رِحـلةُ النَـبي إلى الطـائِف

415 27 0
                                    

صَفَّينِ من سفهاء وصبيان أهل الطائف كلٌ منهم بيده حجارة، والنبي ﷺ يمشي بينهم لا يرفع رجل ويخفض أخرى إلا وقد رجموه بها..

وتسأل عائشةُ النبي ﷺ: هل أتى عليك يومٌ أشد من أُحد؟
فيقول بحزن: كان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة -في الطائف-

ضاقت مكة على النبي ﷺ وماعادت مكة مثل ما كانت، زاد إيذاءُ الكفار للنبي والمسلمين ولكن أين عم النبي ابو طالب حصنه الحصين وظهره العزيز؟ لم يكن موجودا! عاد النبي إلى البيت ليشكو إلى خديجة ما جرى له، أين حبيبة القلب، وأنيسة المجلس، وأم البنيات، أين هي خديجة؟ لم تكن موجودة أيضًا!

هذا لأنهم ماتوا جميعًا في عامٍ واحد "عام الحزن" في ذلك العام وذلك الوقت الصعب ضَيَّقَ الكفار على المسلمين وهم في فيه بأضعف أحوالهم؛ فذهب النبي ﷺ ليبحث عن النصرة فاستبشر في أهل الطائف خيرا، وكان المشركين قد ضيقوا على النبي وما كانوا بتاركي النبي أن يذهبَ ويستنصر أحدا!

فأخذ النبي زيد بن الحارث وقد كان يسمى "بزيد بن محمد" فقد كان النبي مُتبنيه -قبل أمر منع التبني- فانطلق إلى الطائف من غير ما دابةٍ تحمله فقط هو وزيد وكل من رآه من الكفار
قال: ذهب محمد وابنه من غير دابة إلى مكان قريب.

فتكبّد النبي ﷺ عناء الطريق من مكة إلى الطائف سيرًا على الأقدام لأجل الرسالة العظيمة، خرج من مكة وفِي قلبه أمل ولكن ذلك الأمل أخذ يتلاشى شيئًا فشيئا، ففي طريقه مرّ على عدد من القبائل ووقف عند كل قبيلة يدعوهم فما كان من أمرهم إلا أن صدوا عنه
فحمل النبي ﷺ خذلانهم إياه معه وتسلق به جبال الطائف فدخل إلى سادات ثقيف،
وكانوا ثلاثة أخوة: عبد ياليل، ومسعود، وحبيب بنو عمرو بن عمير وعند أحدهم امرأة من قريش من بني جمح،
فدعاهم أن قولوا: "لا اله إلا الله وذروا ما تعبدون دونه"

فلما انتهى من كلامه ثلاثة أجوبة من ثلاثة إخوة كانت سبب في أن يلاقي النبيُّ الكريم ﷺ أشد أيام حياته،
قال الأول هو يمرط ثياب الكعبة -أي يمزقها- : إن كان الله أرسلك. وقال الثاني: أما وجد الله أحدًا ليرسله غيرك؟
وقال الثالث: والله لا أكلمك أبدا، لئن كنت رسولًا من الله كما تقول لأنت أعظم خطرًا من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك.

كانت تلك الردود كفيلة أن تطفىء شعلة الأمل في صدر نبينا الكريم ﷺ شطر سادات الطائف
فقال لهم: إن فعلتم ما فعلتم فاكتموه عني.

لا يريد النبي ﷺ ان تعرف قريش انه ذهب يبحث النصرة عند ثقيف ولكن الأخوة لم يتوقفوا عند نشر الخبر فقط بل دعو عليه سفهاءهم وعبيدهم يرجمونه ويسبونه ويصيحون به!،
فاجتمعَ صفّان من السفهاء والصبيان، وأصوات الحجارة تكاد تعلوا أصواتهم في الشتم والصياح على النبي ﷺ، وكان هو وزيد وسطهم مستضعفين في دينهم لا ملجأ لهم إلا الله..

السِـيرة النَـبوية(قصص عن حياة النبي)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن