عاشِراً.

91 20 18
                                    


عاشراً، فارغ.

"الكبرِياء هُو الخطيئة الأعظَم، وبِها تولَّدَت بقية الخطايَا، الحِقد، الشّهوة، الكذِب.الأمور السّيئة وُجِدَت عندما قَال الإنسان 'سآكل الثّمرة و أصبِح مثل اللّه أو أفضل، لأصير أنا العارف و القادر' .
أردْنا أن نكون نحن مَصدر المعرفة بدَلَ اللّه، فاشتهينا ما هو ممنوع ثمّ عصينا، بعدها كذبنا، و أخيراً ابتعدنا عنِ الخالق"

تكلّمَ الكاهن، لا أدري ما نوع هذه المصادفة، البارحة تذمّرْتُ من كبرياء لوكي، واليوم أسمع مُحاضرة عن الكبرياء في الكنيسة.

"هذه ليست قصّة الخلق، لا، هكذا نحنُ نعيش، هذهِ قصّة حياتنا، نحن نظنّ أننّا أفضل من الله..."

استطرد الكاهن، لكن دُخول أختي المتأخّرة أفقدنِي تركيزي.

"تأخّرْتُ كثيراً؟" سألَتني.

"هل من العادِيّ أن تتأخّري قليلًا؟" استنكرْت، لتزفر.

حلَّت السّاعة الحاديةَ عشرةَ لِتنتهي الصّلاة، الجوّ يجعلُك تظنّ أنها الحادية عشرة مساءً وليسَ صباحًا.

"ليسَ من عادتِك أن تأتي بالسّيارة" تحدّثَتْ سارة، أُختي، لأدير عينيّ مُنزعجة.

الجميع يعلم كم أكره القيادة، ولولا سوء الجو و بُعْد الكنيسة، لما فكّرْتُ بالمجيء بالسيّارة.
الكثيرُ من الانتباه و التركيز، و الارتباك، لتبقى السيارة تمشي باتّجاه مستقيم، لئلَّا أصدم أحداً، أو أخرجَ من الطّريق، أو أقطع الإشارة الحَمراء.

أخيرًا وصلْنا لمنزل عائلتي.
الجميع كان موجوداً كالعادَة، فالأحد هو يوم العائلة.
توجّهْتُ مع أختِي سارة، وهي الأصغر في العائلة، لمساعدة أمّي وكارلا -أختي الثّانية- في الطّبخ.

تحلّقتِ العائلة حول طاولة الغداء، على رأسها أبي من جهة، وفي الجهة المقابلة أمي. بدأتْ الأحاديث تدفّق بين أفراد العائلة، و طبعاً لا علاقة لي بها؛ السّياسة و الاقتصاد، إيران، رئيس الوزراء، أمور لا أهتمّ لأمرها. حمحمَتْ سارة لتلفتَ نظر الجميع، ثمّ تصدمهُم بإعلانها.

"أنا الآن في فترة انتقاليّة مهمة جدّاً في حياتي؛ قراراتي الآن مصيريّة على الأقل بالنسبة إليّ، الفترة السّابقة جعلَتْ رؤيتي واضِحة فيما يخصُّ تخصّصي الجامعيّ" كان الجميع يستمع بترقّب واهتمام.

"قرّرتُ، سأدخل مجال الصّحافة"

"هذا رائع، اختيار موفّق جدّاً" علّقْتُ فوراً، سارة في أنهَت الثانوية، وهي الآن في سنة الاستراحة قبل دخولِها الجامعة

الجميع أثنى و رحّب بالفكرة، لن أكذب عليك، لا أحد توقّع أنّ سارة ستدخل الجامعة أصلاً، ليس لشيء، لكنّها لا تميل للدراسة، ولا الالتزام، ولا الخروج من المنزل أصلاً، دوماً مُعتزلة عن الناس، ترتدي الثياب الغامقة، غرفتها ألوانها غامقة، مكتئبة ولا تريد فعل شيء، كأيّ مراهق في عمرها، حتّى أنّ أول شيء فعلته بعدَ بلوغها الثامنة عشر هو الاستقلال في منزل لوحدها، لذا ما قالته كان فعلاً نبأ سارّاً لنا.

نور الإلهحيث تعيش القصص. اكتشف الآن