ثانياً، مُتعَب.
ثانِي يومٍ رأيتُكَ فيه كانَ عَصِيباً، أذْكرُ شجَارِي معَ والِدَتي صَباحَاً، إنَّهُ شِجَارُنا المُعتادُ، أرَادَت منّي أن أفتح مخزنَاً للأدوية بدَلَ الصيدليَّة، لأنَّ المخزن يدرُّ مالاً أكثر، كأنَّها هي من ستعملُ وهي من ستقبَضُ المالَ!
علَى كلٍّ، حَوالِي الثَّامِنَة مَساءً، بعدَ أَن أنهَيْتُ عَملِي و أغلقْتُ صَيدَليَّتِي، توجَّهْتُ إلى مَقهايَ المُعتاد، الَّذي رأيتُكَ فيهِ في اليومِ السَّابقِ بِنَفسِ السَّاعة. أنَا لَا أجلِس هُنَا يوميّاً عادةَ، رُبّما مرَّةً او اثنتَينِ كُلَّ عَشْرِ أيَّامٍ.
صلَّيتُ كثِيراً ألَّا تكونَ هُناكَ، لأنّ أيّ تصرُّفٍ غبِيٍّ سيصْدُرُ منكَ سيسبّبُ انفجارِيَ عليكَ وتفريغَ غَضَبي المُتراكِمَ مِنَ البارحة، حينَها لن تَسلَمَ مِنّي، لكن في الوَقتِ عَيْنِه أحدُ أسبابِ مَجِيئي كانَ كَي أرَاكَ وأستَعِيدَ مَاء وجهِي.
حِينَ دخلْتُ، وجدْتُ فقط طاولتَيْنِ شَاغِرَتَيْنِ، الطَّاولة الَّتي أجلسُ عليها مُعظَمَ الأحيانِ لَم تكنْ شاغرة، لذا توجَّهْتُ لطاولةٍ فِي زاويةِ المقهى تُطلُّ على كلّ الطّاولات، و على الواجِهة الزُّجاجيَّة للمقهى.
حينَ جلسْتُ، ألقيتُ نظرةً سريعةً عَلى المَوجودينَ في المَقهى، تنفّسْتُ الصُّعداء حينَ لمْ أجدْكَ.طلبْتُ فُنجَانَ نسكافيه مُحلّى، كعادَتِي، و شردْتُ حتَّى وصلَ طلبِي، فورَ أنْ وضع النَّادلُ النسكافيه أمامِي، حتَّى سمعت صوتَ صُراخِ في الجهةِ المقابلة من الشّارع، كان الصَّوت يعود لرجلٍ، لم أستطع رؤية وجهه، لكنَّه كان ضخمَ البنيةِ سميناً، وكان يصرخُ في وجه امرأة.
طبعاً، الجميعُ وقفَ يشاهده يَصيحُ بها و يدفعُها للخلفِ حتَّى وقعَتْ أرضَاً، لم أستطع فهم أيِّ كلمة يصرخ بها، النَّاسُ حولي بدؤوا يتهامسُون إنْ كان عليهم الاتّصال بالشرطة، طلبْتُ من النادل أن يبقيَ طاولتي مَحجوزة ريثما أعود، وخرجْتُ من المقهى متوجهة لذٰلك الرجل.
كما تعلمُ يا لوكي، لسْتُ امرأةً تحبّ المشاكلَ بطبعها، لكن بنفسِ الوقت، لا أستطيع السُّكوت عن الظلم، رغمَ أنَّ كل الناس حولي في ذلك الوقتِ لم يفعلوا شيئاً سِوى المُشاهدة، بالرُّغم مِن أنَّهُ بدأ يضربها، ربّما هذا ما ينتجُ حين يكون والدك رجلَ حربٍ.
"لمَ لا تستقوي على أحدٍ بحجمكَ، يا خنزير" خرج صَوتي هادئاً حادّاً عندما أصبحْتُ بجانبهِ، ليستدير ينفثُ غضباً، سمعْتُ أحداً خلفِي يطلبُ منِّي الابتعاد، فالشّرطة في طريقِها إلينَا، لكنّني تجاهلْتُ طلبَه.
اقتربَ منِّي السَّمين، كان ينظر لي باستحقار ثمَّ قالَ بصوتٍ مُقرفٍ عميقٍ "ماذا قلتِ يا لعينة؟"تحدثَ ثم رفع يده ليوجه لي لكمة، لكنني تفاديتها ثم ضربته على حنجرته بقبضتي، بعدها سدَّدتُ لكمةً على وجهِه ليسقطَ أرضاً، محاولاً التَّنفُّس.
![](https://img.wattpad.com/cover/265832293-288-k599271.jpg)
أنت تقرأ
نور الإله
Fanfictionمئات من السِّنين داخل سجن الوحدة، بعضها خلف قضبان حقيقية، يتذوّق الألم من ملاعق الشياطين، وبعضها حرٌّ طليقٌ بدون منزلٍ يبثُّ في روحه الأمان، لكن إن قرَّر يوماً الهرب، هل سينجو بحياته؟ أم أنّ أصابع الظّلمات ستبقى تدغدغه لتخرج أسوأ مافيهِ، هل سيجد نور...