تاسعاً (II)

69 21 5
                                    


تاسعاً، لا تشبهني.

جُملَتُك كانَت بمثابةِ ردٍّ على الأَفكار القبيحة التي كانَت تجُول بخاطِري عن نفسي، لٰكنَّها كانَت أيضاً سبباً بتسريعِ نبضاتِ قَلبي.
وضعتُ ابتسامة خفيفة، لكن شكُورة، ثُمّ قُلتُ: "شكراً"

"لديَّ سُؤالٌ لكِ" صرَّحْتَ، لأُعطيكَ كُلّ انتباهِي، و أومئ مستمِعةً.

"مُنذ عدّةِ سنوات، لا أَذكر بالضبط متى" بدأْتَ الحديث، لٰكنّني لاحظْتُ حذرَك الشديد في انتقاء الكلمات و تيقّظك، بدوتَ و كأنّك تنتظرُ ردّةَ فعلٍ سلبيّة أو سيّئة على كلامِكَ. 

"حدَثَت بعض المشاكِلِ في مدينَة نيويورك، حينها تدمَّرَ نِصفُ المدينة تقريباً"

"تقصد أَحداث اثنَي عَشَر و أَلفين؟ -2012- حينَ هاجمَ بعض الفضائيّين الأرض؟" سألْتُ، لتومئ وتجيبَ: "أجل، صحيح، ألَا تعرفينَ أيّ شيء عن الأَمر؟" سألْتَ باستغراب غير مبرَّر.

"ليس الكثير، الأمرُ حدث مُنذ أربع سنينَ، كما أنَّني نادراً حتّى أُشاهد الأخبار، مع ذٰلك، أتذكّر البعض مِن الأمور، رغم نسياني التّفاصيل، لكنّها كانَت مجزرة راحَ ضحيّتها الآلاف" شرحْتُ.

"ألا تعلمين من سببها؟" سألْتَ.

"مجموعة فضائيين، يقودُهم شخص مازالَ هارباً" قهقهْتُ في نهاية جملتي.
كان وجهكَ خالياً من المشاعر بشكلٍ غريب.

"ماذا هُناك؟ " سألْتُك، لتجيب بـ لاشيء.
"لِماذا تسألُ عن الأمر؟"

"فضول لا أكْثر" أجبْتَ.

"وماذا حدثَ للمُنتقمين؟" سألْتَ مجدّداً.

"لا أعرف عنهم شيئًا، ولا حتّى أسماءهم أو أشكالهم، لكنّ واحد منهم لونه أخضر، و واحِدٌ يرتَدي بذلة حديديّة، مازالوا يعدّون أنفسهم الأبطال المُنقذين"

"تكرهينَهم؟ "

"لَيس حقّاً، لكنّني لا أستلطفُ الأمريكيين، ولا أثق بهم، كما أنني واثقة أنه أيّاً كان السفّاح الذي فعل فعلته حِينها، فهو لم يهرب، بل حيٌّ يُرزَق في أحد مختبرَاتهِم." اكتفيتَ بالإيماء كردٍّ عليّ.

أتى النّادل و وضع الدّجاج في المُنتصف، ثم أمام كُلّ منّا صحن لازانيا، بَعدها رحل.

"هٰذا أفضل جزء مِن اليوم" قلْتُ مازحة لتتّسع ابتسامتك، لٰكن ناظريكَ لا يغادران الطبق أمامَك.

"تبدو كأنَّك تَحيكُ خُطَّة حرب" صرَّحتُ لتقولَ بجدِّية "لا تبدو لذيذة"

"أنتَ لَم تجرِّبها بعد!" استنكرْتُ، لتأخذَ سكيناً و شوكةً و تقطعَ قليلاً مِن القطعة المُربَّعة، ثمّ تضعها في فمكَ تحت ناظريَّ.

نور الإلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن