراق جزءاً من مهماتي؟ اذاً سأبقى هنا لأجل القيام به..وواصلت كلامها قائلة : كما أنّ اصابتي هذه لن تعيقني بالتأكيد في الجلوس والكتابة.
(علم ليفاي أنه قد أخفق في إبعادها عنه، وانَّها لن تستطع تقبُّل الأمر بهذه السرعة، لذا قرر التعامل معها بهدوء وتجاهلها عندما تكون قريبة منه وحسب)
فأجابها قائلاً بهدوء : حسناً كما تريدين.. يمكنك الانضمام إليّ إذاً.
فأردفت قائلة بابتسامة لطيفة : شكراً لك هيتشو.
اخذ الاثنان يعملان بجدية دون كلام ، يصبّان جلّ تركيزهما في الأوراق امامهما، كما ينظر كلٌّ منهما للآخر  بين الفينة والأخرى دون أن ينتبه. ( فلطالما عشق كلٌّ منهما عينا الآخر).
انتهيا من العمل الذي دام لمدة ساعتين، وعلمت بيترا أن وقت تناول الغذاء قد حان، فنهضت للذهاب.
اخذ ليفاي يرتب الأوراق على طاولة المكتب بعد أن انتهو منها وترك بيترا لتذهب دون ان يكلمها أي شيء.
علمت أنه بتجاهلها وهي تعلم سبب تجاهله لها تماماً فذهبت وأغلقت الباب خلفها بهدوء.. مغادرةً الغرفة بحزن تمشي ببطء بعدم توازن وملامح وجهها كئيبه، ولكن سرعان ماعادت البهجة لوجهها بعد أن رأت زميلاها ايلدو وغونتر في أول الممر ويسيران باتجاه غرفة الرقيب، فذهبت محاوِلةً زيادة سرعة خطواتها قليلاً بفرحة عارمة وابتسامة عريضة على وجهها فقد اشتاقتهما بعد هذا الغياب.
لاحظ كليهما مشيتها غير المتوازنة وقدمها المضمدة.. فكلمها ايلدو قائلاً مع بعض القلق على حالها : مرحباً بيترا.. مابال ضمادة قدمك أهي صابة؟؟!
فأجابته قائلة بابتسامة لم تفارق وجهها.. بعد أن التقطت انفاسها : أهلاً بكما...أجل اصبت في آخر معركةخضتها ولكن اطمئنّا فإصابتي ليست خطرة.
فكلمها غونتر قائلاً : ولكن عليك ألا تركضي هكذا..فقد يتأخر شفاؤها.
فضحكت بخجل وقالت : أجل معك حق غونتر.. ثم واصلت كلامها قائلة : سأذهب الآن وأنتظركما على طاولة طعمامنا، وأنتما لاتتأخرا عليّ وإلا فوتُّما وجبتكما ههه.
فأجاباها بصوت واحد : أجل انتي محقة... لن نتأخر.

هي في قلبي املا" لايختفي ونورا" لاينطفيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن