أوّلاً، وَسِيم، مَغرُوْر.
التَقيْتُكَ أوَّلَ مرّةٍ فِي مَقْهَى 'لافا'، المَقْهى المُفَضّلُ لَدَيَّ، يا مُفضَّلِي، كنْتَ تشرَبُ القهْوة السَّودَاءَ كَسَوادِ سُترَتِكَ الَّتِي وضعْتَهَا عَلى ظَهْرِ كُرسيِّكَ البُنِّيِّ المصنُوعِ مِنَ الخَشَبِ، بينمَا طلبْتُ أنَا قهوة بالبُندُقِ المحلّاة بالسُّكَّرِ، جلسْتُ على طاولَتِي التّي أَجلِسُ عليهَا عادةً منذ خمْسِ سنِين، والَّتي صادفَت أنَّها قُبَالَة خاصَّتكَ، إنَّها المرَّة الأوْلَى الّتي تأْتي بِها إلَى هُنَا، فوجهُكَ غيرُ مألوفٍ لِي، وأنا مُتأكّدة لو أنّني رأيتُهُ قبلَاً لتذكّرْتُهُ ولو بَعدَ قرْنٍ.
كُنْتَ مُحبّباً للعَينِ، وَسيماً جدّاً، بشكْلٍ أخّاذٍ، لا تَستطِيعُ الحُروف أو حِبْرُ قلَمِي وصف جَمالِكَ، كأنَّكَ قِطعَة منَ النَّعيمِ، أو غَيمَةً بَيضاءَ وحيدَة في سماءٍ زرقاء صَافِية.
لاحظْتَ تحدِيقي بكَ، فاشتعلَتْ خدودِي احْمراراً من الخَجل، نظرْتُ إلَى كأسِ النِّسكافِيه فِي يديّ، و لِخجلِي المُفرِط، لمْ أُزِحْ عَينَيَّ عنْهُ لِعدَّةِ دقائِق، حتَّى سمعتُكَ تسعُلُ.
راودَنِي الفٌضولُ لأعرِفَ إنْ كنْتَ تسعلُ لأنَّك مَريض، أو لعلَّكَ تدخِّنُ بِكَثرةٍ، رُغمَ أنَّني لمْ أرَ بيدِكَ أوْ عَلَى طاولَتِكَ أيَّ أثَرٍ يدلُّ على ذٰلك.
تنهّدْتُ بأسفٍ حينَها، أنتَ مجرَّدُ رَجُلٍ وسيمٍ آخرَ التَقيه مرّةً واحدة ثُمَّ يختَفِي.
نظرْتُ لكَ مرَّةً أخيرَة، بعدمَا تأكّدْتُ أنَّكَ مَشغولٌ بِقراءةِ الكتابِ الَّذي تَحضنُه يديكَ الكَبيرَتَينِ، شعرُكَ الأسودُ الطَّويلُ الَّذي يَصِلُ لأسفلِ رَقبتِكَ يَجعلُكَ تبدُو كآلهةٍ إِغْريقيَّةٍ، حاولْتُ مَعرِفةِ لَونِ عينَيْكَ لكنَّنِي لَمْ أكُن بذٰلك القُربِ للأَسَف.
راهنْتُ مَعَ نَفْسِي أنَّ اسمكَ سيكونُ غجريباً فَريداً، وصوتُكَ عميقاً جدَّاً، قدْ تكُونُ عينَيْكَ حالِكَتَانِ أيضَاً، زفرْتُ بمللٍ، ثُمّ أزحْتُ نظَرِي إلَى الواجِهَة الزَّجاجيَّة الَّتي تطلُّ عَلَى الشَّارِعِ، الجو كان كئيباً يدْفَعُ لِلحُزنِ، فالسَّماءُ مُبلّدَةٌ بالغيومِ الرَّمَاديَّة، قدْ تُمطِرُ مساءً.
مَا الَّذي تَقرَؤُهُ؟ خَطَرَ لِي فَجْأةً، شَعرْتُ أنَّ نوعَكَ المُفضَّل من الكُتُبِ هوَ الرُّومَانسيَّة الكلَاسِيكيَّة، أو الشِّعر. حضنْتُ كأسَ النِّسكَافِيه بينَ يديَّ بِقوَّة لعَلَّهُ يُعطِينِي بَعْضاً مِنْ دِفْئِهِ، الجوُّ صارَ بارداً، والرِّياحُ أصبحَتْ تَعصِفُ بِجُنونٍ.
حِينَها، وقفْتَ أنتَ، ارتَديْتَ سُترَتَكَ السَّودَاء، كَمْ يليقُ بكَ الأسودُ!
كنتَ تَمْشي باتِّجَاهِي! لا يُمكنُنِي نِسيانُ الارتِبَاكِ الَّذي حَلَّ بِي، أصْبَحْتَ قَريباً جدَّاً منِّي، تنظُرُ إليَّ، إلى عينيَّ مُباشرَةً، رُغمَ ارْتباكِي، نظرْتُ بثقةٍ للأمَام، دُونَ أنْ أُعطيكَ اعتباراً، أحسَسْتُ بخطورَةِ قُربِكَ، شعرْتُ بكَ تمشِي بِجانبِي حينَ تطفَّلَتْ رائحةُ عطرِكَ و غزَتْ المكَانَ، همسْتَ بابتسامةٍ مُخادِعةٍ، وعيْنَيْكَ الخَضْرَاوتيْن تَخترقانِ رُوحِيَ."أرجُو أن يَكونَ المَنظرُ قدْ نالَ إعجابَكِ"
أتَانِي صوتُكَ قاسِياً رُجُوليّاً مَلِيئاً بالنَّرجِسيَّة، قُلْتَ هٰذا ثُمَّ استَدَرْتَ للجِهَةِ اليُسرَى، ثُمَّ خَرجْتَ، اختَفَيْتَ، ليْتَك لَمْ تظهَر، ليتَك لمْ تتَحَدَّث.
مَا رَأتْ عينيَّ أحدًا بثِقتِكَ، ما حَدَثَ أنْ تمَّ إحْرَاجِي بهذِه الطَّريقَة.
يَا سَيِّدِي، أنْتَ وسيمٌ وقِحٌ، وسَتندَمُ على ذٰلك.
-
-لا تنسى التصويت.
-تحديث اسبوعي.
-تابعوني على الانستغرام @ nashi_lt (الرابط في حسابي) مشان ما تفوتكم فعاليات الرواية.
أنت تقرأ
نور الإله
Fanfictionمئات من السِّنين داخل سجن الوحدة، بعضها خلف قضبان حقيقية، يتذوّق الألم من ملاعق الشياطين، وبعضها حرٌّ طليقٌ بدون منزلٍ يبثُّ في روحه الأمان، لكن إن قرَّر يوماً الهرب، هل سينجو بحياته؟ أم أنّ أصابع الظّلمات ستبقى تدغدغه لتخرج أسوأ مافيهِ، هل سيجد نور...